Author

جمعية الاقتصاد السعودية .. ملحوظات بهدف تحسين الأداء

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا

عقدت الجمعية أخيرا لقاءين الأول مع وزير المالية والثاني مع وزير الإسكان. ويبدو أن النية لمزيد لقاءات مع كبار مسؤولي الدولة. الملاحظ أن اللقاءين لا يعكسان ما يفترض أن يعكسانه. كيف؟
تأسست جمعية الاقتصاد للمساهمة في تنمية الفكر الاقتصادي وبناء مرجعية اقتصادية علمية سعودية بسمات عالمية. وجرى تأكيد هذا الكلام بتصريح رئيسة الجمعية الدكتورة نورة اليوسف حسب ما نشرته بعض وسائل الإعلام قبيل لقاء وزير المالية. لكن ما جرى في اللقاءين كان دون مستوى طموحات الأهداف السابقة. خاصة إذا قارنا بما يحدث في اجتماعات جمعيات اقتصادية في الشرق والغرب. لقد بدا اللقاءان كأنهما نسخة من اللقاءات التي تنظمها جهات غير علمية كالغرف التجارية والقنوات التلفزيونية.
كان بودنا إثراء اللقاءين بتحضيرات ومنهجية وطريقة وأدوات تنفيذ تعكس علمية الجمعية. كان ينبغي أن تظهر في اللقاءين الروح العلمية والأكاديمية للجمعية. فمثلا في لقاء وزير المالية كان ينبغي أن تظهر في اللقاء جليا نغمة وفائدة اقتصاد المالية العامة economics of public finance. كما كان ينبغي أن يدير أو على الأقل يشارك في إدارة اللقاء من هو متمكن في ذلك التخصص الاقتصادي وفي تطوراته الأخيرة علميا وعمليا.
وبالمثل، في لقاء وزير الإسكان، كان ينبغي أن تظهر في اللقاء لغة وفائدة اقتصاد الأرض والإسكان واقتصاد العقار economics of land and housing and economics of real estate، ولكن طبعا بلغة مبسطة. كان ينبغي الحديث عن المنهجية العلمية الاقتصادية التي اتبعتها وزارة الإسكان في أعمالها ذات الطبيعة الاقتصادية. من أمثلة هذه الأعمال تقديراتها الرقمية، وفهمها لطبيعة المشكلة الإسكانية في بلادنا من ناحية اقتصاديات تكلفة وتمويل وكفاءة تخصيص موارد وخلافهما وهكذا. وتبعا، قد يتطلب الأمر من الوزير الاستعانة بمستشارين لديه لتوضيح نقاط فنية.
لا شك أن هناك جهودا. ولا شك أن الجمعية تواجه مشكلات ونقاط ضعف. ومن المشكلات أن العمل لا يستهدف الربح. هذا النوع من النشاط يتصف بأن أداءه ضعيف، ربما باستثناء العمل الخيري. لكن هناك مساحة للتحسين.
الأمل قوي في التغلب قدر الإمكان على المشكلات ونقاط الضعف. ومصدر هذا الأمل يعود إلى كون كل أو أغلب القائمين على الجمعية عاشوا سنوات ونالوا تعليما عاليا في بلاد غربية أكثر تقدما منا مهنيا وإداريا واقتصاديا وأداء. وكون قضايا من أمثال الفعالية والأداء والإنتاجية والاستخدام الأمثل للموارد، والتنمية كون دراسة هذه القضايا من أساسيات تخصصاتهم.
طبعا ليس من العدل أن يطلب إلقاء بحوث تقنية أمام جمع من المسؤولين ورجال الأعمال وعامة المثقفين، هذا مفهوم، لكن يجب ألا يكون هذا مانعا من السعي الجاد للقاءات وأوراق وندوات تشبه ما نراه في لقاءات ومؤتمرات جمعيات الاقتصاد في الدول الغربية، ودول شرق آسيا.
ينبغي أن يجتهد للرقي بمستوى الممارسة المهنية الاقتصادية في المملكة.
من أهداف الجمعية الأساسية المساهمة في رفع المستوى المهني، ومن ثم فعلى الجمعية الاهتمام بهذا الهدف. من المهم أن تتبنى الجمعية معايير ومواصفات مرشدة للآخرين أكثر ارتقاء وتطورا وعمقا في تصنيف الوظائف الاقتصادية، واقتراح المسميات الوظيفية، ومعايير اكتساب المهارات والخبرات الفنية في التخصص. هذه الأمور تسهم في تنمية الممارسة المهنية لدى الاقتصاديين، ورفع مستوى الفكر العلمي الاقتصادي في المملكة.
هناك ضعف في البحث العلمي الرصين. هو لا يحظى بهالة إعلامية، ولا يعطى الدعم المادي الكافي. ما الحل؟ قضية مطروحة للنقاش بعمق.
كم نطمح إلى أن تصبح الجمعية الاقتصادية السعودية منافسة أو مقاربة من حيث المهنية والأداء ما هو موجود في جمعيات دول كأستراليا وتايوان وسنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية ودول الغرب. وبالله التوفيق.

إنشرها