Author

المخالفات المرورية وحفظ الأرواح

|

من أكثر الأمور التي تلقى تذمرا واحتجاجا وشكاوى من البعض، هي المخالفات المرورية، فالكثير في عداء متنام معها ويصفها بأبشع الأوصاف ويمارس معها البكائيات في مواقع التواصل الاجتماعي، في حين هي مجرد "رد فعل" لأفعال يقوم به المخالف وهي في كثير من الأحيان مميتة ولا تضر المخالف فحسب بل قد تطول آخرين لا ذنب لهم، كما في حالات قطع الإشارة مثلا، أو السرعة الزائدة. الحوادث المرورية أزهقت الكثير من الأرواح وجعلت السعودية الأولى عالميا في أعداد الوفيات في العالم، وتسببت في إعاقة الكثير من السعوديين والمقيمين، وجعلتهم حبيسين للأسرّة الطبية أو الكراسي المتحركة وتحتاج إلى وقفة من قبل الجهات المسؤولة، وهي السبب الرئيس في سن الغرامات الجديدة وتطبيقها بصرامة ودون أي تساهل من قبل رجال المرور وأجهزة الرصد المنتشرة في كل مناطق المملكة.
لا أحد يمكن أن يشكك في أهمية الغرامات في الحد من الحوادث المرورية والوفيات والإصابات ففي أبحاث نفذها مختصون في مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية "كيمارك"، أشارت إلى أن نظام "ساهر" قد أسهم في خفض نسب الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية في السعودية بنحو 38 في المائة، كما أسهم في تراجع نسب الإصابات بنحو 20 في المائة، وهي أرقام لا شك في أنها جيدة ومن المؤكد أنها سترتفع في السنوات المقبلة بعد تطبيق التعديلات الجديدة في أنظمة المرور التي تتميز بالقوة والردع.
ما أعنيه هنا، أن المخالفات المالية المرورية ليست "جباية"، أو إيرادات ممكن ترفد ميزانية الدولة كما يتوهم البعض، ولكنها عقوبات رادعة لفرض النظام وخفض التجاوزات والحد من الحوادث التي أهلكت الأرواح ودمرت الممتلكات، فمع الأسف الشديد نحن في السعودية نعاني "أزمة" عدم احترام الأنظمة المرورية حيث تشير الدراسات الأخيرة إلى أن 63 في المائة من السائقين لا يحترمون قواعد المرور والأنظمة، على الرغم من التزامهم بها عندما يغادرون خارج المملكة يلتزمون بها ويحترمونها، وهو أمر يؤكد أن الرادع الكبير هو العقوبات وتغليظها وليس التوعية.

إنشرها