default Author

الاحترافية والمهنية للشركات العائلية الرائدة

|
تتعدى أهمية استمرارية الشركات العائلية إلى ما هو أبعد من نطاق الأسرة. بمساهمة تصل إلى 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و60 في المائة من العمالة على صعيد العالم، تعد الشركات العائلية من العوامل الرئيسة للنمو والابتكار في اقتصادات اليوم. ففي حين تساعد العلامات التجارية الكبيرة، والعلاقات المتينة، والملكية طويلة الأمد، الشركات العائلية الكبرى على التكيف بسرعة مع المشهد التنافسي المتسارع، يحمل نموذج ملكية الشركات العائلية نقاط ضعف عدة. من ضمن تلك النقاط صعوبة الحفاظ على إدارة فعالة عبر الأجيال. فعادة ما يلجأ قادة الشركات العائلية إلى تأجيل أو تفادي خطط التعاقب على إدارة الشركة، وقد يفتقر الجيل الجديد من أفراد العائلة إلى الخبرة أو الرغبة في إدارة الأعمال. كما تعاني الشركات العائلية أيضا الافتقار لحوكمة الشركات ـــ أظهرت الدراسات أن مجالس الإدارات في الشركات العائلية أقل تنوعا وتأثيرا مقارنة بنظيراتها من الشركات غير العائلية – وغالبا ما تكافح من أجل اجتذاب واستبقاء المواهب. في تقريرنا الأخير" إضفاء طابع مؤسسي على الشركات العائلية"، قمنا بدراسة 123 شركة عائلية لفهم عوامل نجاح الشركات العائلية في آسيا والمحيط الهادي ومنطقة الشرق الأوسط. تفوق مجموعة من الشركات العائلية المشمولة بالدراسة ـــ "الأبطال" ـــ يؤكد أهمية تطبيق سياسات وإجراءات وأفضل الممارسات لدعم آليات عمل الشركات العائلية وازدهارها على المدى الطويل. إن أهم النتائج التي توصلنا إليها: يوجد قفزة نوعية في إضفاء طابع مؤسسي بين فترتي (الجيل الأول إلى الثالث) في الشركات العائلية، والجيل الرابع وما بعده. كما أن معدل إضفاء الطابع المؤسسي على المشاركين في الاستطلاع في كل جيل، بحيث تمثل الألوان المختلفة لكل شريحة مدى مساهمتها في الدرجة الإجمالية للسمات الست التي شملها الاستطلاع. ولجعل النتائج مفهومة، جمعنا الجيل الأول والثاني والثالث في الشركات العائلية في مجموعة "الأسلاف"، والجيل الرابع وما بعده في مجموعة أخرى "الأبطال". وإضافة إلى الأداء المتميز في المجمل، يتفوق "الأبطال" على "الأسلاف" في السمات الست التي شملها الاستطلاع، ما يؤكد وجود فجوة بين المجموعتين. ما الذي يسبب الفجوة من حيث الكفاءة؟ بمراجعة نتائج الاستطلاع وجدنا ما يلي: مجلس إدارة مهني: 34 في المائة من شركات مجموعة "الأسلاف" لم يكن لديها مجلس إدارة، ونسبة 21 في المائة منها ضمت مجالس الإدارات فيها أفراد العائلة فقط. أما مجموعة "الأبطال" فلديها مجالس إدارات مستقلة ولجان فرعية مناسبة بمقدار الضعف. التمويل الخارجي: 55 في المائة من مجموعة "الأبطال" مدرجة في السوق العامة، مقابل 18 في المائة في مجموعة "الأسلاف". إضافة إلى كون مجموعة "الأبطال" تميل إلى زيادة رأس المال من خلال مستثمرين خارجين، بما في ذلك صناديق الأسهم الخاصة، ومستثمرون استراتيجيون، وأفراد من ذوي الملاءة المالية. أنظمة المراقبة والمعلومات: حرصت الشركات في مجموعة "الأبطال" على مراقبة مؤشرات الأداء الرئيسة بشكل شهري تقريبا ـــ أما مجموعة "الأسلاف" فبشكل ربع سنوي ـــ واستفادت من نظم تخطيط موارد الشركة بشكل دوري. على سبيل المثال، 64 في المائة من الشركات في مجموعة "الأبطال" استفادت من إدارة علاقات العملاء، مقابل 31 في المائة فقط في مجموعة "الأسلاف". الدمج والاستحواذ: ضمت 55 في المائة من مجموعة "الأبطال" أقساما مختصة بعمليات الدمج والاستحواذ، بينما كانت النسبة في المجموعة الأخرى 23 في المائة. ونجحت مجموعة "الأبطال" في إتمام صفقات الدمج والاستحواذ بمقدار الضعف عن مجموعة "الأسلاف". العلاقات وحل النزاعات: أسست مجموعة "الأبطال" علاقات راسخة مع الجهات الحكومية والشركات العائلية الأخرى، واستحدثت آليات منهجية لتسوية النزاعات من أجل تفادي الخلافات على صعيد الأسرة والعمل. شملت الدراسة أيضا الظروف التي تسهم فيها الشراكة مع الأسهم الخاصة بتسريع عملية إضفاء الطابع المؤسسي على الشركة العائلية، استنادا إلى مقابلات أجريت مع 14 شركة أسهم خاصة متمرسة في مجال الاستثمار في الشركات العائلية. وبهذا السياق، يمكن أن يساعد ضخ رأس المال وخبرات شركات الأسهم الخاصة على مواجهة التحديات المشتركة التي يفرضها نموذج ملكية الشركات العائلية. تؤكد إحدى الحالات التي تناولها التقرير لشركة عائلية تعمل في قطاع الخدمات اللوجستية في جنوب شرق آسيا، أهمية مثل تلك الشراكات. فعقب شراكتها مع شركة الأسهم الخاصة، بدأ مؤسس الشركة العائلية وشركة الأسهم الخاصة مجموعة من الخطوات الملموسة لتحسين الأداء. تمثلت أولى الخطوات باختيار مجلس إدارة ذي كفاءة، وفصل مهام رئيس مجلس الإدارة عن مهام الرئيس التنفيذي (الذي يشغله مؤسس الشركة)، واستقطاب مدير عام من أصحاب الخبرة من خارج العائلة. وزيادة فريق الإدارة حيث ينصرف صاحب الشركة للتركيز على استراتيجية الشركة عوضا عن صرف وقته وطاقته على الأمور اليومية. وقد استفادت شركة الأسهم الخاصة من شبكة علاقاتها وساعدت على تعيين هؤلاء المديرين. عملا بنصيحة شريكتها شركة الأسهم الخاصة، استثمرت الشركة بكثافة لاستغلال الطلب الكبير على الخدمات اللوجستية، ووسعت أسطول الشحن أكثر بأربعة أضعاف خلال عامين، ونوعت وسائل التخزين من خلال إنشاء مستودع متكامل. ولتوسيع أعمالها، قامت الشركة بزيادة فريق المبيعات وتدريبه على بيع الخدمات على طول سلسلة القيمة. وقد ترجمت هذه المبادرات إلى نمو سريع في حجم المبيعات والإيرادات، فضلا عن زيادة عدد الموظفين بمقدار عشرة أضعاف. ولضمان قدرة البنية التحتية على مواكبة هذا النمو، قامت الشركة بتحميل مجموعة من نظم المعلومات لمتابعة النواحي التشغيلية والمالية للشركة. كما وظفت مديرا مختصا في تكنولوجيا المعلومات وفريق محاسبة للإشراف على الوضع الجديد "وهي وظائف لم تكن موجودة في السابق". وعلى الرغم من كونها شركة عائلية في جيلها الأول، إلا أنها أظهرت السمات الموجودة في مجموعة "الأبطال" التي حددناها في استطلاعنا، ما يؤكد قدرة الأسهم الخاصة على رفع أداء الشركات العائلية في المنطقة. بما أن العائلة تتعاقب على إدارة الشركة العائلية عبر الأجيال، فإن الاعتماد بشكل انتقائي على الموارد الخارجية ـــ بدءا من مديري الأسهم الخاصة إلى المديرين من خارج العائلة ـــ يساعد على غرس أفضل الممارسات والتسريع بإضفاء طابع مؤسسي على الشركة العائلية. وبذلك تستطيع الشركة العائلية تحقيق قفزة نوعية في رحلة نموها، وتمتلك القدرة على المنافسة بشكل أكثر كفاءة في سوق مفتوحة وتنافسية.
إنشرها