default Author

الإصلاحات الداعمة لتعزيز الناتج

|

الانتعاش الدوري الذي حققه النشاط الاقتصادي العالمي بعد نمو مخيب للآمال على مدار السنوات القليلة الماضية، هناك فرصة مثالية لإجراء الإصلاحات الأساسية الرامية إلى تعزيز الناتج الممكن وضمان توزيع ثماره على نطاق واسع وبناء الصلابة في مواجهة مخاطر التطورات السلبية. ولما كانت البلدان لا تزال تواجه أوضاعا دورية مختلفة، فإن اختلافها يظل ملائما من حيث المواقف التي تتخذها السياسة النقدية وسياسة المالية العامة. ويظل استكمال التعافي الاقتصادي واعتماد استراتيجيات لضمان وضع المالية العامة على مسار قابل للاستمرار هدفين مهمين في عديد من الاقتصادات. وفيما يلي بعض مجالات التركيز الاستراتيجي المهمة: رفع الناتج الممكن: هناك حاجة إلى الإصلاحات الهيكلية وسياسات المالية العامة الداعمة للنمو بغرض زيادة الإنتاجية وعرض العمالة، مع وجود تفاوت في الأولويات بين البلدان. وفي الفترة المقبلة، يستلزم التحول الهيكلي الجاري وضع مجموعة شاملة من مناهج السياسات، بما في ذلك السياسات التي تحد من مشقة الإصلاح وتتيح فرصا للجميع. تأمين التعافي وبناء الصلابة: ينبغي أن تستمر السياسة النقدية التيسيرية في الاقتصادات المتقدمة إلى أن تظهر بوادر مؤكدة لعودة التضخم إلى مستوياته المستهدفة. فإن استمرار ضعف ضغوط الأجور يرجع في الأساس إلى التراخي المتبقي الذي لا ترصده بالكامل معدلات البطالة الكلية. وفي الوقت نفسه، يتعين مراعاة المتابعة الدقيقة لتقييمات الأصول المبالغ فيها والزيادة المستمرة في الرفع المالي في بعض أجزاء القطاع المالي، مع الرقابة الاحترازية الجزئية والكلية الاستباقية حسب مقتضى الحال. وينبغي تحقيق الاتساق بين موقف سياسة المالية العامة وجهود الإصلاح الهيكلي، حيث يمكن الاستفادة من الأوضاع الدورية المواتية في وضع الدين العام على مسار قابل للاستمرار مع دعم الطلب حيثما اقتضت الحاجة وتوافرت الإمكانية. فإن زيادة الإنفاق العام الموجه إلى رفع مستوى الناتج الممكن يمكن أن تحقق منافع محلية وتداعيات إيجابية ينتقل أثرها إلى بلدان أخرى، ولا سيما في الاقتصادات التي تشهد حالة تراخ اقتصادي وأوضاعا نقدية تيسيرية، بل إن اعتماد تلك التوصيات بشأن السياسات من شأنه المساعدة على تقليص الاختلالات الخارجية، ولا سيما بالنسبة للاقتصادات المتقدمة ذات الفوائض الزائدة، حيث يسهم ارتفاع الطلب المحلي في موازنة آثار الطلب السلبي الناتج عن جهود استعادة التوازن اللازمة في بلدان العجز. وهناك حيز مالي محدود لدعم الطلب في كثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، خاصة المصدرة للسلع الأولية. ولكن السياسة النقدية يمكن أن تتيح الدعم اللازم عموما، نظرا لأن التضخم قد بلغ ذروته على ما يبدو في بلدان عديدة. وتساعد مرونة أسعار الصرف على التكيف مع صدمات أسعار السلع الأولية. وستسهم جهود تعزيز الحوكمة ومناخ الاستثمار بدورها في تحسين آفاق النمو. وفي البلدان منخفضة الدخل، التي يتعين على كثير منها القيام بجهود لإجراء تصحيح دائم في أوضاع المالية العامة والحد من مواطن الضعف المالي، ستساعد الإصلاحات الداعمة للنمو على الاستفادة المثلى من المكاسب الديموغرافية المنتظرة في الفترة المقبلة من خلال تشجيع توفير فرص العمل. تعزيز التعاون الدولي: في كثير من التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، يمكن أن تكون إجراءات البلدان المنفردة لمواجهتها أكثر فعالية إذا كانت مدعومة بتعاون متعدد الأطراف. وسيتطلب الحفاظ على التوسع الاقتصادي العالمي أن يتجنب صناع السياسات الإجراءات الحمائية ويبذلوا مزيدا من الجهود لضمان اقتسام ثمار النمو على نطاق أوسع. وإلى جانب الحفاظ على نظام تجاري مفتوح، تتضمن أهم مجالات العمل المشترك حماية الاستقرار المالي العالمي، ووضع نظم ضريبية عادلة وتجنب السباق نحو القاع، ومواصلة دعم البلدان منخفضة الدخل في سعيها لتحقيق أهدافها الإنمائية، وتخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معها.

إنشرها