Author

أدوات معززة لإدارة المالية العامة

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا

تتحسن قرارات الإنفاق الحكومية من خلال زيادة فعالية إدارة المالية العامة، أي: مالية الدولة في إطارها الكلي. وينطوي ذلك على وضع إطار متوسط المدى لصنع القرارات، وعمل ترتيبات مؤسسية من أجل ضمان التكامل الفعال مع عمليات الميزانية.

إطار السياسة
هناك عنصر أساسي في تحسين إدارة المالية العامة بصورة شاملة كلية macrofiscal management وهو تحديد وعاء الميزانية the budget envelope لمدى زمني. وبالنظر إلى أن الحكومة السعودية لا تعاني معاناة قوية من قلة الموارد المالية، فإنه ينبغي أن يتجه التركيز في إدارة المالية، من حيث المبدأ، على المسار الإنفاقي العالي الجودة، والذي ييسر التوظيف الراسخ للقوى العاملة السعودية النامية. وهذا المسار وتبعاته على التوظيف، سيحكم استراتيجية النمو والاستثمار والتوظيف الراسخ في القطاع الخاص، مع الآثار المترتبة على طريق الإنفاق، ولا سيما الاستثمار الحكومي على المدى المتوسط والبعيد. لذا، سيكون من المهم استخدام مقاييس وأهداف لا تخضع لتقلبات دورية.
المقاييس البديلة لرصيد المالية العامة
هناك أربعة كشوف مالية تكون أساس الإطار التحليلي، وهي:
1. بيان التشغيل أو عمليات operation الحكومة في فترة محاسبية بعينها.
2. بيان التدفقات الاقتصادية الأخرى "يركز على التغيرات في أرصدة الأصول والخصوم".
3. الميزانية العمومية.
4. بيان مصادر واستخدامات النقد لتوفير معلومات أساسية عن السيولة، ويستخدم هذا البيان تصنيفا مماثلا للتصنيف المستخدم في بيان عمليات الحكومة.
كما يسهل إطار دليل إحصاءات مالية الحكومة الذي تبنته الدولة قبل سنتين استعمال عدد من المقاييس غير المحصورة بموازين المالية العامة، ويعتمد الاختيار على نوع التحليل المقرر عمله. وأهم هذه المقاييس:
1. رصيد المالية العامة الكلي، ويعبر عن صافي الإقراض والاقتراض، مع مراعاة الأصول والخصوم المتصلة بالسياسة المالية العامة.
2. الرصيد الكلي المعدل باستبعاد المنح وكل أو بعض إيرادات النفط.
3. الرصيد الأساسي الكلي، ويتكون من رصيد المالية العامة زائدا صافي مصروفات الفائدة.
4. رصيد التشغيل الأساسي، ويتكون من صافي رصيد العمليات "التشغيل" زائدا صافي مصروفات الفائدة.
وعلى الرغم من جاذبية الرصيد الكلي المعدل، إلا أن من الصعب جدا عمل استبعاد لكل إيرادات النفط، لأنها تشكل معظم الإيرادات العامة في عامة الدول الخليجية. لذا، نرى أن الأفضل هو تطوير رصيد كلي معدل آخر، يراعي تقليل نصيب الإيرادات النفطية، وتأثير تقلباتها على الإنفاق، وليس استبعاد هذه الإيرادات بالكلية.
وقد خصص دليل إحصاءات مالية الحكومة جزءا منه لاستعراض الإطار التحليلي لنظام إحصاءات مالية الحكومة والعلاقات بين عناصره، والمقاييس التحليلية.
ومن المعلوم أن وزارة المالية اتبعت أسلوبا محاسبيا على أساس نقدي. ولكن دليل إحصاءات مالية الحكومة، الذي جرى تبنيه أخيرا، قائم على أساس استحقاقي كامل، ومن ثم قد لا تتوافر بعض المؤشرات والبيانات وفق الأساس النقدي.
ويفترض معالجة النقطة السابقة في إطار تنظيم مؤسسي مكلف بوظائف المالية العامة الكلية، الذي تم إقرار تأسيس وحدة له في وزارة المالية قبل نحو سنتين أو ثلاث.
إدارة الفوائض النفطية
يتميز مورد النفط من زاوية النظر الاقتصادي بخصيصتين:
الأولى: التقلبات الحادة في أسعاره وإيراداته، التي يصعب التنبؤ بها. الثانية: كونه موردا غير متجدد.
الخصيصة الأولى، تتطلب من الدول النفطية تبني سياسات تهدف إلى تخفيف حدة تقلبات الإيرادات النفطية، واستقرار الإنفاق العام. أما الخصيصة الثانية، فتتطلب مراعاة حقوق الأجيال القادمة.
في ضوء هاتين الخصيصتين سارعت دول نفطية إلى إنشاء صناديق نفطية، وهناك دول تفكر في ذلك. وتحمل هذه الصناديق مسميات مختلفة، ولكن العمل واحد: إدارة الفوائض النفطية.
في الوقت الحالي، تتولى في بلادنا مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" إدارة الفوائض، من خلال تراكم الاحتياطيات الدولية. ولكن، ينصح باستكشاف طرق إضافية لإدارة الفوائض المالية المتجمعة أو المتوقعة على المديين المتوسط والبعيد، خاصة مع تقليص حجم الدين العام.
وطبعا الهدف إدارة هذه الفوائض للاستفادة منها في تقوية الاستقرار والتثبيت في إيرادات النفط و/أو أوعية للادخار لمراعاة حقوق الأجيال القادمة، ولنكن دقيقين أكثر، حقوق أجيال ما بعد نضوب النفط أو ما بعد فقدانه لأهميته. ونرى أن تركز المملكة على هدف الاستقرار والتثبيت بالنظر إلى وفرة الاحتياطات النفطية.

إنشرها