أخبار اقتصادية- عالمية

مختصون دوليون لـ "الاقتصادية": قفزة متوقعة للسعودية في ترتيب مجموعة الـ 20

مختصون دوليون لـ "الاقتصادية": قفزة متوقعة للسعودية في ترتيب مجموعة الـ 20

دفعت المتغيرات الاقتصادية والسياسية بعديد من المختصين والاقتصاديين إلى إعادة النظر في المشهد الاقتصادي لهذا العام، في ظل متغيرات عديدة أبرزها قرار الإدارة الأمريكية زيادة الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الصلب والألمنيوم، وما أعقبه من تهديدات غاضبة من قبل الدول المتضررة، خاصة الاتحاد الأوروبي وتعهده بالرد بالمثل، وتنامي القلق الدولي من اندلاع حرب تجارية عالمية واسعة النطاق، وما سبق ذلك القرار من عملية إصلاح ضريبي شامل في الولايات المتحدة، والهزة التي شهدتها البورصة الأمريكية، وتداعياتها على البورصات الدولية، والحديث المتصاعد عن دور أكبر لليوان في تسعير النفط هذا العام، أضف إلى ذلك التغيرات السياسية التي شهدها العالم أخيرا بصورة غير متوقعه، وتحديدا إمكانية عقد لقاء قمة بين الرئيس الأمريكي ونظيره الكوري الشمالي.
وتبدو أغلب التوقعات حتى الآن متفائلة بشأن المسيرة الاقتصادية الدولية، فالاقتصاد العالمي سينمو بأكثر من 3 في المائة خلال هذا العام، وربما الأعوام الثلاثة المقبلة، في أداء لم يشهده العالم منذ سنوات، وسيتواكب ذلك مع ارتفاع في معدلات التضخم، وسيتطلب الحد منها رفع معدلات الفائدة بصورة ملحوظة، للحفاظ على أداء صحي وصحيح.
وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أعربت عن قناعتها بأن تحديث توقعات النمو العالمي "تنبع من مجموعة متضافرة من العوامل الإيجابية، إذ يستمر الانتعاش في منطقة اليورو، وتم تيسير السياسات المالية الأمريكية بأكثر مما كان متوقعا، وارتفعت أسعار السلع الأساسية على المستوى العالمي، ما دعم التعافي في الأسواق الناشئة، وزادت درجة الثقة بالاقتصاديات المتقدمة، وتزايد معدل التوظيف مع ارتفاع معدلات إنفاق المستهلكين، وحتى الهزات التي تعرضت لها سوق الأوراق المالية أخيرا، لا تبدو الآن إشارة إلى ركود اقتصادي محتمل.
وحول التطورات المتوقعة على مسيرة الاقتصاد العالمي هذا العام، يوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور أليكس دولن أستاذ الاقتصاد الدولي، أن التخفيضات الضريبية لترمب، وخطط إنفاق الحكومة الأمريكية من العوامل التي دفعت النمو إلى أعلى، "ولا أتوقع انفجارا في معدلات التضخم تنجم عنه تعديلات حادة في السياسات النقدية بشكل يعوق معدلات النمو المتوقعة لهذا العام، وأتوقع أن ينمو الاقتصاد الدولي في العام الحالي 3.3 في المائة، وذلك مقابل 3.2 في المائة العام الماضي و2.5 في المائة عام 2016".
إلا أن ألبرت إيفنز الباحث في مجال التجارة الدولية، يحذر من الإفراط في التفاؤل في ظل إجراءات الحماية الاقتصادية التي اتخذها الرئيس الأمريكي برفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمونيوم.
ويضيف لـ "الاقتصادية"، أنه "بعيدا عن القرار الأخير لترمب، تبدو الآفاق الدولية لتحقيق معدلات نمو مرتفعة إيجابية. لكن المشهد برمته قد يتغير إذا تحولت إجراءات الحماية الأمريكية إلى حرب تجارية عالمية، والوضع قد يمكن احتواؤه إذا ظل بين واشنطن والاتحاد الأوروبي ومحصور في مجموعة محدودة من السلع، أما إذا اتسع نطاقه، ودخلت الصين على خط الصراع، فإنه من المشكوك فيه تحقيق معدلات النمو المتوقعة، نتيجة الطابع متعدد الأطراف لتلك الحرب التجارية".
ومع هذا، فإن الاتجاه السائد حاليا بين المختصين يشير إلى أن أداء الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية ككل سيتفوق على معدلات النمو المحققة في الاقتصادات المتقدمة، فبينما يتوقع مختصو البنك الدولي أن يصل النمو في الأسواق الصاعدة إلى 4.2 في المائة في المتوسط، فإنه لن يتجاوز في بلدان المجموعة الثانية حدود 2.2 في المائة هذا العام.
ويقول لـ "الاقتصادية"، دانيل هويت الباحث في صندوق النقد الدولي، "إنه مما لا شك فيه أن الانتعاش الواسع النطاق في الاقتصاد الدولي مشجع، وهناك فرص متزايدة للاستثمار في رأس المال البشري والمادي، وإذا ركز صانعو السياسات على الاستثمارات الرئيسية فيمكننا أن نشهد زيادة إنتاجية ملموسة".
ويضيف هويت "الآن نحن نسير على الطريق الصحيح منذ الأزمة الاقتصادية لعام 2008. فالاقتصاد الدولي ربما يقترب من استخدام طاقته الكاملة، لكن هذا ربما يوجد مشكلات أخرى إذا لم تتلاءم أدوات السياسة النقدية والمالية سريعا لتحفيز النمو على المدى القصير، وطرح مبادرات واقعية تعزز الإمكانات الاقتصادية على المدى الطويل".
وبينما يعتقد بعض المختصين أن الاقتصادات الناشئة تتحرك في اتجاه تتبوأ فيه مركز العصب الرئيسي للاقتصاد العالمي، فإن مجموعة أخرى من المختصين ترفض تعميم الصورة، وتشير إلى أن من بين الاقتصادات الناشئة ذاتها، ستبرز مجموعة محددة من الدول، تقود القاطرة الأمامية لتلك الاقتصادات ومن ثم الاقتصاد الدولي.
ويعتقد الاكاديمي آندرو هيلد المختص في الاقتصادات الناشئة أن "الاقتصادات الناشئة تضم طيفا واسعا من البلدان، تتسم بمجموعة من القواسم المشتركة، لكن معدلات النمو بينها متفاوتة، وإن اتسمت في غالبيتها بالارتفاع. ومع هذا يمكن رصد مجموعة رئيسية تمثل قاطرة للنمو المرتفع في تلك الاقتصادات خلال هذا العام والأعوام المقبلة، فمثلا البرازيل والأرجنتين وشيلي تمثل المجموعة الرائدة للاقتصادات الناشئة في أمريكا الجنوبية، كما تمثل جنوب إفريقيا وإلى حد ما نيجيريا العمود الفقري للأسواق الناشئة في إفريقيا جنوب الصحراء، وفي العالم العربي تحتل السعودية المقدمة، خاصة في ظل طموحات واسعة لإحداث تحول جذري في المفهوم التنموي في المملكة، وتحويله من اقتصاد يعتمد على الموارد الريعية للنفط إلى اقتصاد يعتمد على التطور المستدام للتكنولوجي، إذ سيعني ذلك تغيرا غير مسبوق في البنية العامة للمجتمع وطاقاته الإنتاجية، وإذا اكتملت تلك التجربة، فالسعودية يمكنها بسلاسة قيادة الاقتصاد الاسلامي نحو آفاق تنموية حقيقية، بل يرجح أن يقفز ترتيبها داخل مجموعة العشرين بشكل ملحوظ".
وتتفق وجهة النظر تلك مع الإشارات الإيجابية للبنك الدولي بشأن النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث من المتوقع أن تحقق المنطقة معدل نمو يصل إلى 3 في المائة هذا العام مقارنة بـ 1.8 في المائة العام الماضي، وذلك مع تنامي زخم الإصلاحات الاقتصادية في بلدان الشرق الأوسط، ولا شك أن تخفيف القيود المالية الضاغطة على اقتصادات المنطقة، والتحسن الطفيف في أسعار النفط يدعمان من النمو المتوقع، إلا أن تواصل الصراعات الجيوستراتيجية يمثل عاملا مقلقا بشأن تأثيراته السلبية في الاقتصاد الكلي للإقليم.
ومع هذا، يشير جاري فينس المختص الاستثماري، إلى أن أبرز التغيرات في المشهد الاقتصادي الدولي هذا العام، ربما تتمثل في تحول مركز النمو العالمي بشكل تدريجي لكنه ملحوظ، من شرق آسيا والمحيط الهادئ، إلى الجنوب الآسيوي.
ويضيف لـ "الاقتصادية"، أنه "في الوقت الذي يتوقع فيه أن ينخفض النمو في شرق آسيا والمحيط الهادئ من 6.4 في المائة العام الماضي، إلى 6.2 في المائة هذا العام، فإن وتيرة النمو تتسارع في جنوب آسيا لتقفز من 6.5 العام الماضي إلى 6.9 هذا العام".
ويستدرك فينس قائلا "إنه على الرغم من تحسن أداء الاقتصاد الإندونيسي، إلا أنه لن يفلح في معادلة الأضرار التي ستصيب معدل النمو في الإقليم، نتيجة تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، وهذا عكس ما يحدث في جنوب آسيا. فالاستهلاك سيظل قويا، ويتوقع أن تنتعش الصادرات في ظل التقارب الأمريكي – الهندي، وكذلك الاستثمارات الأمريكية نتيجة الإصلاحات الاقتصادية وتحسن البنية التحتية، ومعدل النمو المتوقع في الهند لهذا العام 7.3 في المائة، وفي باكستان 5.8 في المائة، وهذا يعني أنه خلال العقد المقبل ستصبح منطقة جنوب آسيا قبلة الاستثمارات الدولية بلا منازع".
ورفعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقديراتها للنمو الاقتصادي العالمي خلال العامين الجاري والمقبل، مع تسارع الأداء في الولايات المتحدة وأوروبا.
وقالت المنظمة، في تقرير "إن الاقتصاد العالمي سيحقق نمواً بنسبة 3.9 في المائة في 2018، حيث رفعت تقديراتها بنحو 0.2 في المائة مقارنة بالتوقعات الصادرة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي".
أما على مستوى 2019 فذكرت المنظمة أن الاقتصاد العالمي سينمو بنسبة 3.9 في المائة أيضاً، حيث رفعت تقديراتها بنحو 0.3 في المائة.
ورفعت المنظمة الدولية تقديرات النمو في الولايات المتحدة للعام الجاري و2019، بمقدار 0.4 في المائة و0.7 في المائة إلى 2.9 و2.8 في المائة على الترتيب.
أما في منطقة اليورو فتوقعت المنظمة التي تتخذ من فرنسا مقراً لها، أن ينمو الاقتصاد هناك بنحو 2.3 في المائة في 2018 وبنسبة 2.1 في المائة في العام المقبل.
وعلى مستوى مجموعة الـ 20، توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن ينمو الاقتصاد بنحو 4.1 في المائة في العام الجاري، وبنسبة 4 في المائة في 2019.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية