Author

عودة النقل العام

|

تبشر الأخبار التي نشاهدها والتي تحتل الواجهة في الفترة الأخيرة بعودة قوية للنقل العام خصوصا النقل الجماعي الذي حاول البقاء في فترات سابقة، لكنه لم يتمكن من ذلك ـــ لأسباب كثيرة. كانت الحال في السابق عبارة عن تنافس غير عادل بين حافلات النقل الجماعي التي تدار بأسلوب يبتعد عن الأساليب الاقتصادية، وتلك الحافلات الصغيرة التي يعيش من وراء دخلها مجموعة من المواطنين البسطاء.
التنافس كان على أشده خلال فترة الثمانينيات الميلادية، وخسرت فيه شركة النقل الجماعي موقعها بسبب غلاء التكلفة وعدم التفاعل مع نوعية المستهلك الذي يبحث عن أسرع وسيلة توصله لهدفه بغض النظر عن الحجم والتجهيزات. هذا السبب هو الذي دفع بكثير ممن امتهنوا قيادة الحافلات لابتداع خطوط خاصة بهم، وتسهيل حركتهم ـــ بالابتعاد عن مواقع الزحام ـــ داخل المدينة ليتمكنوا من جذب مزيد من الركاب.
تقع الشركة اليوم أمام مسؤولية ضمان تغيير الثقافة تجاه النقل الجماعي يدعمها في ذلك ارتفاع أسعار الوقود، وتحول كثير من الركاب نحو البحث عن البدائل التي لا تخدم الشركة مثل سيارات الأجرة الشخصية التي تتبع شركات عالمية. لكن الضرورة تبرر العمل على خفض التكلفة والبحث عن الزبائن ــــ حيث كانوا.
واحد من أهم الوسائل التي تتبعها الشركة اليوم هو عرض بطاقات شهرية للراغبين في استخدام الحافلات وهذه البطاقات ستضمن زيادة في أعداد المستخدمين لهذه الوسيلة وستضمن للشركة مصدر دخل أكثر استقرارا ودقة في الحسابات. المهم أن تكون هناك محاولات جادة لتحقيق طموحات كل المستفيدين بتناول كل البدائل المتاحة ومن أهمها تلك التي لم تطبقها الشركة في محاولاتها السابقة وتتطلب دراسة دقيقة لحركة الناس والمواقع المناسبة للمواقف وحركة السير في المدينة.
تلكم هي الوسائل التي تظهر اليوم، لكن التشغيل الحقيقي سوف يظهر مزيدا من التحديات والحاجة إلى التفاعل الإداري السليم لضمان وجود منظومة نقل عام متكاملة بعد انتشار خدمات المترو في المدينتين الأكبر. ذلك أن النجاح الذي سيحققه النقل الجماعي مبدئيا، سيكون له أثر مهم في مستقبل العملية، النجاحات الصغيرة هي التي تكون النجاح الأعظم وهذه من الدروس التي لا بد أن تعمل مختلف جهات الخدمات على التركيز عليها لضمان الاستمرارية والتنافسية والخدمات المتوافقة مع التغيير الذي تشهده المملكة حاليا وما سينتج عنه في المستقبل.

إنشرها