Author

«الليموزين» .. الفرصة الذهبية للتنظيم

|

لم أكن أتصور وأنا أكتب هذا المقال، وأبحث في الإحصائيات الموجودة أن مدينة جدة وحدها فيها أكثر من 400 شركة "ليموزين" تمتلك أكثر من 35 ألف سيارة! تخيلوا 35 ألف سيارة تجوب جدة صباح مساء مسببة هذا الزحام والضوضاء والتلوث البيئي والحوادث المرورية!
وما ينطبق على جدة ينطبق على الرياض والشرقية وغيرهما، ففي الرياض نحو 500 شركة "ليموزين" تملك ما يزيد على 60 ألف سيارة، والدمام نحو 350 شركة تملك ما يقارب 30 ألف سيارة، أي أن هناك ما يزيد على 120 ألف سيارة "ليموزين" تجوب هذه المدن على مدار الساعة لمصلحة أفراد منتفعين لا يهمهم ما تسببه هذه الخدمة الرديئة من زحام وفوضى مرورية واستنزاف للبنية التحتية وفرص عمل مهدرة لمصلحة عمالة وافدة غير مؤهلة للعمل في هذا القطاع المهم.
وما أعرفه أن "وزارة النقل" حاولت في فترات سابقة تنظيم هذا القطاع وتقليص الشركات العاملة وإلزامها ببرامج للحد من الوجود غير المنظم داخل المدن، وكذلك فرض نسب توطين على العمالة الموجودة ولم تستطع الوزارة مواجهة هذه الشركات التي استغلت الثغرات وضعف الأنظمة وأدمنت هذا الوجود غير المقنن، ولا أريد أن أخوض في كيف تأسست هذه الشركات في السابق؟ ولمصلحة من؟ وكيف وصلت إلى هذه الأرقام العالية من التراخيص داخل المدن؟ كل ما أود أن أصل إليه أن هذا الوضع لم يعد مقبولا من نواح أمنية أو اقتصادية، وتحولت هذه الشركات لبوابة استنزاف هائلة لموارد الوطن. وإذا كنا قد دفعنا ثمن أخطاء الماضي بسكوتنا عن هذه الفوضى فاليوم من الصعب استمرار هذا الوضع والدولة تمضي وفق "رؤية" طموحة للتغيير والتحول الوطني.
أمام وزارة النقل فرصة ذهبية وتاريخية أتتها على طبق من ذهب للقضاء على هذه الفوضى بتقليص هذه الشركات بعد دخول شركات "التطبيقات الذكية" التي دخلت الخدمة بشروط ميسرة وخدمات مميزة، والأهم قدرتها على توفير فرص العمل لأبناء وبنات الوطن، فمن يصدق أن واحدة من الشركات العاملة في هذا المجال استطاعت تسجيل ما يقارب 120 ألف مواطن على مستوى المملكة في خدماتها، هذا حلم كبير استعصى طويلا على "وزارتي النقل والعمل" وكادت الوزارتان أن تيأسا من تطبيقه في مجال شركات "الليموزين"، والخدمات في مجال شركات التطبيقات الذكية مرشحة للارتفاع إذ متوقع أن تستقطب هذه الشركات ما يزيد على 300 ألف مواطن ومواطنة للعمل خلال السنوات الخمس المقبلة مع مزيد من الخدمات المتطورة والاشتراطات الصارمة التي تعنى بجودة الخدمة.
وقد كان تأثير دخول هذه الشركات واضحا في إيرادات شركات "الليموزين" التقليدية التي انخفضت بما يقارب 60 في المائة واضطرت بعض الشركات إلى تخفيض سياراتها وخفض عمالتها. مع هذه التطورات في سوق النقل لم تعد هناك حاجة إلى "شركات الليموزين" ولا إلى مئات الآلاف من سيارات "الليموزين" التي أربكت المدن الرئيسة بالفوضى والزحام والخدمات الرديئة. فهل تفعلها وزارة النقل؟

إنشرها