Author

خائف على ابنك

|

روى لي صديق أنه قبل نحو 14 عاما كان جاره يستوقف أحد أبناء الحي المراهقين باستمرار. يوبخه لأن شعره طويل، ولا ينسى عندما ضربه عندما شاهده يلعب بالكرة أمام منزله. قال له بالحرف الواحد: "لو حدث شيء لسيارتي لن ترى خيرا. سأقوم بتربيتك إذا لم يربك والدك". كان والد هذا الشاب متزنا وهادئا. تعامل مع حدة الجار بحكمة. طلب منه ألا يؤذي ابنه إذا بدر منه خطأ وإنما يبلغه هو ليقوم باللازم. بعد هذا الاتفاق انتقل الأذى من الابن للأب. بات الجار يلوث مزاجه كلما شاهده وهو يسير متجها إلى المسجد. يردد على مسامعه كلمات تثير الحنق والضيق معا على شاكلة: "خائف على مستقبل ابنك. اهتم واعتني به قبل أن يضيع من بين يديك لأنه طوال وقته يلعب بالكرة". كان الأب يستقبل هذه الكلمات الخشنة بثبات ووعي وابتسامة. وكان يحث ابنه على مواصلة احترام الجار وتقبيل رأسه مهما بدر منه من نصائح وعتب.
الفتى المراهق الذي كان محل سخط الجار صار اليوم قياديا في شركة. يعمل بذكاء وتستضيفه الفضائيات بسخاء. جمع صديقي والجار العتيق والابن مناسبة اجتماعية حديثا.
استوقف صديقي ترحيب الجار للابن الذي بات إداريا واعدا. ترحيب حار تبعه طلب لتوظيف ابنه.
تذكر حينها الكلمات التي كان يسمعها من الجار تجاه الشاب اليافع قبل سنوات خلت، وتنبؤه له بمستقبل مظلم. في حين اليوم يصعد مخالفا توقعات الجار الذي انتقص من تربية والده له ووبخه وضربه وهو في سن حرجة.
ما حدث جعلني أثق أنه يجب علينا ألا نقلل من شأن تربية أحد. وألا نحط من شأن أحد، فالبدايات لا تعكس النهايات. وبدلا من مراقبة الآخرين والانشغال بهم علينا الاشتعال عملا وإصرارا. كل الذين شقوا طريقهم إلى المجد هم الذين ركزوا جهودهم على تطوير قدراتهم ولَم يهدروها في تتبع أخطاء غيرهم. أنفقوا اهتمامهم وانتباههم على ما يستحق. فظفروا بأحلامهم وتركوا الخيبة للحانقين والغاضبين. ينبغي أن نخاف على مستقبل أبنائنا، فقطعا للآخرين آباء يخافون على مستقبل أبنائهم أكثر منا.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها