Author

الحياة على الهامش

|


تستمر أنماط الحياة في العالم الغربي في اجتذاب مزيد من العشاق، ونشاهد اختلافات جذرية في سلوك أغلب من يعيشون بيننا. لا يوجد رابط يمكن أن نبني عليه مفهوم التحول العجيب الذي يشغل بال كثيرين ممن يتشبثون بالقيم وأساليب الحياة والمفاهيم التي نشأنا عليها وتبنيناها وأصبحت جزءا من تكويننا الحضاري والفكري.
ما نراه اليوم من محاولات التقليد التي لا يمكن أن نبرئ منها كثيرا من القدوات في المجتمع، هي تثبيت لحالة الغربة التي يعيشها الناس وهم يرون أنفسهم خارج إطار التغيير الثقافي والاقتصادي والحضاري الذي نستورده بشكل مستمر من الخارج. بدأنا بالغرب وها نحن نشاهد كثيرا من التبني لتغييرات قادمة من الشرق، السؤال المهم هنا هو لماذا لا نجد أيا من التبني المذكور قادما من عالمنا نحن.
يصعب أن أجد أي سلوك أو فكرة أو مكون ينتشر من عندنا في العالم الآخر، وهذا قد يفسره من يقرأ مقدمة ابن خلدون بتجذر حالة الهزيمة النفسية التي تدفعنا لتقليد الآخر الذي نظن أنه انتصر في معركة بناء المتغير الثقافي والعلمي والسلوكي الذي نراه اليوم.
يعيش أغلبنا على هامش التاريخ وتمر حياتهم دون أن يكون لهم أي أثر في العالم، وهو أمر اعتيادي، لكن أن يصبح هؤلاء السلبيون الذين لا يملكون ما يسهمون به في تقدم العالم إلى مراكز تكوين للسلوك العام، فذاك لعمري مؤلم ويدفع بنا للوراء بسرعة أكبر مما نحن عليه.
لن أتهم وسائل التواصل فقط، رغم أن لها دورا في تخليد وتبجيل من لا يستحقون فعلا ذلك، بل إنهم قد يستحقون العقاب والمساءلة القانونية على كثير مما نشاهدهم يمارسونه ويدفعون الناس نحو تبنيه وبشكل معلن. هذا الأمر هو جزء من مسؤولية الجهات الرقابية على هذه الوسائل قبل أن يكون مسؤولية من يشاهدون تلك السلوكيات ويسكتون عنها أو يتبنونها في حياتهم وهو الأمر الأخطر.
إنما التهمة تطول أغلبنا اليوم، فنحن ندفع بأشخاص وسلوكيات ومفاهيم للمقدمة وهي "وهم" لا يستحقون ذلك، بل إنهم يستحقون العقاب على ما نشاهده منهم. إنما واقعنا يؤكد أن هؤلاء رغم عدم أهمية ما يمثلونه أصبحوا خنجرا في خاصرة المجتمع، وصنعوا لأنفسهم ولغيرهم مسالك قد تكون "مهالك" وهم يدفعون بنا نحو الفقر والتصحر في المبادئ والقيم.

إنشرها