Author

مكتبة الجامعة

|

يعيش كثير من طلبة الجامعات في أزمة مع أمن الجامعة حيث يحاول الطلبة الوصول إلى المكتبة للمذاكرة خلال أيام الإجازات، ويرفض أفراد الأمن إدخالهم بحجة أن المكتبة مغلقة. عندما شكا لي أحدهم، تذكرت الحال أيام دراستي الجامعية حيث كانت مباني مكتبة الجامعة لا تغلق إلا بعد الـ 12 مساء طيلة أيام الأسبوع. الواقع أن الجامعة نفسها كانت تقدم المحاضرات حتى العاشرة مساء في أيام الدوام الرسمي، مع حصص دراسية في نهار إجازة نهاية الأسبوع.
يؤسفني أن تدخل جامعاتنا في دورة بيروقراطية تحملها اللوحات الورقية التي يكتبها موظفو الأقسام حسب أهوائهم، يغلقون التسجيل في أوقات معينة، ويغلقون المحاضرات حين يشاؤون بغض النظر عن المسميات، وتتحول العملية الإبداعية العلمية إلى جزء من عملية إجرائية ترتبط بالأهواء بعيدا عن المفهوم الأعم والأهم للجامعة كمنبر للمعرفة حيث كانت.
هناك مدن كبيرة عاشت وازدهرت اعتمادا على المؤسسات العلمية التي تسكنها، لأن الجامعة ليست مدرسة أو موقعا للتعلم فقط، وإنما هي كيان فكري وثقافي وعلمي يسهم في بناء وتطوير المجتمعات ورسم المستقبل بالتفاعل مع الواقع وما وراء الواقع. هذه المبادئ لا بد أن تكون من أوائل اهتمامات وقيم الجامعات، فحيث يكون مصدر العلم والفهم والمعرفة يبدأ تكوين المجتمع والبحث في تعزيز نموه وبصيرة كل من يستقون منه المفاهيم والمعارف والتحولات الفكرية والمجتمعية.
عندما بدأت الجامعات محاولة تنمية عنصر البحث العلمي، وتحويله إلى أداة لتغيير الرؤية وإيجاد مفاهيم جديدة والتفاعل مع معوقات النمو والتأهيل المجتمعي، بإدخال معاهد البحوث ضمن مكوناتها. استبشر الجميع بهذه المبادرات وتوقعنا طفرات في مجالات مختلفة خصوصا أن المعاهد البحثية انتشرت بسرعة وأعطيت كما غير قليل من الحرية والمرونة المالية والإدارية لتحقيق النتائج المطلوبة.
أنتج البعض في البدايات، وتراجعت الإنجازات تدريجيا لأسباب مهمة منها: عدم تكوين مؤشرات قياس لأداء المعاهد تسمح بمعرفة ما تحقق وأين موقع الجميع من أهداف الجامعات والدولة الراعية لهذا المجهود المهم. صحيح أن هناك خلافا حول إمكانية وضع أرقام تحكم البحث العلمي وتؤطر نتائجه، إلا أن هناك حالات من البعد عن المهام والأهداف انتشرت هنا وهناك وهذا أساء للجميع.
ضربت المثال بمعاهد البحوث كحالة من البيروقراطية التي انتشرت في الجامعات وأفقدتها روحها، فحذار أن تستمر هذه الغفلة العلمية.

إنشرها