Author

مياه الشمس

|
يعاني ما يقرب من 2.1 مليار شخص في جميع أنحاء العالم عدم إمكانية الوصول الفوري إلى مياه الشرب النظيفة. وقد طور باحثون في الكيمياء الكهربائية التطبيقية والتحفيز الكهربائي من مجموعة الأبحاث في جامعة أليكانتي نظاما قائما بذاته لتحلية المياه ومعالجتها من خلال التحفيز الكهربائي. وهذا النظام يعمل مباشرة بالطاقة الشمسية ويمكن تطبيقه في المناطق البعيدة عن الشبكة. وهذه التقنية المصممة فقط لتحلية المياه هي تقنية صديقة للبيئة ومستدامة، حيث يتم توفير الطاقة من الألواح الشمسية الضوئية في عملية خالية من ثاني أكسيد الكربون وبالتالي لا تسهم في تغير المناخ. وتتألف الألواح من مواد خاصة وتستخدم أشعة الشمس لإنتاج الحرارة ما يسمح لها بجمع بخار الماء من الهواء، ثم يتم تعقيم البخار المحصود وتحويله إلى سائل. ويضيف الجهاز المعادن لزيادة مستويات الرقم الهيدروجيني للمياه "لجعل طعمها يشبه أكثر المياه المعبأة في زجاجات"، ويتم تخزينها تحت الألواح في خزان سعة 30 لترا. وأخيرا تنتقل المياه من الخزان عبر أنبوب إلى صنبور، ويتم تخصيص النسق بناء على احتياجات العميل. ووفقا لمدير مجموعة الأبحاث لفيسنتي مونتييل فإن "النظام الجديد لا يتطلب أي بطاريات ولا ينطوي على أي تكاليف اقتصادية وبيئية لإدارة البطاريات الفارغة، كما يمكن تكييفه وتطبيقه لمعالجة المياه الواردة من عديد من المصادر المختلفة مثل مياه البحر، والآبار التي تحتوي على المياه المالحة، ومحطات المعالجة، والعمليات الصناعية، وما إلى ذلك، ما يجعله مناسبا بشكل خاص للمناطق النائية البعيدة عن الشبكة". وبناء على ذلك يمكن استخدام هذه المعدات للحصول على المياه النظيفة للاستهلاك البشري والري وتنظيف الشوارع وغيرها، عندما لا تكون هناك شبكة طاقة متاحة وبعد الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والحرائق. ويضيف مونتيل أيضا موضحا أن "التقنية التي قمنا بتصميمها يمكن أن تكون حلا محتملا للجفاف تماما مثل محطات التناضح". وتمتلك مجموعة الأبحاث بالفعل محطة تجريبية قادرة على توليد متر مكعب من مياه الشرب كل يوم. ويتم الآن البحث عن شركات مهتمة بالاستغلال التجاري لهذه التقنية من خلال الترخيص و/أو اتفاقات التعاون التقني. ويقول مونتيل "إن هذه ليست تقنية جديدة، حيث استخدم التحليل الكهربائي لسنوات عديدة لأغراض تحلية المياه في جزر الكناري، والجديد في هذه التقنية المتقدمة هو أن جميع الكهرباء التي يتم توفيرها لهذا النظام تأتي من حقل الطاقة الشمسية الضوئية". وبشكل أكثر تحديدا لا يمكن استخدام هذه التقنية إلا لمعالجة المياه ذات المحتوى الملحي الذي يتجاوز الاستهلاك البشري أو متطلبات الري. أما إذا كان الماء يعاني مشكلات أخرى ــ مثل احتوائه على مواد عضوية ــ فلا يمكن تطبيق هذه التقنية". ومن النتائج الثانوية لجميع عمليات تحلية المياه بقاء كمية معينة من المياه التي على الرغم من معالجتها تظل غير صالحة للاستهلاك البشري أو الري، حيث يكون تركيز الملح فيها أعلى بكثير مما كان عليه قبل المعالجة وتعرف باسم "المياه المنبوذة". غير أن مدير مجموعة أبحاث الكيمياء الكهربائية التطبيقية والتحفيز الكهربائي يشير إلى أنه "مع النظام المصمم الجديد أصبح من الممكن ــ على سبيل المثال ــ التحكم في درجة ملوحة المياه المنبوذة بحيث تشبه ملوحة مياه البحر". والهدف النهائي هو إحداث تغيير أساسي في علاقة الناس بالمياه وتحقيق الاستقلال التام للمياه في أي مكان على هذا الكوكب. ومن مزايا هذه التقنية الجديدة أنها جعلت من الممكن استرداد ما يقرب من 80 في المائة أو 90 في المائة من جميع المياه المعالجة. إلى جانب ذلك فإنها تضمن أقصى استغلال للطاقة التي توفرها الألواح عند التعرض لأشعة الشمس، ودرجة توافرها أيضا مرتفعة لأنها تتيح تراكم المياه المعالجة لاستخدامها في الفترات التي لا توفر فيها مصادر الطاقة المتجددة ما يكفي من الطاقة.
إنشرها