الطاقة- النفط

توقعات باستمرار صعود أسعار النفط مع بقاء التوترات الجيوسياسية

توقعات باستمرار صعود أسعار النفط مع بقاء التوترات الجيوسياسية

توقع محللون استمرار صعود أسعار النفط قرب 70 دولارا للبرميل مع بقاء التوترات الجيوسياسية، في الوقت الذي أكد فيه تقرير "وورلد أويل" الدولي أن المنتجين في "أوبك" وخارجها حققوا أخيرا كثيرا من النتائج الإيجابية للسوق، لافتا إلى أنهم بدأوا العام الحالي 2018 على تحقيق ارتفاعات سعرية جيدة، ونجحوا بالفعل في إزالة تخمة مزمنة في المعروض النفطي وترجم هذا النجاح إلى تحفيز نمو الأسعار فوق 70 دولارًا للبرميل.
وأوضح التقرير أن الارتفاعات السعرية المستمرة أثارت بعض التكهنات حول إمكانية البدء في مناقشة الإنهاء التدريجي لخفض الإنتاج قبل انتهاء مدة الصفقة في نهاية العام، منوها بأنه في الآونة الأخيرة عادت إلى الظهور مرة أخرى بعض علامات الضعف في الأسواق بسبب رئيسي يرجع إلى الخضم الهائل من النمو في إنتاج "الصخري" الأمريكي الذى يعيش واحدة من أفضل فترات الازدهار على الإطلاق، وهو ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت الصفقة ستحتاج إلى تمديدها حتى عام 2019.
ونقل التقرير عن ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي تأكيده التزام بلاده الكامل بالحفاظ على الاتفاق مع منظمة "أوبك" حتى اكتماله والتمسك بتعاون استراتيجي بخلاف هذا الاتفاق، معتبرا الاجتماع المقبل للمنتجين في فيينا في حزيران (يونيو) المقبل سيبلور رؤى موحدة بشأن مستقبل اتفاق خفض الإنتاج سواء بإنهائه أو تمديد فترات خفض الإنتاج إلى عام 2019.
وشدد التقرير على التزام موسكو باستكمال ما تحقق من نتائج إيجابية جراء التعاون مع منظمة "أوبك" حتى يتم تحقيق الهدف النهائي للتعاون المشترك بين المنتجين وهو توازن السوق وبعد ذلك سيبدأ التفكير في الانسحاب التدريجي من الاتفاق وقد يحين موعد هذا التفكير إما في الربع الثالث أو الرابع من العام.
وأفاد التقرير أن روسيا لا يمكنها استبعاد مناقشة استراتيجية الخروج من الاتفاق في الاجتماع المقبل للمجموعة في حزيران (يونيو) المقبل، لافتا إلى استمرار التوتر الروسي مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على خلفية العقوبات المفروضة بسبب أزمة أوكرانيا وهو ما يصب في مصلحة استمرار نمو أسعار الخام.
ونوه بتأكيد وزير الطاقة الروسي أن اقتصاد بلاده قوي ولا يتأثر بالسياسات الأمريكية وأن موسكو غير قلقة تحديدا فيما يخص النمو الهائل في إمدادات النفط الصخري الأمريكي ولا يعنيها احتمال أن تتمكن الولايات المتحدة من تجاوز روسيا كأكبر منتج للنفط الخام في العالم.
ويرى التقرير أن روسيا على قناعة تامة بأنه إذا كان الوضع في سوق النفط يتطلب تمديد الصفقة حتى عام 2019 فإن روسيا ستوافق على ذلك - وفقًا لما أكده مرارا الوزير الروسي نوفاك – مشيرا إلى أن موسكو تقدم على الخطوة التالية بعد دراسة جيدة ومستفيضة لوضع السوق في وقته.
إلى ذلك، أكد لـ "الاقتصادية"، دان بوسكا كبير الباحثين في بنك يوني كريديت البريطاني، أن أهمية ونجاح التفاهمات السعودية الروسية التي تحققت أخيرا من المرجح أن تتجاوز مجرد استعادة توازن السوق إلى شراكة وتعاون استراتيجي طويل المدى، لافتا إلى تطابق رؤى أكبر مورد في منظمة "أوبك" وهو السعودية مع روسيا بشأن وجود رغبة ضئيلة في إنهاء صفقة تقييد الإنتاج في وقت مبكر.
وأوضح بوسكا أن الدوائر الاقتصادية والنفطية الدولية لم ترصد تناقضا بين مواقف المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك بشأن آليات وخطط التعامل مع السوق، مشيرا إلى وجود قناعة جماعية بأن المنتجين يجب أن يستمروا في خفض الإنتاج للعام الحالي بأكمله حتى لو تسبب ذلك في نقص بسيط في الإمدادات.
من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، ديفيد ليديسما المحلل في شركة سوث كورت لاستشارات الطاقة، "إن جميع المنتجين وعلى رأسهم السعودية وروسيا يريدون سوقا مستقرة كما يدعمون ارتفاع الأسعار لتنشيط الاستثمار وتعزيز اقتصاديات الدول المنتجة خاصة في ظل مرحلة التحولات والتغيرات الجذرية الراهنة في أغلب اقتصاديات الدول المعتمدة على صادرات النفط الخام".
وأشار ليديسما إلى أن أبرز الأمثلة على توافق رؤى السعودية وروسيا للسوق هو صدور تصريح شبه متطابق بين وزيرى الطاقة في البلدين، حيث أكد الفالح ونوفاك أخيرا أنه عندما يكون الوقت مناسبا لإنهاء تخفيضات الإنتاج يجب أن يتم ذلك تدريجيا.
من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندريه يانيف المحلل البلغاري، أن استقرار النظام السياسي في روسيا بعد تمديد الحكم للرئيس بوتين لست سنوات مقبلة يدحض محاولات البعض الترويج لوجود خلاف بين الحكومة الروسية وشركات الطاقة الخاصة، مشيرا إلى تأكيد نوفاك أنه لا يمكن أن يكون هناك خلاف بين الحكومة الروسية وصناعة الطاقة وأن ما أثير عن مخاوف شركات النفط الروسية ومن بينها المنتجان البارزان "روسنفت"، و"لوك أويل" من احتمال إجراء تخفيضات إنتاجية مطولة غير دقيق. ولفت يانيف إلى أن الحكومة الروسية تستمع دوما إلى وجهات نظر الشركات، منوها بأن كل ما تقوم به الحكومة هو تفعيل نهج موحد يهدف إلى تحقيق الهدف النهائي الذي يصب في مصلحة جميع الأطراف.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، تخلت أسعار النفط عن مكاسبها التي حققتها في وقت سابق أمس حيث تنذر الزيادة المستمرة في الإنتاج الأمريكي بتقويض الجهود التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" لإعادة التوازن إلى السوق. وبحسب "رويترز"، انخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 13 سنتا أو 0.2 في المائة عن آخر تسوية، لتصل إلى 69.34 دولار للبرميل، وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أربعة سنتات عن آخر تسوية إلى 65.13 دولار للبرميل.
وسجل الخامان أعلى مستويات منذ أوائل شباط (فبراير) في الجلسة السابقة، ليرتفعا نحو 10 في المائة عن المستويات المتدنية المسجلة في آذار (مارس).
وتتأثر المعنويات في السوق بصفة عامة سلبا جراء زيادة إنتاج الخام الأمريكي الذي قفز إلى مستوى قياسي جديد بلغ 10.4 مليون برميل يوميا في الأسبوع الماضي، ما دفع الولايات المتحدة إلى الاقتراب من روسيا التي تنتج 11 مليون برميل يوميا.
ورغم الزيادة المستمرة في الإنتاج الأمريكي، التي بلغت الربع تقريبا منذ منتصف عام 2016، قال تجار "إن أسواق النفط ما زالت تحظى بدعم جيد".
وقدرت لجنة مشتركة أن التزام أعضاء "أوبك" والمنتجين المستقلين باتفاق خفض إنتاج النفط سجل مستوى قياسيا مرتفعا جديدا في الشهر الماضي، وأن تخمة المخزونات تتقلص بوتيرة سريعة، وهو ما يجعل المنتجين يقتربون من تحقيق الهدف الأصلي للاتفاق. وقالت "أوبك"، "إنها وحلفاءها نفذوا تعهدات خفض الإنتاج بنسبة بلغت 138 في المائة الشهر الماضي، ارتفاعا من 133 في المائة في كانون الثاني (يناير)، مسجلين أعلى مستوى من الالتزام، حيث يهدف الاتفاق الذي بدأ تنفيذه في كانون الثاني (يناير) 2017 إلى امتصاص تخمة في المعروض العالمي من الخام".
ومددت "أوبك" وروسيا ومنتجون آخرون أجل الاتفاق إلى نهاية 2018، رغم قول مصادر في المنظمة "إن السوق من المتوقع الآن أن تستعيد توازنها بين الربعين الثاني والثالث من العام".
وسيذكي خفض سريع لفائض المعروض جدلا حول فترة الإبقاء على تخفيضات الإنتاج، وتجتمع لجنة وزارية لمراجعة الاتفاق في نيسان (أبريل)، وأشارت "أوبك" في بيان "أكدت اللجنة أن جميع الدول المشاركة يجب أن تسعى جاهدة إلى تحقيق أو تجاوز المطابقة الكاملة مع تعديلاتها الطوعية للإنتاج. واستمر في فبراير المسار المتسارع صوب إعادة التوازن الذي شهدته الأشهر الماضية".
وكان خفض الإنتاج يهدف أصلا إلى تقليص المخزونات النفطية في الاقتصادات المتقدمة إلى متوسطها لخمس سنوات، وفي فبراير، كانت تلك المخزونات أعلى من هذا المتوسط بنحو 44 مليون برميل، بحسب ما قالته "أوبك"، وهو ما يظهر أن المجموعة اقتربت من تحقيق هدفها.
وأفاد مصدر في "أوبك" أنه "يمكن الآن اعتبار المخزونات قريبة من المستويات المعتادة"، وتعكس أحدث الأرقام ارتفاعا في التزام السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، والدول الخليجية الأخرى، إضافة إلى خفض غير طوعي في إنتاج فنزويلا الذي يتراجع وسط أزمة اقتصادية.
وأسهم اتفاق "أوبك" في دعم أسعار النفط، التي تجاوزت 71 دولارا للبرميل هذا العام للمرة الأولى منذ 2014، وبينما تتراجع مخزونات الخام في الدول المتقدمة مقتربة من متوسطها لخمس سنوات، تتحدث "أوبك" عن تعديل المقاييس بما يعطي صورة أكثر دقة لخفض الإمدادات.
وذكرت مصادر مطلعة أن اللجنة، التي اجتمعت في مقر "أوبك" في فيينا يوم الإثنين، ناقشت هذا الموضوع لكنها لم تخلص إلى نتائج، وأوضح مسؤولون في "أوبك" أنه للحصول على صورة أوسع نطاقا، ربما يتطلع المنتجون إلى فترة أطول من خمس سنوات، أو يأخذون في الاعتبار المخزونات في دول أخرى، والمخزون العائم، وشحنات النفط المنقولة.
وتضم اللجنة المشتركة مسؤولين من السعودية وفنزويلا والجزائر الأعضاء في "أوبك"، وكذلك من روسيا وسلطنة عمان، وهما من بين المنتجين غير الأعضاء في المنظمة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط