ثقافة وفنون

في معرض الرياض .. كتب تطير

في معرض الرياض ..
كتب تطير

حين تزور معرض الرياض الدولي للكتاب 2018، أكثر ما يلفت نظرك المبادرات القرائية التي تعزز من قيمة الكتاب وترسخ مفهوم القراءة والمعرفة، حيث يبلغ عدد أركانها المشاركة في المعرض نحو 15 مبادرة.
إحدى الأفكار الرائدة والناجحة هي فكرة نادي "الكتاب الطائر"، التي تنطلق بفريق تطوعي شعاره "لكيلا تبقى المعرفة حبيسة الأرفف". فما هذه المبادرة الشبابية وسبب تحمس المثقفين والمشاهير وزوار المعرض لها؟

فكرة حلّقت
لأجل أهداف طموحة، أسست نهاد الهاشمي هذا النادي، وبحسب متطوعين تحدثوا لـ "الاقتصادية" أثناء زيارتها لهم في معرض الرياض للكتاب، فإن النادي وضع نصب عينيه هدفا أساسيا، وهو الوصول لجيل قارئ، مثقف، مهتم بالكتاب، وتوفير محتوى مقروء ومسموع.
تقوم فكرة نادي "الكتاب الطائر" على وضع الكتاب بعد الانتهاء من قراءته في أي مكان يصل إليه القارئ، مثل المطارات، ليستفيد منه آخر، ثم ينتقل من مكان لآخر بهذه الطريقة، ويصل إلى الجميع، ويمكن الاستدلال على الكتاب الطائر من خلال شعار النادي الملصق عليه، الذي يعني أحقيه الاستفادة من الكتاب وقراءته وأخذه مجاناً، بشرط واحد فقط، وهو أن يعيد تطييره عند الانتهاء منه، والمحافظة عليه، وبذلك تنتقل المعرفة من شخص لآخر.
فكرة النادي الفريدة، التي انطلقت كحملة في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بهدف تمكين الشباب أدبياً وتمكينهم ثقافياً، لاقت إعجاباً كبيراً من زوار المعرض، حتى وصل عدد الكتب "الطائرة" - كما يطلق عليها أعضاء النادي - نحو 2110 كتب، فيما وصل عدد المستفيدين إلى 4380 قارئاً، والعدد في ازدياد متواصل.

تجاوز الفكرة
يقف خلف النادي فريق تطوعي متفانٍ، يرفض أن ينسب النجاح في أي من أنشطته الثقافية وحملاته الإعلامية إلى أي من أفراده، استطاعوا أن ينشئوا قواعد وأماكن حفظ للكتب، لكي تنطلق منها إلى أي مكان في العالم، ونجحت كتب النادي في أن تلف مدنا مختلفة من المملكة، من شرقها إلى غربها، ومن أقصى شمالها حتى محافظات الحد الجنوبي، بل تجاوزت ذلك، ووصلت إلى دول شقيقة مثل البحرين والإمارات ومصر والأردن والسودان، أما عالمياً؛ فوصلت كتاب النادي إلى تركيا وألمانيا ومدن أوروبية، وصولاً إلى الولايات المتحدة.
استطاع النادي الأدبي أن يتجاوز فكرته، وأن يبحر في عالم المعرفة، عبر إقامة أنشطة متنوعة في معرض الرياض الدولي للكتاب، مثل تطيير الكتب، وتصميم أحجيات وألغاز لتطيير الكتب بعد أن تُسجن، وشهد المعرض نشاطاً محموماً للمتطوعين الذين يوزعون ملصقات النادي، كما يستقبل ركن النادي الإهداءات من المؤلفين الراغبين في أن تحلق كتبهم في فضاء المعرفة.
وسبق لـ "الكتاب الطائر" المشاركة في معرض الكتاب بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن لعامين اثنين، وتقديم دورات تدريبية وورش عمل وجلسات حوارية لمناقشة محتوى الكتب، وإقامة مسابقة للمواهب، وتفعيل حملات للكتب الطائرة، وإنشاء المدونة الصوتية "تحليق المعرفة" التي تضم كتباً مسجلة ومقالات وملخصات كتب وخواطر، وتصميم مبادرة منبثقة مثل "مدرستي والكتاب الطائر"، والتعاون مع مبادرات ثقافية أخرى، مثل المقهى الثقافي ومبادرة "أمي" في ظل الكتب.

برامج مشتركة
مؤسسات غير حكومية أبدت إعجابها بالفكرة، مثل مؤسسة الملك خالد الخيرية ولجنة التنمية الاجتماعية بحي شبرا التي أطلقت بالتعاون مع النادي مشروع "ريشة أدبية"، لتمكين المرأة أدبياً في مجالات كتابة السيناريو والقصة القصيرة والرواية والقراءة السريعة، والمخصصة لفئة الشباب من 18 إلى 24 عاماً، بهدف رفع مستوى المواد الأدبية عبر صقل مهارات المهتمين بها، وتمكين الشابات في جانب كتابة الرواية والسيناريو والقصة القصيرة، وإكساب المتدربات مهارة القراءة السريعة للاستفادة القصوى من الكتب، وإتاحة التعبير عن القضايا المختلفة بأقلام شابة متمكنة بأشكال أدبية عديدة، وربط الأقلام الواعدة بجهات عدة وإتاحة الفرصة لتحكيم أعمالهم على يد خبراء.
ومما يدل على اهتمام شبابي بهذا المشروع، وشغف الشباب السعوديين بالمعرفة، هو تقدم أكثر من 280 متدربة في دورة القصة القصيرة، التي تستمر لثلاثة أيام، ما دفع القائمين على البرنامج لوضع معايير لانتقاء المتدربات لضمان سير المشروع على أكمل وجه، ومن هذه المعايير المقابلات الشخصية وإحضار نموذج كتابي.
أما الفئة العمرية من 11 إلى 15 عاماً؛ فقدم النادي برنامج "ميلاد قارئة" للتثقيف والتوعية بأهمية القراءة ودورها، عبر إقامة أنشطة ثقافية ترفيهية بأسلوب فريد وجاذب، وتم تقديم البرنامج بالتعاون مع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة.

4 سنوات من الأدب
أربع سنوات مرت على انطلاق فكرة نادي "الكتاب الطائر"، جعلته مؤهلاً لأن ينال جوائز محلية وإقليمية، منها الترشح للقائمة النهائية في جائزة الشيخ محمد بن راشد للغة العربية، وفوزه يمنح الأميرة صيتة دامر التنموي لتفعيل برنامج "ريشة أدبية".
على وسائل التواصل الاجتماعي، يتخذ النادي حسابات له للتواصل مع القراء والمثقفين، والتعريف بأنشطته، وقد نجح النادي في توحيد مسمى الحسابات على وسائل التواصل باسم (flyingbooklife@).
وعبر الموقع الإلكتروني للمبادرة، يمكن التسجيل لتطيير الكتاب، أو طلب ملصق نادي "الكتاب الطائر"، لوضعه على الكتاب، والمشاركة في هذه المبادرة القرائية التي تنمو بشكل مذهل.
نجح نادي "الكتاب الطائر" خلال سنواته الأربع في كسب اهتمام الكتاب والمؤلفين، داخل المملكة وخارجها، ونجح عدد منهم في تطيير إنتاجه الأدبي عبر النادي، ومنهم الكاتب والروائي الكويتي سعود السنعوسي، أثير النشمي، أمل العودة، رقية الهويريني، محمد العتيق وتميم التميمي، لتصبح كتبهم طائرة تحلق في فضاء المعرفة، ويتلقفها القارئ في كل مدن العالم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون