الطاقة- النفط

أسعار النفط تواجه ضغوط الإنتاج القياسي الأمريكي وتعافي الدولار

أسعار النفط تواجه ضغوط الإنتاج القياسي الأمريكي وتعافي الدولار

تراجعت أسعار النفط أمس متأثرة بصعود الدولار من أدنى مستوى في ثلاثة أعوام الذي سجله في الأسبوع الماضي إلى جانب زيادة متوقعة في إنتاج الخام الأمريكي.
وبحسب "رويترز"، فقد سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 61.19 دولار للبرميل بانخفاض 60 سنتا أو واحد في المائة للبرميل عن آخر تسوية، بينما نزلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 48 سنتا أو 0.7 في المائة عن التسوية السابقة إلى 64.77 دولار للبرميل.
وأرجع تجار هذا الهبوط في أسعار النفط إلى تعافي الدولار الذي قد يؤثر في الطلب على الوقود كونه يزيد تكلفة واردات النفط المقومة بالعملة الأمريكية على الدول التي تستخدم عملات أخرى.
من جهتها أكدت شركة بريتيش بتروليوم العالمية "بي بي" أن حالة عدم اليقين التي تحيط بعملية التحول العالمي في مجال الطاقة ستظل حتى عام 2040، مشيرة إلى أن معدل النمو الاقتصادي الدولي المتزايد يدفع إلى تعزيز صعود الطلب العالمي على الطاقة، لافتة إلى أن أهم الأسئلة المطروحة في السوق حاليا هي: كيف ستتم تلبية هذا الطلب على مدى العقود المقبلة من خلال مجموعة متنوعة من الإمدادات بما في ذلك النفط والغاز والفحم والطاقة المتجددة؟
وقال تقرير الشركة الدولية العملاقة "إن الاقتصاد العالمي يشهد حاليا منافسة متزايدة بين مختلف مصادر موارد الطاقة التقليدية والمتجددة مدفوعا بوفرة الإمدادات إلى جانب استمرار التحسينات في كفاءة استخدام الطاقة".
وشدد التقرير على أن الاقتصاد العالمي يسارع الخطى نحو تنويع موارد الطاقة ومن أجل زيادة الاعتماد على الموارد الأقل تكلفة وإنتاجية والأعلى ربحية، منوها بأن الطلب المتسع على الطاقة ستتم تلبيته من قبل مزيج الوقود الأكثر تنوعا مستقبلا.
ولفت التقرير إلى أن سرعة التحول في مجال الطاقة غير مؤكدة، مشيرا إلى وجود مجموعة من السيناريوهات المختلفة مطروحة على الساحة، مرجحا أن تطور السياسات والتكنولوجيات والظروف الاقتصادية والمجتمعية ربما يحدث بطريقة وسرعة غير متوقعة.
واعتبر التقرير أن النمو السريع في الاقتصادات النامية سيؤدي إلى زيادة الطلب العالمي على الطاقة بمعدل أكثر من 30 في المائة خلال سنوات قليلة، منوها إبأن مزيج الطاقة العالمي سيكون أكثر تنوعا في العالم من أي وقت مضى بحلول عام 2040 وستكون مساهمات كل من النفط والغاز والفحم والوقود غير الأحفوري نحو 25 في المائة لكل منها.
وذكر التقرير أن مصادر الطاقة المتجددة تعد إلى حد بعيد أسرع مصادر وموارد الوقود نموا، حيث من المتوقع أن تزداد بنحو خمسة أضعاف موفرة نحو 14 في المائة من الطاقة الأولية حتى عام 2040.
ونوه التقرير بأن الطلب النفطي سينمو على نحو كبير خلال الفترة المذكورة على أن يصل إلى الذروة في السنوات اللاحقة بينما ينمو الطلب على الغاز الطبيعي بقوة ويتجاوز الفحم باعتباره ثاني أكبر مصدر للطاقة، لافتا إلى أن النفط والغاز سيشكلان معا أكثر من نصف الطاقة في العالم.
وأفاد التقرير أن الخطوط العريضة لاستهلاك الفحم العالمي تبدو أكثر عرضة للهبوط مع تآكل الاحتياطي الصيني الضخم منه، بينما في المقابل نشهد نموا ملموسا في عدد السيارات الكهربائية بنحو 15 في المائة، محذرا من استمرار ارتفاع انبعاثات الكربون، ما يشير إلى الحاجة إلى مجموعة شاملة من الإجراءات لتحقيق تقدم حاسم في علاج الانبعاثات الضارة لتحقيق الأهداف الدولية الخاصة بحماية البيئة ومكافحة التغير المناخي.
إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد آي إف" في كرواتيا، أن منظمة "أوبك" ترى في التنسيق والتعاون مع روسيا وبقية المنتجين المستقلين خيارا استراتيجيا، وهو ما عكسته أخيرا تصريحات سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي والرئيس الحالي لمنظمة "أوبك"، حينما أكد أن استمرار هذا التعاون يجنب السوق أي مفاجآت غير متوقعة ويمكن المنتجين من العمل معا لتجنب أي فائض أو نقص مفاجئ في المعروض النفطي واستعادة التوازن.
وأضاف جيراس أن "الفوضى السابقة التي أرهقت السوق النفطية على مدار أكثر من ثلاث سنوات مضت إلى غير رجعة وباتت السوق أقرب إلى استعادة التوازن الكامل وذلك ربما يكون بحلول الربع الثاني من العام"، مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى التمسك الصارم بخفض الإنتاج بين 24 منتجا الذين سجلوا أخيرا مستوى قويا في الالتزام بالحصص بلغ 133 في المائة، بحسب أحدث بيانات "أوبك".
من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، ديفيد ليديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستشارات الطاقة، "إن حديث "أوبك" عن بحث التوصل إلى ميثاق يمكن من مواصلة التعاون بين المنتجين لضمان تحقيق نمو اقتصادي أفضل والحصول على إمدادات كافية مستقرة، يعكس رؤية عميقة ومستقبلية بما يؤكد أن تعاون المنتجين ليس مرحليا أو مرتبطا بالمخزونات والأسعار إنما بنمو مستدام وتوازن حقيقى مستقر.
وتوقع ليديسما أن يسهم اجتماع المنتجين علاوة على سيمنار "أوبك" الذي يعقد كل ثلاث سنوات ويلتئم في حزيران (يونيو) المقبل بمشاركة منظمات الطاقة والشركات العالمية إلى جانب الحكومات، في بلورة رؤية أكثر تطورا في التعامل مع السوق وبما يمكن من تحييد العوامل المؤثرة سلبا في الأسعار ومنها تدفقات الإنتاج الأمريكي إلى جانب العوامل الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
من ناحيته، يوضح لـ "الاقتصادية"، رينهولد جوتير مدير إدارة النفط والغاز في شركة "سيمنس" العالمية، أنه بحسب التقارير الدولية وبيانات "أوبك" فإن فائض المعروض يتفكك بوتيرة أسرع من المتوقع وهو ما يعني أن السوق على مشارف التوازن المنشود، مشيرا إلى أن الأسعار ارتفعت إلى فوق 70 دولارا للبرميل، إلا أنها لم تصمد كثيرا بسبب طفرة الإنتاج الأمريكي، لكنها لن تهبط بشكل حاد مرة أخرى بسبب جهود المنتجين الناجحة في تقييد المعروض النفطي.
وأضاف جوتير أن "تعافي الأسعار وانحسار فائض المخزونات يضفيان أجواء جيدة من الثقة والتفاؤل على السوق"، معربا عن اعتقاده أن المنتجين سيواصلون التعاون ربما بوتيرة أقوى كما أن الطرح المرتقب لخصخصة 5 في المائة من شركة "أرامكو" السعودية سيجيء في أجواء إيجابية للغاية في السوق.
ومن المقرر أن تصدر إدارة معلومات الطاقة تقرير المخزونات الأسبوعي اليوم الخميس، متأخرا عن موعده يوما بسبب عطلة الإثنين الماضي في الولايات المتحدة، وتوقع مسح أجرته "بلومبيرج" ارتفاع المخزونات في الولايات المتحدة بمقدار ثلاثة ملايين برميل في الأسبوع الماضي، وهو ما قد يثير مخاوف من عرقلة جهود "أوبك" وحلفائها لخفض الإنتاج من أجل تقليص المخزونات.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط