Author

التناسب بين الإناث والذكور عبر الدول

|
التوازن النوعي من المسائل المهمة التي ينبغي مراعاتها في المجتمع، ويقاس التوازن النوعي بأساليب متعددة، منها مدى التناسب بين الذكور والإناث، من خلال قسمة عدد الذكور على عدد الإناث ثم ضربه في 100. ويحتل التركيب أو التوازن النوعي أهمية كبيرة، لتأثيره في عديد من المتغيرات والخصائص السكانية وتأثره بها. فكون الإنسان ذكرا أو أنثى يؤثر في احتياجاته، ومتطلباته، وسلوكياته، وأنشطته، وكذلك الأدوار التي يقوم بها في المجتمع، والمهن التي يمارسها في معظم الأحيان. كما أن التركيب النوعي يؤثر في العمليات الديموغرافية الثلاث "الإنجاب والوفيات والهجرة" ويتأثر بها. وعلى مستوى العالم، هناك شبه تناسب بين الذكور والإناث، ولكن نسبة النوع شهدت تفاوتا من فترة زمنية إلى أخرى، ففي عام 1950 كانت نسبة النوع 99.7، أي أن هناك زيادة طفيفة لصالح الإناث، ولكن هذه النسبة مرت بتزايد تدريجي إلى أن وصلت إلى 101.8 في عام 2015، أي أن هناك نحو 102 ذكر مقابل 100 أنثى. أي أن الوضع انعكس لصالح الذكور، ولكن اطمئنوا – أيها الرجال – فالتوقعات تشير إلى أن هناك اتجاها للتوازن النوعي عند نهاية القرن الحالي. التفاوت في نسب النوع لا يقتصر على الفترات الزمنية، بل هناك تفاوت كبير بين أقاليم العالم، وكذلك بين الدول. ففي الدول المتقدمة، يطغى عدد الإناث على عدد الذكور، حيث يكون هناك 95 ذكرا مقابل كل 100 أنثى. وعكس ذلك يلاحظ في الدول النامية، إذ تقدر بها نسبة النوع نحو 103 ذكور مقابل كل 100 أنثى. أما على مستوى الدول، فالصين لها حكاية خاصة مع نسبة النوع. تصل نسبة النوع لإجمالي سكانها 106 ذكور لكل 100 أنثى، وذلك نتيجة سياسة الطفل الواحد، التي طبقتها لعدد من العقود، التي تتناقض مع رغبات الناس نحو تفضيل إنجاب الذكور أكثر من الإناث، ويتضح هذا التفضيل جليا عند حساب نسبة النوع عند الميلاد، التي تصل في الصين إلى 116 مولودا ذكرا مقابل 100 أنثى "أعلى نسبة في العالم". هذا بلا شك، يعكس ممارسة اختيار "جنس" الجنين قبل الولادة. وليس ببعيد عن الصين من الناحية الجغرافية، تقع اليابان، التي تنخفض بها نسبة النوع إلى 96 ذكرا مقابل 100 أنثى، وذلك نتيجة بقاء الإناث لأعمار أطول من الذكور، فالمرأة تعيش في اليابان في المتوسط إلى 87 سنة، في حين يعيش الرجل الياباني 81 سنة فقط. وتجدر الإشارة إلى أن اليابانيين يعيشون أطول الأعمار على مستوى العالم. وخلال رحلتنا إلى شرق الكرة الأرضية، ربما يبرز في ذهن القارئ، ما الدول التي يزيد فيها عدد الإناث على الذكور؟ والإجابة هي الدول الأوروبية، عموما، التي تزداد فيها أعداد الإناث مقارنة بالذكور. ففي روسيا البيضاء، هناك 87 ذكرا مقابل كل 100 أنثى، وفي روسيا 87، وإستونيا 88. هذه النسب تدل على فائض كبير من الإناث مقارنة ببعض الدول الآسيوية، مثل باكستان 106، أو دول الخليج العربي عموما. ومن الملاحظ أن ألبانيا هي، الدولة الأوروبية الوحيدة، التي يزيد فيها عدد الذكور على عدد الإناث. وأختتم المقال بمشاهدة غريبة بعض الشيء، تتمثل في أن نسبة النوع عند الميلاد، أي التناسب النوعي للمواليد، ترتفع كثيرا في الصين "116"، والهند "111"، وفيتنام "112"، وأرمينيا "114"، وأذربيجان "116"، مقارنة بالنسبة المعتادة "105" في المجتمعات البشرية، ما يدل على أن هذه المجتمعات، ربما تمارس اختيار جنس الجنين قبل الولادة. وهذا يتنافى مع الأخلاق الإنسانية، ويسبب نقصا في الإناث على المدى الطويل.
إنشرها