FINANCIAL TIMES

أنموذج "المساهم أولا" يفقد دعم الجمهور

أنموذج "المساهم أولا" يفقد دعم الجمهور

بول بولمان، الرئيس التنفيذي لشركة يونيليفر، يأسف على تخصيص خمسة مليارات يورو لإعادة شراء أسهم هذه المجموعة الاستهلاكية العام الماضي ويقول كان من الممكن إنفاق المال بشكل أفضل في الاستثمار في الشركة ومنتجاتها.
عملية إعادة الشراء، إلى جانب تخفيضات في التكاليف بلغت ملياري يورو، وزيادة في الأرباح نسبتها 12 في المائة، كانت ثمن التصدي لعملية استيلاء غير مرحب بها من قبل شركة كرافت هاينز، التي تعود أغلبية ملكيتها لمجموعة ثري جي كابيتال، وبيركشاير هاثاواي، التابعة لوارن بافيت.
التركيز الذي لا يكل ولا يمل على قيمة المساهمين يعمل على تشويش عمل الشركات وإبعادها عن عملها الحقيقي المتمثل في الاستثمار والابتكار، إضافة إلى "رعاية هذا الكوكب الرائع"، بحسب ما قال بولمان خلال مؤتمر تم عقده في نيويورك برعاية "لجنة تشجيع الشركات للعمل الخيري": تحالف الرؤساء التنفيذيين لأعمال الخير.
سيكون لاسم هذه المنظمة التأثير نفسه في بعض مراقبي بولمان، مثل تأثير الكاراميل المثلج في الأسنان الحساسة. فهم يتساءلون لماذا لا يستطيع رئيس يونيليفر مواصلة عمله الذي كلف به، بدلا من جولاته التي لا تنتهي من النفاق والتظاهر بعمل الخير؟
علق أحد قراء "فاينانشيال تايمز" قائلا: "أشعر بحزن شديد لأن شركة ثري جي لم تمنح ذلك الشخص كل الوقت اللازم في العالم، ليجلس في روتردام ويأخذ في إلقاء المواعظ حول التنوع والمسؤولية الاجتماعية مستخدما الأموال الموجودة بحوزة شركته".
لكن بولمان، وهو من أنصار مسؤولية الشركات العنيدين، ليس الوحيد الذي يسعى للجمع بين الربحية وسلامة المجتمع والبيئة. قال لاري فينك، رئيس "بلاك روك"، شركة إدارة صناديق الاستثمار، للرؤساء التنفيذيين إنهم بحاجة للتفكير على المدى الطويل، بدلا من التفكير في كل فصل على حدة، وبالتالي يتعين عليهم "تفهم التأثير المجتمعي لشركتك".
الشركات التي فشلت في فعل ذلك ستخسر دعم المجتمع "والترخيص الممنوح لها للتشغيل والعمل"، بحسب ما قال فينك.
المشكلة هي أن الشركات المدرجة في البورصة دائما ما يتعين عليها اتخاذ الحيطة والحذر من المساهمين المستعدين لتعطيل وعرقلة استراتيجياتهم بعيدة الأمد، من أجل تحقيق مكاسب قصيرة الأجل.
في الأسبوع الماضي، سعت أليسون بريتين، الرئيسة التنفيذية لشركة وايت بريد، المالكة لسلسلة محال كوستا كوفي وفنادق بريمير إن، لصد طلب مقدم من سكوت فيرجسون، مؤسس صندوق التحوط الموجود في نيويورك "ساتشيم هيد"، لتقسيم الشركة من خلال التخلص من "كوستا" وبيع ما قيمته نحو خمسة مليارات جنيه من أملاك "وايت بريد".
بيع "كوستا" ليس بالفكرة الجديدة. بعض المحللين كانوا يضغطون من أجل تنفيذ ذلك، لكن بريتين لديها نظرة ثاقبة أطول أجلا. فقد قطعت نصف الطريق في برنامج يدوم ثلاث سنوات بهدف إعادة إحياء الشركة. قالت: "لو كان هذا منزلا، فنحن قد وصلنا إلى منتصف عملية التحديث".
ما دور فيرجسون في الشركة؟ هل حاز أسهمها منذ سنوات وكان منخرطا بشكل كبير في هذا الحوار؟ لا. لقد كشف عن حصته البالغة 3.4 في المائة في كانون الأول (ديسمبر)، في حين تأسست "وايت بريد" في عام 1742. طول العمر ليس ضمانا للنجاح في المستقبل أو البقاء على قيد الحياة، لكن هل ينبغي في الواقع تحديد مصير شركة قديمة موجودة منذ 276 عاما من خلال شخص دخل إليها قبل أشهر قليلة فقط على أمل تحقيق عائد سريع؟
بالنسبة لبعضهم، يبدو حل هذه المشكلة واضحا: البقاء بعيدا عن سوق الأسهم. قال بريان تشيسكي، الرئيس التنفيذي لشركة إيربنب، إن الشركة لن يتم إدراجها في البورصة هذا العام. "السبب في ذلك هو أن الشركات تحاول التصرف لمصلحة مساهميها، والجمهور لا يثق بالمؤسسات والشركات الكبرى".
لم يستبعد تشيسكي عملية الاكتتاب العام الأولي تماما. فقد قال لـ "فاينانشيال تايمز" إنه سيوظف مزيدا من أعضاء مجلس الإدارة المستقلين بحيث تصبح الشركة مستعدة للاكتتاب العام الأول". وأضاف: "يعتقد المستثمرون أن قيمة إيربنب تبلغ 30 مليار دولار. وسيرغبون في النهاية في الحصول على جزء من ذلك".
لكن هناك نماذج شركات أخرى مناسبة بشكل أفضل للذين يريدون تأسيس الشركات، والذين يؤمنون بالاستثمار الصبور والابتكار، وتطوير العاملين، والمنتجات المناسبة، ورضى الزبائن، والحصول على سمعة تجعل الناس يفخرون بعملهم لديها.
هناك شركات مملوكة من قبل الموظفين – "جون لويس"، أشهر شركة للتجزئة في المملكة المتحدة - وشركات خاصة وشركات عائلية. كثير من هذه الشركات مصيرها الفشل. وغالبا ما يتعين على الشركات العائلية البحث خارج العائلة من أجل العثور على أشخاص يخلفون المؤسسين.
لكن بولمان وفينك وتشيسكي جميعهم على حق. فقد تمكن أنموذج "المساهم يأتي أولا" من إلحاق الضرر بدعم الجمهور للتجارة والرأسمالية. وفي الوقت الذي يتفهم بعض المستثمرين هذا الأمر، فشل كثيرون في استيعاب مدى التغيير الحاصل. هناك إحساس عام بالغضب في الوقت الذي يشعر فيه الناس بأن النظام يعمل لمصلحة أشخاص يعتبرونهم من المهندسين الماليين والمتلاعبين، لكنه لا يعمل لمصلحة الجمهور العريض. علينا أن نفكر بشكل أعمق بخصوص البدائل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES