Author

لا تحاكمني .. بيتك من زجاج

|

سأل رجل أرسطو “كيف أسلم من معاداة الناس”؟ فأجابه، “كن إنسانا عاديا، فاشلا، مهملا في زاوية مظلمة في الحياة، وبذلك تسلم من معاداة الناس”.
في هذه الحياة هناك أربعة أنواع من البشر، النوع الأول يعتقد أنه يمتلك الصلاحيات التي تخوله إطلاق الأحكام القطعية على الآخرين، من خلال نظرته الشخصية لهم، أو وفقا لما يراهم عليه ظاهريا، غير عابئ إطلاقا ما إذا كان حكمه صحيحا أم لا، ولا يكتفي بذلك بل يسيء إليهم في كل مجلس وموقع اجتماعي، وكأنهم علكة في فمه، والنوع الثاني شخصية سلبية مستسلمة ترتعد خوفا من هذه الأحكام الشخصية، فتحسب لها ألف حساب، إلى تلك الدرجة التي تؤثر بها في حياتها الشخصية وأمانها النفسي، وتترك آثارها السلبية في روحها، وهذه الشخصية غالبا تمشي “جنب الحيط” وتخاف من القيل والقال بشكل كبير، وبالتالي هذه الشخصية السلبية ترغب في عدم إحداث ضجيج من حولها، وتفضل الانسحاب من الأضواء وروح المغامرة، وتختار البقاء في الصفوف الخلفية، حتى لا تلفت أنظار النوع الأول، النوع الثالث يؤمن أنه ليس من حق أي شخص أن يحاكم الآخرين، ويطلق أحكامه الجزافية بدون أدلة مادية قطعية، وتحطيم حياتهم بناء على حكم شخصي قائم على الظن فقط، هؤلاء يمتلكون الشجاعة والشخصية القوية التي تدفعهم إلى الحوار والنقاش، وتحمل كل تبعات ما يؤمنون به، وغالبا هم من يكونون في الصفوف الأمامية في الحياة، والنوع الرابع “مطنش” الجميع، لا يهمه ما يقوله الآخرون عنه سواء كان صحيحا أم لا، يفعل ما يريد ضاربا عرض الحائط بالأحكام الظنية والقطعية والأخلاق العامة والأعراف، يعني “عايش لنفسه” فقط، العالم في عينيه ينحصر في تلك اللحظات التي يستمتع فيها وحده، وهذا الشخص أناني، يعتقد أن العالم يتمحور حوله، ولا يهتم بمن حوله!
من خلال هؤلاء الأنواع الأربعة تستطيع أن تجد الأقرب إلى شخصيتك، ما يسمح لك بإعادة تقييم طريقة تعاملك مع الآخرين، ونظرتك الشخصية لمن حولك، وكيفية إصدارك الأحكام عليهم، وهو ما سيجعلك تدرك إن كنت محبوبا أم منفرا للآخرين منك، بسبب أحكامك الاندفاعية ومحاكمتك لمن حولك، وكأنك تعيش في عالم ملائكة لا بشر!
- الأمر المثير للسخرية أن غالبية من يستفزون الآخرين بأحكامهم الظنية الشخصية لا يدركون أن بيوتهم من زجاج، وأصغر حجر قد يهدمها، والذين اكتووا بنار أحكامهم “سينبشون” عن أخطائهم ثم ينشرونها على العلن، وبعد فوات الأوان سيدرك أصحاب النوع الأول صحة المثل الشعبي “غبر يا ثور وعلى قرنك”!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها