default Author

النمو والتضخم عائقان أمام تخفيض الدين «2 من 2»

|

تشير الأدلة إلى ضرورة استعادة النمو القوي والعودة إلى مستويات تضخم عادية حتى يتسنى إحداث خفض ملموس في نسب الرفع المالي. فما الذي يمكن عمله في عالم تخضع فيه حركة السياسات لقيود تفرضها إما محدودية الموارد أو عدم قدرة روافع السياسات (مثل أسعار الفائدة) على اتخاذ خطوات إضافية؟ على صعيد المالية العامة، يمكن أن تكون التدخلات الموجهة مثل البرامج التي ترعاها الحكومة للمساعدة في إعادة هيكلة الدين الخاص والدعم الحكومي لإعادة هيكلة القطاع المالي بالغة الفعالية في الحد من خسائر الناتج التي ترتبط عموما بخفض نسب الرفع المالي في القطاع الخاص. وينظر تقرير الراصد المالي في عدة دراسات حالة استخدمت فيها هذه التدابير، مؤكدا على ما يكتسبه تصميمها من أهمية لضمان النجاح.
وتشير عمليات المحاكاة الواردة في التقرير إلى أن هذه الأنواع من التدخل، إذا أحسن تصميمها، يمكن أن يكون تأثيرها أقوى من عمليات التنشيط المالي المعتادة، خاصة عندما تكون جوانب الضعف في المصارف ناشئة عن انعدام الكفاءة في توزيع الائتمان من جانب الأسر والشركات ذات الملاءة المالية. ولا شك أن هذه التدابير ينبغي دعمها بأطر قوية للإعسار والإفلاس، كما ينبغي أن تسترشد بمبادئ قوية للحوكمة حتى يمكن الحد من الانتهاكات وحماية الأموال العامة.
ولكن سياسة المالية العامة لا تستطيع حل مشكلة الدين بمفردها. فنظرا لضيق حيز الحركة أمام السياسات، حسبما أشرنا آنفا، من الضروري الاستفادة من كل أوجه التضافر بين أدوات السياسة المختلفة ـ النقدية والمالية والهيكلية ـ لتحقيق استفادة أكبر من التدخلات المالية.
قال فيتور جاسبار، مدير إدارة شؤون المالية العامة في صندوق النقد إنه "من المهم وضع تدابير تحول دون تراكم الدين بصورة مفرطة"، خاصة في الأسواق الصاعدة حيث زاد الرفع المالي في القطاع الخاص بمعدل سريع على مدار السنوات القليلة الماضية. ويطرح التقرير ثلاث توصيات أساسية:
أن تضمن السياسات الرقابية والتنظيمية مراقبة مستويات الدين الخاص وبقاءها في حدود يمكن تحملها، وأن تكون سياسة المالية العامة مضادة للاتجاهات الدورية في فترات الصعود، وأن تنشئ هوامش أمان للوقاية من تأثير فترات الهبوط.
وأن يلغى بالتدريج ما تتضمنه السياسة الضريبية من حوافز مشجعة على الدين للحد من تراكم الرفع المالي بصورة مفرطة.
وقد علمتنا الأزمة المالية العالمية أنه من السهل للغاية التهوين من حجم المخاطر المصاحبة للدين الخاص المفرط أثناء فترات الصعود الدوري، كما أوضحت تكلفة البطء الشديد في التحرك لمواجهة الأزمات المالية. ويمكن أن تسهم سياسة المالية العامة بأكثر من مساهمتها الحالية في استعادة النمو الاسمي، وتيسير التكيف الاقتصادي اللازم عقب الأزمة، وتعزيز صلابة الاقتصاد في مواجهة الاضطرابات المستقبلية. غير أنها لا تستطيع القيام بذلك وحدها؛ إنما يجب أن تدعمها سياسات مكملة ضمن أطر موثوقة.

إنشرها