default Author

العلاج بالأموات

|

هل تخيلت يوما أن تكون رفاتك طلاء للوحة فنية لأشهر الفنانين أو علاجا لأخطر الأمراض أو سمادا عضويا في حديقة أحدهم؟! هذا ما كان يحدث للمومياوات في العصور السابقة. تحولت النعمة إلى نقمة، فبعد أن كان تحنيطهم تخليدا وتمجيدا لهم، أصبحت جثثهم عرضة للسرقة والمتاجرة بها لسحقها واستخدامها في أمور أغرب من الخيال قد لا تخطر لك على بال!
فحتى وقت قريب، كانت المومياء المصرية، وخاصة الغلاف الخارجي، تستخدم في إنتاج نوع من الطلاء البني يعرف بـ"البني الموميائي"، يخلط مع المرة ومواد أخرى لينتج لونا بنيا مميزا بدأت صناعته في القرن الــ 16 ليصبح اللون المعتمد للرسامين حتى أواسط القرن الــ 19، لذلك لا تستغرب عند زيارة المتاحف أو دير سانت دينيس إذا قال لك مرشدك السياحي إن ميتا تحول إلى لوحة فنية!
ومع انخفاض عدد المومياوات ومعرفة البعض أنه مأخوذ من المومياوات بدأت شعبية اللون تَخِف، حتى أن الرسام إدوارد بيرن جونز عندما علم بأصل اللون وضعه في أنبوبة وقام بدفنها، احتراما للميت!
وعلاقة الفن بالمومياء وطيدة، فمنذ بداية صناعة السينما كانت المومياء رمزا للرعب، حتى أصبحت بطلا لأعمال فنية كثيرة. وفي القرن الــ 20 استخدمت مومياء الأقصر على المسرح مع الساحر نامبا! ولم يقتصر الموضوع على الفن، بل استخدمت المومياوات في علاج بعض الأمراض، بسبب اعتقادهم أنها تمتلك قوة غامضة للحياة، فاستخدمها الأوروبيون في العلاج حتى القرن الــ 18. استخدم مسحوقها كعلاج موضعي للأمراض الجلدية، وقد يخلط مع مكونات سائلة أخرى لعلاج التورمات. وكان من مستخدمي المومياء في العلاج الملك الفرنسي فرانسيس الأول، وفرانسيس بيكون، ما عمل على رواج بيع وتجارة المومياوات. وتجاوز الأمر ذلك إلى استخدام المومياوات وجثث الحيوانات، مثل القطط والطيور التي يتم تحنيطها في مصر القديمة قربانا وتضحية للآلهة، خاصة مومياوات القطط، وهو ما دفع الشركات الإنجليزية لشرائها لأغراض زراعية، حيث كانت تسحق لتحويلها إلى سماد لرش الحقول وتغذية التربة.
وقد تكتب على ورقة وتستشعر أنك تخترق جلد المتوفى، فقد شاع أن لفائف المومياء كان يصنع منها الورق، وأكد ذلك أن مصانع الورق في الساحل الشرقي الأمريكي كانت تستورد لفائف المومياوات!
أدت المتاجرة بالمومياوات وتعدد طرق استخدامها في كل ما ذكر سابقا، إضافة إلى استخدامه كديكور في المسارح، وكتحف فنية في القصور والمحال التجارية، إلى أن قل عددها ما دفع بعضهم إلى تزوير الجثث. فقد قاموا باستخدام جثث المجرمين والمطلوبين وغيرهم وتعريضها للجشم بعد طليها بالقار، لإنتاج مومياء تطابق الأصلية وبيعها ويصعب التفريق بينها!

إنشرها