default Author

المواهب والمهارات وأهميتها للقياديين «1 من 2»

|

تحتاج أطر العمل إلى مواهب ومهارات مختلفة، لذا، ينبغي على القياديين امتلاك وعي عميق، وتعلم كيفية التأقلم على طول الخط.
سواء كنت تشغل منصبا قياديا، في الوقت الحالي، أو ربما لاحقا، وبغض النظر عن المجال الذي تعمل فيه، يبقى التفكير في أمور القيادة بشكل جدي أمرا حيويا، كونه يؤثر في خياراتك وقراراتك وأدائك أيضا. قضيت خلال مسيرتي المهنية في التدريس والأبحاث معظم الوقت مع كبار التنفيذيين، التقيتهم خلال دورات تدريبية، مثل برنامج إنسياد "الإدارة المتطورة". ولطالما لجأت خلال نقاشاتنا حول أمور القيادة، إلى شرح مسارات القيادة بصورة مبسطة، مستعيرا بمثال الغابة. تختلف مسارات القيادة عن بعضها بعضا قليلا. وبالعودة إلى تشبيه الغابة، قد تكون تلك المسارات مفروشة بالصخر أو الرمل أو العشب، أو قد تكون ممهدة. وقد تتعدد الطرق المؤدية إليها أو تتقاطع أو تتشعب. كما يوجد مسارات سهلة وأخرى صعبة، أو تؤدي لطريق مسدود في بعض الأحيان. يعطي مثال الغابة، الذي استعرنا به أهم الأفكار الأساسية حول القيادة، فالقيادة رحلة، وليست وجهة. من غير الوارد أن نصل لمرحلة نخرج فيها بأفضل صورة لنا كشخص قيادي ناجح. ربما ينبغي أن نطمح لذلك، ولكن يجب أن تحفزنا هذه الرؤية كون رحلتنا مستمرة. وهي ليست رحلة منفردة. فنحن نتخذ قرارات حول المسارات التي سيتبعها فريق العمل، ومؤسستنا، وأنفسنا. وقد يكون هناك قرارات حول فرص جديدة، كمسار مهني جديد، أو بلد جديد للعمل فيه، أو شركة أو قطاع جديدين. تضعنا القرارات التي نتخذها على مسار جديد في كل مرة. فأسلوب القيادة الذي نتبعه ومسيرتنا المهنية، هي التي تتوقف فقط. وقد نواجه خلال رحلتنا بعض العوائق والتحديات غير المحسوبة، مثل تكنولوجيا جديدة أو نموذج عمل يغير القطاع بشكل جذري، وبالتالي، يتغير المسار الذي نتبعه.
من الضروري في القرن الواحد والعشرين، الذي تنطوي فيه رحلة القيادة على عديد من التحديات، فهم مثل تلك الأفكار. وهي أبعد من أن نختصرها بمصطلح VUCA، الذي يعبر عن حالة "التقلب وعدم اليقين، والتعقيد والغموض". ويجب أن نضيف عليه اختصارا جديدا Ds، الذي يعكس البعد الأبعد لرحلة القيادة، المتمثل في الابتكار والتنوع. تختصر رحلة القيادي اليوم بـ D-VUCAD. ففي المقدمة، يأتي الابتكار، الذي يغير القطاع بشكل كبير، "سواء كان سببه تكنولوجيا، أم تغيرات اجتماعية، أم إعادة هيكلة القطاع، وما شابه". ومن ثم VUCA "التقلب وعدم اليقين والتعقيد والغموض". وفي النهاية، التنوع "بما في ذلك الجنس، والثقافات، والأجيال". ستشهد رحلة القيادة في عالم D-VUCAD تغيرات في المسارات تستدعينا لاستكشافها. توصلت خلال بحثي حول تطوير المهارات القيادية إلى نتائج مهمة، كون عديد من القادة لا يفكرون بعمق ووعي في المسارات الجديدة التي يتخذونها عندما يقومون بتغييرات قيادية أو مهنية. ويعيدون استخدام ذات المهارات والقدرات والأساليب القديمة، حتى عندما لا تتطابق مع معطيات الوضع الجديد.
لنأخذ على سبيل المثال، جون ليتل "اسم مستعار"، مسؤول تنفيذي كبير عملت معه خلال إحدى الدورات. كان "جون" قائدا استثنائيا في حالات الأزمات. ولطالما نجح في مناسبات عدة بقيادة فريق الأزمات في شركته، ونجح أسلوبه في القيادة على مواجهته مثل تلك الحالات. اتسم "جون" بكونه شخصا واضحا ودقيقا ونشيطا، ويوجه فريقه نحو تقديم حلول. تم في نهاية المطاف ترقية جون لقيادة قسم مسؤول عن العمليات في بلد آخر. وكان ذلك بمنزلة فرصة كبيرة له للنمو والاستقرار. أدخلته هذه النقلة في طريق مختلف كليا، لكنه لم يدرك ذلك. أخبرني "جون" خلال حديثنا أنه كان يشعر بالرضا حيال نفسه في ذلك الوقت، فقد حصل للتو على ترقية كبيرة بناء على إنجازاته. لكن، مع عدم وجود أزمات في الأفق، بدأ باختلاق بعضها.

إنشرها