غير أن غرابة هذا الالتفاف السياسي تزول عند كل مراقب إذا ما تأمل خطاب الحاكم القطري الفعلي حمد بن جاسم صاحب الأملاك الأوروبية ووزير الخارجية الأسبق مصمم العلاقات القطرية الإسرائيلية ومهندس مكاتبها الاقتصادية والسياسية منذ منتصف التسعينيات الميلادية. إذ صرح ابن جاسم بتذاكٍ مثير للشفقة عبر حديث مسرب أن الغاية من التقارب مع تل أبيب تعزيز العلاقة مع واشنطن وكسبها إلى صف الدوحة ضد أشقائها العرب، لتستمر قطر في التلويح بورقة التطبيع وإظهار نفسها بمظهر الشرق أوسطي "الإنساني" الداعي للتعايش السلمي مع إسرائيل.
واقع اسرائيل السياسي في المنطقة وضرورات السلام العادلة ومتاعبه فضلا عن مآسيه ليسا من اختراع النظام القطري، ولا تمت لمجهوداته السياسية بصلة مهما حاول الحمدان اختطافها من رجال يعرفهم التاريخ العربي والفلسطيني جيدا. لتسوّق الدوحة في ازدواج عقيم نفسها أوروبيا وأمريكيا كأنموذج يحتذى فيما يريده الغرب للعلاقات العربية الإسرائيلية. في حين النظام ذاته هو من يغذي الانقسام الفلسطيني بين حماس والسلطة باختزاله القضية الفلسطينية في غزة لسبب بغيض وصولي يتمثل في قدرته على بسط نفوذه السياسي بمساعدة الفصائل الفاعلة هناك.
ليثبت بتواطؤ متكرر أن القضية الفلسطينية العربية المحقة ليست ما يعني الحمدين ابن خليفة وابن جاسم. بقدر ما يعنيهما المتاجرة بها واستغلالها، كما غيرهما من أتباع طهران وميليشياتها، تبعا لاتجاه الرياح السياسية النفعية أيا كان مصدرها على أمل أن تأخذ هذه الرياح مركب حكمهما المهترئ إلى حيث يواصلان الكيد للأشقاء والتآمر عليهم، إحساسا بالنقص وتخلصًا من عقد الذنب المتراكمة وإرضاء لنزوات نفسية تفاقمت منذ انقلابهما المخزي على الأب خليفة.
أضف تعليق