Author

خطة الطاقة الشمسية السعودية لاستدامة الريادة

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
خطة المملكة للطاقة الشمسية 2030 تؤسس لمرحلة جديدة تبقى فيها المملكة في مركز الريادة كإحدى أكبر الدول المنتجة للطاقة في العالم، فقد وقع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة في السعودية يوم الثلاثاء 11 رجب 1439هـ الموافق 27 آذار (مارس) 2018 مع ماسايوشي سون، رئيس مجلس الإدارة لصندوق رؤية سوفت بنك مذكرة تفاهم لإنشاء "خطة الطاقة الشمسية 2030" التي تعد الأكبر في العالم في مجال الطاقة الشمسية. وتشكل هذه الاتفاقية إطارا جديدا لتطوير قطاع الطاقة الشمسية في السعودية، وسيتم بموجبها تأسيس شركة جديدة لتوليد الطاقة الشمسية، بدءا إطلاق العمل على محطتين شمسيتين بقدرة ثلاثة جيجاواط و4.2 جيجاواط بحلول عام 2019 والعمل أيضا على تصنيع وتطوير الألواح الشمسية في السعودية لتوليد الطاقة الشمسية بقدرة ما بين 150 جيجاواط و200 جيجاواط بحلول 2030. الحديث عن مثل هذه المشاريع العملاقة الاستثمارية لم يكن في السابق ضمن الأجندة التي يتطلع إليها المجتمع، فإلى وقت قريب كان يتحدث أحد التقارير عن أن المملكة ستستهلك جميع ما تنتجه من النفط بحلول عام 2030، وهذا التقرير غير منطقي باعتبار أن المملكة تعتمد بشكل شبه كامل على الدخل الناتج عن النفط، وهذا مؤشر خطير لو لم تتخذ إجراءات تحد من حجم الاستهلاك للنفط، إضافة إلى تنويع مصادر الدخل وإيجاد البدائل التي تجعل من النفط دخلا إضافيا لا تعتمد عليه الميزانية الحكومية. الحقيقة أن هذا المشروع ليس الوحيد، ولكن له ميزة نسبية مقارنة بالمشاريع الأخرى التي تعتزم المملكة البدء فيها، أو أنها فعليا قطعت شوطا فيها، والميزة لمثل هذا المشروع من عدة جوانب؛ الأول أن هذا المشروع يبقي المملكة في مركز الريادة في مجال الطاقة هذه الميزة التي كانت للمملكة منذ عقود والطاقة لها أهمية كبيرة في كثير من أمور الحياة، فهي ليست أهمية اقتصادية فقط، بل لها أبعاد جعلت من المملكة رقما صعبا على المستوى الاقتصادي إضافة إلى الجانب السياسي، حيث إن النفط وأسعاره جعلا للمملكة مكانة خاصة بين كبريات الدول، حيث إنها تعد أحد أكبر مصدري النفط في العالم، فلذلك أصبح لها ثقل سياسي لا يقل عن ثقلها الاقتصادي. ثانيا: أن المملكة لديها إمكانات هائلة فيما يتعلق بالطاقة النظيفة خصوصا الطاقة الشمسية، فمعظم العام لا تجد ما يحجب ضوء الشمس في معظم مناطق المملكة، ما يمكن من الحصول على كميات هائلة من الطاقة النظيفة من خلال الطاقة الشمسية لاعتماد معظم المناطق بشكل جزئي أو كلي على الطاقة الشمسية. ثالثا: إن الدراسات والأبحاث متقدمة جدا في مجال الطاقة الشمسية، فمن الممكن وقبل أن ينضب النفط ألا يعتمد الناس عليه فيصبح سلعة لا قيمة لها تذكر ولا تغطي تكلفة إنتاجه، ومن هنا تأتي أهمية التفكير في البدائل قبل الوصول إلى مرحلة يصعب معها التغيير، ما قد يضر بالاقتصاد بصورة كبيرة. ولذلك من المهم النظر في موضوعات مرتبطة بهذا المشروع من اتجاهات متعددة، فهو ليس مشروعا عاديا فلا بد أن يتضمن مجموعة من الإجراءات التي تسبقه، فقد يحتاج هذا المشروع إلى عدد هائل من القوى العاملة التي يتوقع أن تتجاوز 100 ألف، وهذا يتطلب إعداد هذه الكوادر، وهنا تأتي مسؤولية الجامعات في بناء برامج متخصصة في مجال الطاقة النظيفة عموما خصوصا الطاقة الشمسية، إذ إن المدة المتوقعة لإنجاز المراحل الأولى منه قريبة جدا ولا يظهر وجود برامج متخصصة في هذا المجال في الجامعات حاليا. من المهم أيضا العناية بإنشاء المراكز المتخصصة في مجال الطاقة المتجددة، وأن يكون لها إسهام في هذه المشاريع بصورة مباشرة لعمل الدراسات المتخصصة، وتقديم الحلول فيما يتعلق بالعوائق المحتملة، كما أنه لا بد من أن يشارك القطاع الخاص ويكون له إسهام في الاستثمارات النوعية فهو يعتمد على الطريق السهل الواضح حاليا ولا يوجد ما يحفزه على الدخول في مثل هذه المشاريع النوعية فهو تحد له، ومع محدودية في القطاع التقليدي مثل الاستثمار العقاري حاليا لا بد أن يهيئ القطاع الخاص نفسه للمتغيرات الحالية في المملكة وإلا سيجد نفسه خارج المنافسة وغير قادر على البقاء مع وجود مستثمرين من مختلف دول العالم. فالخلاصة أن خطة المملكة للطاقة الشمسية 2030 هي تحول كبير يجعل لدى أبناء هذا البلد الأمل في البقاء في مركز الريادة فيما يتعلق بالطاقة، خصوصا مع تزايد استهلاك الطاقة محليا، ووجود بدائل عالميا قد تحد من حجم استخدام النفط في المستقبل، وهنا تأتي أهمية أن يتزامن هذا المشروع مع وجود عمل مشترك مواز له من قبل المؤسسات التعليمية والبحثية، إضافة إلى أهمية أن يشارك القطاع الخاص فيه ليجاري التوجه العام للاقتصاد الذي تقلصت فيه الفرص التقليدية.
إنشرها