Author

إيران .. الإرهاب .. التمويل المالي

|
كاتب اقتصادي [email protected]

"إيران ترعى الإرهاب حول العالم، وتدعم مجموعة كبيرة من المنظمات الإرهابية"
ناثان سيلز - منسق مكافحة الإرهاب الأمريكي

لا توجد منظمة دولية أهلية أو غير أهلية، إلا وتحركت من أجل دفع الجهات العالمية المختصة على مواصلة تحركها ضد إيران لدعمها وتمويلها الإرهاب. والحق إن تورط إيران في الإرهاب لم يعد يحتاج لخبراء أو محققين. والنظام الحاكم فيها، لا يتردد في التباهي بدعمه الإرهاب هنا أو هناك، وهناك قادة في هذا النظام يعقدون المؤتمرات للحديث عن دور إيران الإرهابي، ناهيك عن أولئك المحسوبين على نظام علي خامنئي الذين يطلقون التحدي ضد الدول، لاسيما بلدان المنطقة. هذا التفاخر يبدو أنه أحد أهم أرصدة نظام لم ينشئ علاقات طبيعية مع أي دولة منذ وصوله إلى الحكم. ما أنشأه من علاقات فعلا كان مع سلسلة من الدول المارقة التي ترعى بدورها الإرهاب، وتوفر الأدوات اللازمة له.
منذ عام، تتجه المنظمات المناوئة للإرهاب والداعمة للسلام والأمن، إلى مجموعة العمل المالي الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المعروفة اختصارا باسم "فاتف". فهي تريد أن تتخذ المجموعة سلسلة من الإجراءات الفعالة والحاسمة لمكافحة جرائم إيران المتعددة المتعلقة بدعم الإرهاب وتمويله. وفي السنوات القليلة الماضية، تمكنت الحكومات حول العالم من وضع قوائم بالنشاطات المالية غير القانونية للنظام الإيراني. بعض هذه النشاطات تجري في البلدان الغربية نفسها، تحت مسميات عديدة، ناهيك عن استخدام أطراف ثالثة ورابعة في تدوير الأموال، للوصول بها إلى أنظف حالة ممكنة. واعترف مسؤولون في أوروبا بالفعل أن حراك إيران المالي غير الشرعي استفاد من الساحة الأوروبية بصورة رهيبة وخطيرة، خصوصا في مطلع العقد الحالي.
كل المعلومات متوافرة عن هذا النظام الإرهابي. صحيح أن الولايات المتحدة اتخذت سلسلة مهمة وقوية من الإجراءات ضد هذا النظام الفاشي، إلا أن حلفاءها لا يزالون يتعاطون مع الأمر بأقل من المستوى المطلوب. وفي أعقاب الاتفاق النووي الهش بين البلدان الغربية وإيران، تساهل الأوروبيون كثيرا في هذا المجال، وكان واضحا أنهم يريدون الحصول على حصة من السوق الإيرانية في أعقاب رفع العقوبات وفق الاتفاق المذكور. أي أنهم اهتموا بالصفقات أكثر من اهتمامهم بالأموال الإيرانية التي تذهب في طرق الإرهاب والقتل. وهذا من أخطر الأمور حقا. الأوروبيون أنفسهم كانوا ولا يزالون يخشون الولايات المتحدة في التعامل المفتوح جدا مع إيران، لأنهم يعرفون أن واشنطن قامت في السنوات الماضية بحملة متواصلة على المؤسسات والشركات والمصارف التي نظفت أموالا للنظام الإيراني وهي تعلم بذلك!
كل هذا بات معروفا. والحقيقة أن مسؤولين كبارا في النظام الإيراني وعلى رأسهم الرئيس حسن روحاني، تمكنوا في أعقاب التوقيع على الاتفاق النووي، من اللعب واللف والدوران على صعيد المعاملات المصرفية. فبعد أن تعهدت طهران بإصلاح نظامها المصرفي، علقت مجموعة العمل المالي "فاتف" إجراءاتها ضد إيران بشكل استثنائي. الذي حدث أن النشاطات المالية المريبة ارتفعت وتيرتها على الساحة الداخلية الإيرانية وخارجها. كما أن الحرس الثوري الإيراني نفسه استغل هذا الوضع أفضل استغلال ممكن، لتمرير الأموال للعصابات والجماعات الإرهابية حول العالم، ناهيك عن الأموال التي يقوم بغسلها بكميات هائلة عبر حكومات متعاونة مع نظام علي خامنئي، أو أفراد غير ملوثين بعد. وهؤلاء الأشخاص على وجه الخصوص يبدو أنهم "متوالدون" سريعا، حيث ينشطون على الساحة الأوروبية المعروفة بقيودها المالية الصارمة!
ليس هناك مناص من العمل بفعالية أكبر ضد النظام الإيراني على صعيد تجفيف منابع تمويل الإرهاب والجريمة المنظمة. وأيا كانت المبررات التي يطلقها أولئك المهرولون لصفقة تجارية أو مشروع في إيران، فهي لا تصمد أمام حقائق المخاطر التي يتركها هذا النظام على الساحتين الإقليمية والعالمية أيضا. "فاتف" وكذلك المنظمات المعنية بعمليات غسل الأموال، لم تقم في الواقع بعملها على أكمل وجه، لاسيما في أعقاب الاتفاق النووي الذي أربك حقا الحراك الخاص ضد إيران ونظامها على صعيد تمويل الإرهاب وغسل الأموال، علما أن طهران لا تكتفي بتمويل المنظمات الإرهابية بل تقوم أيضا بالإشراف على تجارة المخدرات على نطاق واسع حول العالم، سواء بصورة مباشرة أو عبر عصاباتها هنا وهناك.
آن الأوان لإيقاف نظام الملالي عند الحدود التي تتطلبها المعطيات. صحيح أن هناك تضييقا عليه على الساحة الأوروبية تحديدا، إلا أن هذا التضييق لم يرق بعد إلى مستوى الإجراءات الأمريكية القوية والواضحة أيضا. الواضحة، أي ليس هناك مجال للتأويلات حولها. ولو التزم الأوروبيون بالمعايير الأمريكية في هذا المجال، لكن الإرهاب أقل وطأة مما هو عليه الآن.

إنشرها