Author

إمكانية تنشيط الوعي

|


أمر معيب أن يختلف أصدقاء بسبب ميول رياضية أو مواقف ثقافية أو اجتماعية... إلخ. لكن واقع الحال يؤكد أن خلافات عدة، تحدث بين عقلاء، في قضايا معظمها لا ناقة لهم فيها ولا جمل. وقد كرست مواقع التواصل الاجتماعي هذا التطرف، ولم تساعد على تغليب فكرة احترام الآراء.
كثير من المتحاورين ـــ إلا من رحم الله ـــ يتعامل مع المختلف في الرأي، بنوع من التعسف والإيذاء، فإن لم تكن معي فأنت ضدي. والحقيقة أن هذه الفكرة، لا تبدو بهذه الحدية، في معظم القضايا، إذ ما الذي يضير أن يكون شخص مع ناد وآخر مع ناد ثان، وما الذي يغيظ شاعرا تقليديا، إن وجد شاعرا يفضل نمط القصيدة الحديثة.
هذه الأمثلة البسيطة، تغطي جزءا من مشهد حوار كان ولا يزال سائدا. وقد وجد المتربصون في التباينات السياسية والدينية والطائفية فرصة لتعميق الشروخ في بنية المجتمعات.
من الملاحظ أن أكثرنا يجزم أنه يؤمن بالاختلافات والفروقات في الأفكار والرؤى. ولكن هذا الوهم سرعان ما يتلاشى، إذ سرعان ما ينطلق الذئب من الداخل، محاولا نهش المختلف وافتراسه، في قضايا لا تستحق مثل هذا السلوك.
يندرج تحت كل ما سبق أعراض جانبية منها : عنصرية وإقصائية تفضي في النهاية إلى مخاطر.
عندما نقارن العالم العربي قبل الثمانينيات، وننظر إليه الآن، سنكتشف أن كثيرا من التباينات لم تكن ظاهرة بشكلها الحالي. لقد تم تفجير الأفكار الإقصائية وأصبح الأشقاء يخوضون حروب الهوية بل الهويات على حساب الوطن.
لقد تناول أمين معلوف الكاتب الفرنسي من أصل لبناني هذه الإشكالية عبر كتابات متعددة أبرزها كتابه "الهويات القاتلة". تمنيت أن تنتقل أفكار هذا الكتاب الذي تعرض للسرقة من كاتب آخر، من مجرد فعل مرتبط بحقوق الملكية الفكرية، إلى وعي مجتمعي عربي. لم يحدث ذلك مع الأسف.

إنشرها