Author

أمهات كومبارس

|

هناك بعض الأحداث في حياتك تستوجب منك أن تكون مستعدا لها، لأنها حين تحدث ستغير لك خريطة الطريق وتدفعك لطرح هذا السؤال على نفسك هل أديت الأمانة فعلا؟
أن تقرري أن تكوني إحدى الأمهات في هذا العالم فهذا يتطلب منك الاستعداد للقيام بدور رئيس في حياة أبنائك، وهذا الدور يجب ألا يخضع لتوجيهات المخرج والعرض والطلب و"الجمهور عايز كدا" وثمن الدور وفلاشات الكاميرا، لأن كل ما سبق لن يجعلك تستمتعين بأمومتك، لأنك في النهاية ستكتشفين أنك مجرد كومبارس ضمن مشاهد الفيلم لكن دون تقديم أي قيمة أو إضافة.. المدهش في وقتنا الحالي أن "بعض" الأمهات أصبحن يتدافعن بلهفة للحصول على هذا الدور.. دور الأم الكومبارس.
- الأم الكومبارس تهتم بالركض خلف إعلانات عيادات التجميل أكثر من اهتمامها بمعرفة سجل واجبات أطفالها ومتابعة سلوكهم في المدارس، تعرف بدقة كم سعر إبرة "الفيلر" و"البوتكس"، ولا تعرف على وجه التخمين كم درجة الاختبار الشهري الذي حصلت عليه ابنتها، كما أن سعادتها بحصولها على "شفايف" منفوخة تساوي سعادتها بتفوق أبنائها إن لم تكن أكثر.. وفي حالة غيابها فإن حياة أبنائها لن تتأثر فالخادمة والسائق "سيسدان مكانها".
- الأم الكومبارس تعتقد أن موافقتها على خروج ابنتها المراهقة مع زميلاتها للمطاعم والاستراحات دون أي قوانين هو المعنى الحقيقي للتحضر والحرية، تخرج ابنتها تحت نظرها ترتدي "ورقة توت" ورداء أسود يطلق عليه مجازا عباءة، وتضع مكياجا مبتذلا وتتغنج هي وزميلاتها بضحكات مستفزة لفحولة الشباب، وحين يتحرش بها أحدهم، تبدأ الأم الكومبارس بالعويل ولن يطول بها الأمر لينضم إليها المتشدقون بالحريات الذين يخلطون المفاهيم بشكل عجيب حيث لا يفرقون بين الحرية والابتذال.
- الأم الكومبارس تعتقد أن جميع الأمهات المحافظات "دقة قديمة" وتربيتهن لبناتهن "ما عادت توكل عيش"، ولذلك فأمر عادي جدا أن تستغل طفولة صغارها لتصنع منهم نجوما في "السوشيال ميديا"، وما عندها أي مشكلة أن تظهر صور صغيرتها بحركاتها ولباسها وإيماءاتها وتعريها، وكأنها مارلين مونرو ضاربة ببراءة طفولتها عرض الحائط من أجل الدراهم والشهرة.
- يوما ما ستجد هذه الأم الكومبارس نفسها بين جنبات محاكمة قاسية.. القضاة فيها أبناؤها، سينهش الندم روحها، حين تدرك أنها فرطت في أمانة الأمومة وأن هناك فرقا شاسعا بين المدنية والتحضر والحرية، وبين التخلف والابتذال والانحدار الأخلاقي.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها