Author

التحول إلى السيارات الكهربائية أبطأ من المتوقع

|

السيارات الكهربائية آخذة في الازدياد، هذا هو العنوان الذي كثيرا ما قرأناه على مدار العام الماضي. يبدو كأنه أمر حتمية: ثورة السيارات الكهربائية قريبة جدا، ونهاية الطلب المتزايد على النفط باتت وشيكا. ومع ذلك، يستمر الاستهلاك العالمي للنفط في الارتفاع، مدفوعا في الأغلب بانخفاض أسعار النفط والطلب القوي من قطاع النقل.
خلال العام الماضي لم يتم القضاء على أي وجه من أوجه القصور الأساسية للسيارات الكهربائية: لم يكن هناك اختراق في تكنولوجيا البطاريات، ومن غير المرجح أن نرى واحدة في هذا العام. لا تزال السيارات الكهربائية تعتمد بشدة على الدعم الحكومي وستبقى كذلك إلى حين. حتى مع العدد المنخفض اليوم للسيارات الكهربائية، فإن عدم كفاية البنية التحتية للشحن هو بالفعل عامل مقيد. سيستمر انخفاض أسعار النفط في ضمان بقاء أسعار البنزين ميسورة، ما يبطئ التحول إلى السيارات الكهربائية.
ما تغير في عام 2017 هو موقف بعض الحكومات، حيث إن دولا أوروبية مثل فرنسا، المملكة المتحدة، وهولندا تقود الطريق بوضع خطط لحظر استخدام سيارات البنزين والديزل في المستقبل. على الرغم من ذلك، في معظم الحالات لا تشمل حالات الحظر المقترحة السيارات الهجينة ذات محرك الاحتراق الداخلي. لا تزال الرسالة الأساسية هي أن سياسات الحكومات، بدلا من الاقتصاد، ستكون المحرك الأكبر لكهربة قطاع النقل.
في هذه الأثناء، تظل كثافة الطاقة، مدى القيادة، أوقات الشحن، وتكاليف الإنتاج تحديات كبيرة لتكنولوجيا البطاريات. في غياب بنية تحتية كافية للشحن وبنحو 80 في المائة من الشحن في المنازل خلال الليل، فإن السيارات الكهربائية بعيدة كل البعد عن اكتساب حصة سوقية، حيث تكون هناك حاجة إليها أكثر من غيرها: في المدن الكثيفة ذات الهواء الملوث.
حتى في النرويج الرائدة على المستوى العالمي، يجب أن يكون لدى الناس بعض وسائل الشحن المنزلي قبل أن يتمكنوا من شراء سيارة كهربائية، حيث يتم استخدام أجهزة الشحن العامة في المدن على مدار 24 ساعة سبعة أيام في الأسبوع. الإثارة حول إعلان شركة شل عن محطات شحن جديدة في المملكة المتحدة تجاهلت حقيقة أن شحن السيارات الكهربائية هناك سيكلف تقريبا مثل ملء خزان بالبنزين، مع أنه، في أفضل الأحوال، سيكون هناك انتظار أطول 20 مرة وفقط نصف مدى قيادة السيارة الاعتيادية مع خزان كامل.
تشير معظم الدراسات إلى أن تخفيضات كبيرة في تكاليف البطاريات قد لا تحدث على الأرجح قريبا بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام نتيجة ارتفاع الطلب عليها. وهذا سيجعل السيارات الكهربائية أكثر اعتمادا على الدعم الحكومي. وسيتم اختبار التزام الحكومات بالإعانات بشكل كبير في هذا العام، بعد قرار النرويج الأخير فرض ضريبة على السيارات الكهربائية الثقيلة.
من وجهة نظر الطلب على النفط، يتمثل المقياس الرئيس في الزيادة في أرقام السيارات المطلقة، وليس معدلات النمو المئوية. خلال النصف الأول من عام 2017، ارتفعت مبيعات سيارات الدفع الرباعي في أكبر ثلاث أسواق للسيارات في العالم (الصين، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي) بنسبة 11 في المائة على أساس سنوي، في حين نمت مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 35 في المائة. لكن، من حيث القيمة المطلقة كان النمو 1.2 مليون سيارة دفع رباعي مقابل 91 ألف سيارة كهربائية.
باعت أفضل ثلاث سيارات مبيعا في الولايات المتحدة ـــ فورد الفئةF، شيفروليه سيلفرادو، وكامش رام ـــ ما مجموعه 1.5 مليون سيارة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، مقارنة بـ 330 ألف سيارة كهربائية هناك. سيستمر هذا الاتجاه على مستوى العالم في هذا العام أيضا، ما يدعم نمو الطلب على النفط.
ستحصل السيارات الكهربائية على حصة في السوق على المدى الطويل، لكن كثيرين يقللون من شأن بطء التحول. تحتاج سيارات الديزل في أوروبا إلى 20 عاما لزيادة حصة أسطولها من 10 في المائة إلى 40 في المائة – مع البنية التحتية القائمة (محطات الخدمة)، التكنولوجيا الناضجة (محركات الديزل)، والدعم الحكومي (انخفاض أسعار الديزل). بالنسبة للسيارات الكهربائية، سيستغرق الأمر وقتا أطول من دون دعم الحكومات.
لذلك يعتقد معظم المحللين أن أكبر محرك في عام 2018 سيكون الصين، التي أعلنت حظرا مستقبليا على سيارات البنزين، ولكن دون تحديد موعد. استحوذت الصين على 40 في المائة (مليوني برميل في اليوم) من نمو الطلب العالمي على البنزين منذ عام 2002 وتمثل ثلث مبيعات السيارات العالمية، بنحو 25 مليونا في السنة. وبالتالي، فإن فرض حظر صيني على سيارات الاحتراق الداخلي من شأنه أن يعيد تشكيل صناعة السيارات العالمية بشكل جذري، ما قد يمهد الطريق إلى تسريع كهربة قطاع النقل البري ككل.
بعد عام 2018، تشير معظم الدراسات إلى أن الطلب العالمي على البنزين سيصل إلى ذروته بعد عام 2030 ـــ ولكن نتيجة المكاسب في الاقتصاد في استهلاك الوقود، وليس من السيارات الكهربائية. في الختام، من الممكن أن يستمر محرك الاحتراق الداخلي لفترة طويلة. ويرى كثيرون أن السيارات الهجينة ـــ التي تجمع أفضل ما في النوعين وغير خاضعة لحظر الحكومات ـــ ستحصل على حصة سوقية أكبر من السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية.

إنشرها