Author

تكريم المتبرعات

|


تستمر الأخبار السيئة في محاصرة الواحد منا، لدرجة أنه يفرح لرؤية أي خبر سعيد يوحي باستمرار الحب والتضحية لدى الناس. رغم أن التضحية في أفراد الأسرة الواحدة متوقع ومطلوب، لكنه يستحق أن نشيد به عندما نشاهده. التغييرات الاجتماعية التي نعيشها أدت لكثير من التباعد بين أفراد الأسرة الواحدة، ولعل البحث في الجمال الداخلي لدى كل واحد منا يسهم في تقديم صورة أجمل للمجتمع بكليته.
عندما قرأت عن تبرع سيدة لزوجها بجزء من كبدها وتبرع فتاة لأمها بكليتها، تذكرت أننا لابد أن ننشر مثل هذه اللفتات الجميلة، ونعين على تتبع ما يماثلها في كل مناطق البلاد. أثق بأن هناك كثيرا مما يمكن أن نجده في مجتمعنا من الأخبار الجيدة التي تدل على جمال الأسرة وتماسكها وقوة لحمتها وهذا يعطيها الحق في أن تأخذ حقها من التفرد الإعلامي. قد يقول كثيرون إن الإعلام مفتون بالقضايا الجدلية والغريبة والسلبية، وهو كذلك في كثير من الأحيان. لكنه يستطيع أن يعين المجتمع ليعود إلى مفاهيم المحبة والتعاون التي نبحث عنها جميعا.
لقد أحسنت الجمعيات التي رعت تكريم هاتين السيدتين حين خصصت ليلة فرح للإشادة بعملهما، وهي ما دامت فعلت ذلك، فإنها تعتبر بانية ومؤطرة لمفاهيم نحتاج إلى أن نراها في المجتمع بشكل أكثر وضوحا. أمانات المدن يمكن أن تفعل ذلك، والغرف التجارية، وكذلك المنشآت الصحية والمنشآت التربوية يمكن أن تحقق مثل هذا التكريم وتنشر هذه الأعمال على الجميع.
إن التحول نحو تكوين منظومات تدعم العمل التطوعي والتبرع بالأعضاء الذي يحتاج إليه المجتمع اليوم أكثر من أي وقت مضى، يجعلنا أكثر تقاربا وإنسانية، وهو يتطلب أن نتابع الأخبار، ونهتم بمن يعطون من ذواتهم ليكونوا قدوة للمجتمع، ولتصبح الأثرة والتعاون والتواد شعارات مهمة نصنع منها غدا أكثر إشراقا.
إن تحول هذه الحالات من مجرد خبر ينشر هنا أو هناك إلى حالة من الدعم والتشجيع الواقعي والمغطى إعلاميا، يرسخ هذه القيم في قلوب وعقول النشء ويعيد للمجتمع كثيرا مما يمكن أن يفقده إياه اللهاث في وقت كثرت فيه المشاغل وقل فيه الزمن الذي يمكن أن نقدمه لمن نحب على كل المستويات.

إنشرها