الطاقة- النفط

تقرير دولي: خطة "أوبك" حتمية لاستنزاف المعروض

تقرير دولي: خطة "أوبك" حتمية لاستنزاف المعروض

أكد تقرير "ذا إنرجي كولكتيف" الدولي أنه لا يوجد سعر للنفط الخام يحظي برضا وقناعة المنتجين والمستهلكين على السواء، ويحقق تطلعات كل من المصدرين والمستوردين للنفط معا، مشيرا إلى أن أسعار النفط حاليا تعتبر منخفضة للغاية بالنسبة إلى مصدري النفط.
وقال التقرير الدولي - المعني بتطورات السوق وأسعار النفط – "إن بعض منتجي النفط كانوا يشكون من أن أسعار النفط منخفضة للغاية بالنسبة إليهم في أوائل عام 2014 وذلك حينما كانت شركات النفط تعتبر مستوى 100 دولار أقل من أن يقدم الأموال الكافية لإعادة الاستثمار في المجالات الجديدة"، منوها بأنهم يعتبرون المستوى الحالي للأسعار في نطاق 65 دولارا هو أبعد بكثير عن المستوى المطلوب.
وأضاف التقرير أن "مصدري النفط غير راضين بشكل خاص عن الأسعار المنخفضة حاليا لأنهم بحاجة إلى أسعار مرتفعة من أجل جمع الإيرادات الضريبية المطلوبة"، متكهنا بأن هذا هو السبب في أن أعضاء "أوبك" وروسيا لجأوا إلى تخفيض الإنتاج في إطار خطة تهدف إلى استنزاف وفرة النفط خاصة فائض المخزونات وبالتالي دفع الأسعار إلى الارتفاع.
وذكر التقرير أنه في المقابل وفيما يخص الاستهلاك فمن غير الواضح على الإطلاق أن المستهلكين في البلدان المستوردة للنفط يمكن أن يتحملوا بالفعل أسعارًا أعلى من المستوى الحالي، مشيرا إلى حقيقة أن أسعار برنت لم تتمكن بالفعل من أن تبقى فوق 70 دولارًا للبرميل إلا لمدة أسبوع واحد.
وشدد التقرير على أن المستهلكين في البلدان الرئيسية المستوردة للنفط لا يمكنهم حقًا تحمل أسعار النفط عند مستوى مرتفع، لافتا إلى أن تحليلا حديثا عن مستوى مشتريات السيارات في مختلف دول العالم كشف عن أن أسعار النفط المنخفضة اعتبارا من منتصف عام 2014 نجحت في تنشيط مبيعات السيارات ومساعدة اقتصاديات كبار الدول المستوردة للنفط الخام.
ولفت التقرير إلى أنه إلى حد كبير كانت الصين تقود النمو في استهلاك النفط العالمي بسبب تسجيل اقتصادها معدلات نمو سريع، لكن على الأرجح أن الوضع تغير حاليا، حيث أظهر تقرير حديث لصندوق النقد الدولي أخيرا نمو الدين في الصين وتباطؤ الإنتاج حيث يؤدي الجمع بينهما بسهولة شديدة إلى حدوث أزمة ائتمان في البلاد.
إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للداراسات الاقتصادية، أن "أوبك" واقعة تحت ضغوط مستمرة بسبب الطفرات المتلاحقة في الإنتاج الأمريكي من النفط الخام، مشيرا إلى أن تقرير أوبك الأخير كشف عن زيادات تفوق التوقعات من الإنتاج الأمريكي الذي من المرجح أنه سيتجاوز النمو في الطلب خلال هذا العام.
وأضاف شتيهرير أنه "في ضوء التقرير الأخير لـ "أوبك" فإن المنظمة وحلفاءها وعلى رأسهم روسيا قد يعيدون النظر في اتفاق خفض الإنتاج لإضفاء مزيد من الفاعلية والتأثير فيه وحتى لا تتبدد الجهود السابقة التى نجحت في انتشال السوق من تراجعات حادة كما سحبت كثيرا من فائض المخزونات، معتبرا اجتماع حزيران (يونيو) سيحدد ملامح كثير من خطة العمل للفترة المقبلة للحفاظ على الإنجازات السابقة والحد من التأثيرات الواسعة لما يسمى بفيضان الإنتاج الأمريكي.
من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، رينهولد جوتير مدير إدارة النفط والغاز في شركة "سيمنس" العالمية، "إن وكالة الطاقة الدولية تحدثت عن توقعاتها بزيادات واسعة في الإمدادات النفطية الأمريكية وللدول خارج اتفاق التعاون مع "أوبك" وقدرت الأمر بنحو 1.8 مليون برميل يوميا هذا العام"، لافتا إلى أن أغلب التقديرات المتفائلة لنمو الطلب الواردة من "أوبك" وغيرها ترجح نمو الطلب بنحو 1.6 مليون برميل يوميا وهو ما يعني أن الزيادات تفوق الطلب وبالتالي زادت المخاوف من احتمال تفاقم حالة تخمة المعروض مجددا.
وأشار جوتير إلى أن المنتجين الـ 24 الأعضاء في إعلان التعاون يقتربون بالفعل من تحقيق هدفهم وهو العودة بمستوى المخزونات إلى المتوسط الطبيعي في خمس سنوات، لافتا إلى أنه لا توجد حالة رضا كامل عما تحقق، ويتحدث المنتجون الكبار دوما عن ضرورة التمسك بخفض الإنتاج وتطويره في الأعوام المقبلة على نحو أكثر فاعلية وصمود أمام متغيرات السوق خاصة العوامل الجيوسياسية الطارئة.
من ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، ديفيد ليديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستشارات الطاقة، "إن أسعار النفط الخام تماسكت من تراجعات سابقة بسبب عوامل جيوسياسية مهمة، هي الخلاف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ووزير خارجيته المقال ريكس تيلرسون على خلفية ملف العقوبات على إيران".
وتوقع ليديسما أن يشهد هذا الملف زخما كبير مع إصرار ترمب على تمديد العقوبات على إيران في مايو المقبل، لافتا إلى أن قضية إيران لها تأثير وثيق في أسعار النفط الخام لكون إيران ثالث أكبر منتج في منظمة أوبك وفي ظل رغبتها القوية في تنمية صادراتها وتعويض الخسائر الحادة السابقة.
وذكر ليديسما أن اعتراف "أوبك" في تقريرها الأخير بأن الطفرة في الإنتاج الصخري تفوق التقديرات السابقة وقد تتجاوز نمو الطلب يؤكد موضوعية منظمة أوبك وتقديراتها المحايدة لتطورات السوق، حيث كان البعض يتهمها بالتهوين المستمر من شأن الإنتاج الصخري لكنها أثبتت أن لديها قراءة عميقة ومحايدة وسريعة التطور لمتغيرات السوق.
من ناحية أخرى، تذبذبت أسعار النفط أمس إذ وجدت دعما في قوة الطلب العالمي لكن كبحتها في الوقت نفسه زيادة مستمرة في الإنتاج الأمريكي تقوض الجهود التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" لخفض الإمدادات ودعم الأسواق.
وبحسب "رويترز"، ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة تسعة سنتات إلى 61.05 دولار للبرميل، وجرى تداول العقود الآجلة لخام برنت عند 64.91 دولار للبرميل ليظل قريبا من سعر آخر تسوية.
وظل الخامان خلال معظم ساعات التداول الآسيوية عند أعلى أو أقل قليلا من التسوية السابقة، وتلقت الأسعار بعض الدعم من الطلب القوي، ومن المتوقع نمو استهلاك النفط بمقدار 1.62 مليون برميل يوميا في عام 2018.
لكن الزيادة المستمرة في إنتاج الخام الأمريكي ألقت بظلالها على الأسواق، حيث بلغ الإنتاج مستوى قياسيا جديدا في الأسبوع بصعوده إلى 10.38 مليون برميل يوميا ليرتفع أكثر من 23 في المائة منذ منتصف 2016. كما زادت مخزونات الخام التجارية خمسة ملايين برميل إلى 430.93 مليون برميل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط