Author

ولي العهد .. بلاغة بلغة الأرقام

|

ليس هناك كلام آخر بعد الأرقام. ومهما كانت بلاغة الكلام ودلالاته، تبقى الأرقام حقيقة تختصر الزمن بواقعيتها، والأهم تضع الأشياء في مواقعها الصحيحة، وفي معاييرها المستحقة، وفي استراتيجيتها الواضحة. وهي تعكس الإنجازات، بعيدا عن الوعود والتمنيات. إن لغة الأرقام بليغة بنتائجها، ولأنها كذلك فإنها ترسم معالم الطريق بصورة أفضل وأوضح للمضي نحو تحقيق الأهداف. والأرقام لا تترك مجالا حتى للتبريرات. فهي هكذا، والتعاطي معها يجب أن يكون بمستوى واقعيتها. وهي أيضا تغلق أي باب للجدل. والمملكة، في ظل القيادة السياسية، تخلصت من "اللغات" الأخرى، لمصلحة الحقيقة، أو لنقل هنا، لمصلحة النتائج. وهذه النتائج لا بد أن تتحدث عن نفسها، لأنها تستند إلى أرقام محددة. ومن هنا، (مثلا) يمكن النظر، إلى مشاريع نفذتها السعودية ضمن "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. وكيف أنها أتت بأرقامها المحددة سلفا حتى قبل انتهاء مواعيد تنفيذها.
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يخاطب العالم بالأرقام في كل مناسبة تستدعي ذلك، ويطرح الحقائق كما هي، بعيدا عن المجاملات "أو لنقل التجميل". ومن هنا اكتسب احتراما وتقديرا كبيرين، خصوصا لدى القيادات العالمية التي لا تؤمن بنتائج الأشياء، وأسهمت الصداقات التي بناها على هذا الأساس في تطوير العلاقات مع البلدان المؤثرة في هذا العالم، الأمر الذي اختصر كثيرا من الزمن، ووفر كثيرا من الوقت للانطلاق لآفاق جديدة. والأمير محمد، خاطب المسؤولين الأمريكيين بهذه اللغة التي يفهمونها تماما، خلال زيارته (جولته) للولايات المتحدة. وقدم لهم كل الحقائق التي تدعم الشراكة الاستراتيجية التاريخية بين السعودية وبلادهم، والأهم الأرقام التي تدفع بهذه الشراكة إلى آفاق بعيدة جدا، خصوصا أنها تشمل كل شيء تقريبا، وسط تناغم في الرؤى حول غالبية الطروحات.
ومع ولي العهد مخطط هائل لم تشهده المنطقة يجري تنفيذه حاليا، يدعم حراكه على الساحة الدولية ككل، وعلى الساحة الأمريكية بوجه خاص، لأن الشراكة بين الرياض وواشنطن تاريخية عميقة متجذرة متطورة متجددة مرنة. أي أنها قابلة للتحول الإيجابي عندما يستدعي الأمر ذلك، بأكبر سلاسة ممكنة. فالشركات الأمريكية (مثلا) الأكثر استثمارا في المملكة، بينما وصل الحراك الاستثماري السعودي في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياته، من خلال مشاريع قديمة تجددت، أو مشاريع جديدة أطلقت. ناهيك (طبعا) عن المشاريع المقبلة التي تفرزها الاتصالات واللقاءات التي لا تنقطع بين الطرفين. ففي المرحلة المقبلة ستكون هناك استثمارات متبادلة تصل إلى 200 مليار دولار. والرياض تمتلك مشاريع على الساحة الأمريكية تدخل في صلب المجتمع الأمريكي من خلال تشغيل الأمريكيين. وهذه النقطة تهم أي دولة في العالم تريد أن تبني علاقات مميزة مع دولة أخرى.
الأرقام تتحدث عن نفسها، خصوصا عندما يكون المتعاطي معها بليغا فيها. وولي العهد بنى هذه اللغة المشتركة مع الأمريكيين وغيرهم، على أساس المصالح المشتركة أيضا الواضحة تماما. فكل خطوة يتقدم بها، هي في الواقع خطوة للمملكة على طريق تحقيق كل الأهداف في مواعيدها، والوصول إلى المرحلة الأخيرة المتمثلة عمليا في استكمال بناء الاقتصاد الوطني الجديد، الذي يطرح بدوره تغييرات ضرورية على الساحة الاجتماعية أيضا. لا أحد يستطيع أن يجادل المتمكن بلغة الأرقام، فكيف الأمر بالأمير محمد الذي يقدمها صافية واضحة حقيقية صادقة، والأهم يقدمها بما أوجدته هي على أرض الواقع.

إنشرها