FINANCIAL TIMES

نفاد دجاج «كنتاكي» يذكر البريطانيين بمخاطر سلسلة التوريد

نفاد دجاج «كنتاكي» يذكر البريطانيين بمخاطر سلسلة التوريد

"كان لديك وظيفة واحدة يا كنتاكي ..." هذا ما قالته الشركة عن نفسها في سؤال وجواب مازح نشر على تويتر هذا الأسبوع. "كيف نفد الدجاج من الشركة؟ أصلح ذلك الآن!".
في المستودع الجديد الضخم الذي يضم الدجاج المفقود، الدليل الرئيسي على أزمة التوزيع التي أغلقت ما يصل إلى ثلثي فروع "كنتاكي" في المملكة المتحدة، كان هناك الوجود الكثيف لحراس أمن تم تعيينهم حديثا، يرتدون سترات ذات ألوان براقة، يدورون حول المستودع.
بعد أن بدأت الفروع بإغلاق أبوابها في نهاية الأسبوع الماضي، سُلطت الأضواء فجأة على مستودع تزيد مساحته على 16720 مترا مربعا في وُورْويكشاير، لأن المشاكل، كما قالت "كنتاكي"، كانت بسبب التحول من "بيدفيست" Bidvest، موزعها الذي تتعامل معه منذ زمن طويل، إلى "دي إتش إل" DHL.
قالت "كنتاكي" على تويتر: "بعبارة بسيطة، لدينا الدجاج، ولدينا المطاعم، لكن كانت لدينا للتو مشاكل حول التنظيم الجيد بينهما".
تسببت مشاكل الشركة في موجة من الضحك والمرح في جميع أنحاء البلاد، لكنها أيضا تظهر العواقب الوخيمة لتوقف أعمال سلسلة التوريد. وما لا شك فيه أن نفاد الدجاج لعام 2018 سيتردد صداه بلا شك لدى الشركات البريطانية والإيرلندية، القلقة أصلا بشأن التأثير المحتمل للمراقبة الحدودية والتأخير الجمركي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
قال رود ماكينزي، مدير جمعية النقل البري: "معظم الناس في هذا البلد لا يفهمون كيف تعمل سلسلة التوريد إلا إذا حدث خلل".
"كنتاكي" نفسها تقول على الرغم من تصريف الكميات المتأخرة من أكوام الدجاج الطازج في المستودع، إلا أن "التحديات المستمرة التي تشهدها شركة DHL في التوزيع" من المرجح أن تعني استمرار تعطيل المطاعم خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وتأخذ "كنتاكي" المسائل المتعلقة بدجاجها على محمل الجد. فمن أجل "وصفتها الأصلية" للدجاج، تستخدم الشركة فقط اللحوم من المزارع البريطانية والإيرلندية وعلى عكس كثير من المنافسين، يجب أن تكون طازجة وليست مجمدة.
ويخضع تخزين الدجاج الطازج لقوانين مشددة بشكل كبير لأنه، إذا لم يتم بشكل صحيح، يمكن أن تكون له عواقب على الصحة العامة ـ بكتيريا الكامبيلوبكتر التي توجد بشكل خاص في الدجاج، هي السبب الأكثر شيوعا للتسمم الغذائي.
وفقا لمصادر الصناعة، من جانبها تفرض "كنتاكي" شروطا أكثر صرامة من تلك التي يتطلبها القانون البريطاني. يقول ماركوس كلاوز مستشار سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية والنقل: "لديهم معايير صارمة جدا. من غير المألوف نهائيا استخدام الدجاج الطازج - هناك درجات حرارة محددة جدا يجب أن تبقى عليها ضمن القانون ولدى "كنتاكي" توقعات جودة أكثر صرامة من ذلك. وهذا يضيف مزيدا إلى التعقيد في سلسلة التوريد".
عندما فازت شركة دي إتش إل، وهي جزء من شركة البريد الألمانية "دويتشه بوست"، بالعقد من بيدفيست العام الماضي، كان برنامجها هو إصلاح توزيع "كنتاكي" في المملكة المتحدة.
وتستخدم "دي إتش إل" تكنولوجيا من شريك أوروبي آخر هو "كويك سيرفي لوجيستكس" Quick Service Logistics، لتقديم المنتجات الطازجة إلى فروع "كنتاكي". وقد حاولت الشركة التوسع في سوق لا يوجد فيها سوى عدد قليل من مقدمي الخدمات المتخصصة الكبيرة، وكان لديها بالأصل بعض العقود الرئيسية عندما وقعت العقد مع "كنتاكي"، من بينها اتفاق للخدمات اللوجستية مع الخطوط الجوية البريطانية.
لكن كما يشير شخص من ذوي الخبرة في توزيع الوجبات السريعة: "الطعام المجمد شيء، والطعام المبرد شيء آخر. لا يمكنك تحمل ارتكاب أية أخطاء. من السهل نقل علبة من الفاصوليا. لكن من الأصعب بكثير نقل الدجاج".
في قلب أي تحليل للخلل الذي حدث، هناك أسئلة حول قرار شركة دي إتش إلى اختيار مركز توزيع واحد جديد وغير مجرَّب، يحتوي أيضا على موظفين جدد وتكنولوجيا جديدة.
قبل أن تتولى "دي إتش إل" مهامها كانت "بيدفيست" هي التي تنقل دجاج "كنتاكي"، والبطاطا المقلية، وتقدم الخدمات الجانبية من ثلاثة مواقع في جميع أنحاء بريطانيا.
وبلا شك لدى كل من "دي إتش إل" و"كنتاكي" خطط طوارئ، لكن كما قال سمير داني، أستاذ الخدمات اللوجستية وإدارة سلسلة التوريد في جامعة هدرزفيلد: "الوضع الآن يظهر أنه لم يتم التفكير باستمرارية الأعمال جيدا". عندما تبدأ الأمور في السؤ يصبح مركز التوزيع الوحيد "عائقا رئيسيا أمام نظام التسليم".
ولأن المنتج الذي يتم تسليمه قابل للتلف وخاضع لقواعد صارمة لسلامة الأغذية "كان يجب أن يكون هناك موقعان على الأقل". ومن شأن ذلك أن يقدم دعما، ويساعد على التعامل مع احتمالات وجود مشاكل سلامة الأغذية، لكنه من المرجح أن يكون أكثر تكلفة.
وقالت "كنتاكي" إن قرار التحول إلى "دي إتش إل" وQSL اتخذ لعدد من الأسباب، بما في ذلك "تركيزهم على الابتكار والجودة والاستدامة".
خبراء الخدمات اللوجستية أيضا واضحون في أن كل اللوم لا يقع "دي إتش إل". قال أحدهم ""كنتاكي" قللت بشكل خطير من شأن حجم التبديل".
كان قرار تغيير الموردين خلال العطلة المدرسية النصفية في المملكة المتحدة - واحدة من الأوقات الأكثر ازدحاما في مطاعم الوجبات السريعة - ساذجا، وكان ينبغي ل"كنتاكي" أن تكون أكثر إدراكا لجوانب الموضوع، وفقا لآخر.
واعتبر توني هاريس، المختص في إدارة الإمدادات في شركة التوريد "إس آيه بي العربية" SAP Ariba، أنه أمر "صاعق" أن تجد "كنتاكي" نفسها تعاني نقصا في الدجاج، نظرا للمعلومات اللوجستية التفصيلية دقيقة بدقيقة التي يجب أن تكون متاحة من التكنولوجيا.
وقال: "مع هذا المستوى من البصيرة، ينبغي لهذا ألا يحدث أبدا، هذا أمر لا نقاش فيه. كان يجب أن تكون لديك إشارات إنذار مبكر بأن هناك مشكلة في المخزون، وستكون قادرا على الذهاب إلى قناة توزيع بديلة، أو التصرف في خطة لتخفيف المخاطر - دعونا نذهب إلى ذلك المورد البديل الذي نعرف أن لديه بعض المخزون". مع ذلك، تستطيع KFC ألا تشعر بانزعاج كبير من الأزمة.
قال داني متأملا: "كانت إحدى المفاجآت الكبيرة لهذه القضية هي الاستجابة العامة لعدم توفر الدجاج" بسبب إغلاق المطاعم. "في رأيي "كنتاكي" لم تكن قد تخيلت قوة علامتها التجارية حتى وقوع هذا الحادث".
في حالة نقص الدجاج لدى مطاعم "كنتاكي"، الخدمات اللوجستية هي الملومة، لكن حالات الإخفاق الغذائية السابقة في المملكة المتحدة التي وصلت إلى عناوين الأخبار كان سببها عموما هو سوء الأحوال الجوية والمحاصيل السيئة.
فبعد فترة ليست طويلة من أزمة الإمدادات التي أدت إلى موجة من سرقات الأفوكادو في نيوزيلندا عام 2016، تعرضت الأسواق في أوروبا لسلسلة من حالات النقص في الأغذية، ما أدى إلى إحباط العملاء وارتفاع الأسعار.
وبدأ طبق سلطة الأفوكادو في الانسحاب التدريجي من قوائم الطعام في أيار (مايو) بعد أن تجاوز الطلب العالمي على الأفوكادو الإمدادات. في الوقت نفسه، أدى نقص في توافر الزبدة إلى ارتفاع الأسعار 50 في المائة في الفترة بين كانون الأول (يناير) وتشرين الأول (أكتوبر).
وبالنسبة للمملكة المتحدة التي تستورد نحو 90 في المائة من الفاكهة و50 في المائة من خضراواتها، كان من الصعب تجنب تأثير حالات النقص التي تحدث في أماكن أخرى من أوروبا. وأصبحت بعض رفوف محال السوبر ماركت فارغة، حتى أن شركة البيع بالجملة "نيك ماثيوز" وضعت حراس أمن أمام الخضراوات التي كانت تبيعها.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES