FINANCIAL TIMES

تباطؤ الإقبال على شبكة القطارات الحديثة في ماليزيا

تباطؤ الإقبال على شبكة القطارات الحديثة في ماليزيا

العاصمة الماليزية تعمل بنشاط على توسيع شبكة السكك الحديدية، إلا أنها ما زالت متخلفة عن قريناتها الإقليمية من حيث إقبال السكان على استخدام خطوط النقل العام، مع تفضيل استخدام السيارات التي لا تحل أزمة النقل من جهة، فيما تفاقم أزمة المرور من الأخرى.
التقدم البطيء في أعداد المسافرين يشير إلى أنه ربما تكون هناك حاجة إلى مزيد من المساندة الحكومية.
القطارات الجديدة في كوالالمبور ليست مليئة بالركاب كما كان متوقعا، وبالتالي يظل ازدحام الطريق مشكلة مزمنة عصية على الحل.
يحب رئيس الوزراء نجيب رزاق التباهي بدوره في توسيع نطاق شبكة السكك الحديدية في كوالالمبور، التي أطلقت للمرة الأولى من قبل سلفه ماهاتير محمد في التسعينيات. وهنالك مقطع فيديو لنجيب وهو يشيد بأحدث خط تم افتتاحه في العاصمة كواحد من أفضل الخطوط في العالم في مجال القطارات يجري بثه بلا انقطاع، ليكون بمنزلة مادة دعائية قبيل الانتخابات العامة المنوي عقدها هذا العام. إنه أكثر تطورا، وأقل استخداما.
التوسع في الشبكة كان له أثره. أظهرت الدراسة الاستقصائية في الربع الرابع من عام 2017، وجود ارتفاع أكبر في استخدام وسائل النقل العام في كوالالمبور مما هو في عواصم بلدان الآسيان الخمسة، ما عدا جاكارتا.
كما تشير الدراسة نفسها إلى أن عدد الناس الذين يستخدمون وسائل النقل العام في كوالالمبور سيزداد بشكل قوي لهذا العام. مع ذلك، تمتلك كوالالمبور النسبة الأقل من الناس الذين يستخدمون وسائل النقل العام، على الرغم من امتلاكهم شبكة السكك الحديدية الأكثر تطورا في العالم.
لدى ماليزيا أعلى نسبة امتلاك لسيارات الركاب في جنوب شرق آسيا. استنادا إلى بيانات الحكومة الرسمية، نقدر أن البلاد كان لديها 415 سيارة ركاب لكل ألف شخص في عام 2017.
تايلاند، مركز صناعة السيارات في دول الآسيان، كانت تحتل المرتبة الثانية بوجود 166 سيارة ركاب لكل ألف شخص. وهذا الاعتماد على السيارات الخاصة أدى إلى تعرض كوالالمبور لمشكلة الازدحام.

لا حل لمشكلة الازدحام

في الوقت الذي لا تزال تعمل فيه خطوط السكك الحديدية القديمة منذ التسعينيات بقدرة تشغيلية فائقة عند ساعات الذروة، إلا أن الخط الأحدث - خط النقل الجماعي السريع إس بي كيه "سونجاي بالو كاجانج"، الذي افتتح في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2016 - لا يتم استخدامه بشكل كبير.
تكلفة بنائه وصلت إلى 23 مليار رينجيت "5.9 مليار دولار"، عدا تكلفة الأرض والاستشارات، يعمل الخط بقدرة تشغيلية قصوى تصل إلى 400 ألف - 500 ألف شخص لليوم الواحد.
الشركة المسؤولة عن تشغيل الخط كانت قد قالت "إنه سيخدم 150 ألف راكب يوميا بحلول منتصف عام 2017، لكن أرقام كانون الثاني (يناير) من عام 2018 تقف عند 132 ألف راكب يوميا فحسب".
يمتلك خط إس بي كيه قدرة تشغيلية تستطيع الاستغناء من خلالها عن السيارات في الشوارع. في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، وبحسب أحدث الأرقام المتوافرة لكل الخطوط، استخدم الخط من 15 إلى 20 في المائة من ركاب السكك الحديدية في كوالالمبور.
هذا النمو الأبطأ مما كان متوقعا في أعداد الركاب يعني أن الخط الجديد ليس بالحل الناجع حاليا لحالة الازدحام التي تعانيها العاصمة.
قال 50 في المائة من المشاركين الذين شملهم استطلاع الرأي في كوالالمبور، "إن حركة المرور قد تصبح أسوأ هذا العام، على الرغم من وجود نقاط اتصال أفضل بين خطوط السكك الحديدية، مقابل 16 في المائة ممن قالوا إن الوضع قد يتحسن".
لا تعاني كوالالمبور من أسوأ مشكلة مرورية في دول الآسيان، فالاختناق المروري في جاكارتا ومانيلا يمكن أن يكون مؤلما بشكل كبير.
مع ذلك كله، قدر البنك الدولي أن مشكلة الازدحام على الطرقات في كوالالمبور وما حولها عملت على تقليص الناتج المحلي الإجمالي لماليزيا عام 2014 بنسبة تراوح ما بين 1.1 و2.2 في المائة.
مشكلة الازدحام لا يمكن معالجتها من خلال توفير القطارات فحسب، فقد اقترحت الحكومة فرض رسوم على الازدحام، إلا أنه ليس من الواضح فيما لو كانت تريد تطبيقها أو متى سيتم ذلك.
لدى سنغافورة نظام تسعير إلكتروني للطرقات، وحتى وقت قريب عملت جاكارتا على فرض قيود صارمة على المركبات التي تحمل شخصا فحسب، التي تدخل إلى مركز المدينة.
الارتفاع البطيء في أعداد الركاب يعني أيضا أن نظام السكك الحديدية سيحتاج إلى مزيد من الدعم الحكومي والإيرادات من مصادر غير التذاكر.
من الصعب على خدمات النقل العامة في ماليزيا، خاصة خدمات السكك الحديدية في المناطق الحضرية، أن تحقق أرباحا من خلال مبيعات التذاكر، لذا كان لا بد من إنقاذ خطوط النقل للسكك الحديدية من قبل الحكومة بعد الأزمة المالية التي أصابت دول الآسيان في عام 1997.
مع ذلك كله، تعتبر الاستدامة المالية أمرا مهما بالنسبة إلى الحكومة الماليزية. تعتزم شركة إم آر تي، وهي شركة مملوكة للدولة تمتلك أصولا في خط إس بي كيه، تقديم أراضيها على طول الخط الحديدي للمساعدة في تكاليف الإنشاء.
شركة براسارانا في ماليزيا، الشركة المسؤولة عن تشغيل خدمات شبكتي إم آر تي وإل آر تي في المدينة، تأمل في مضاعفة إيراداتها من مصادر غير التذاكر لتصل إلى 30 في المائة، بحلول عام 2020.

الانطلاق بكامل الطاقة في المرحلة المقبلة

لم يعمل الانخفاض في أعداد الركاب على تثبيط شركة إم آر تي في إرساء مزيد من الخطوط والمسارات، فالشركة تبني خطا جديدا بتكلفة تراوح ما بين 32 إلى 40 مليار رينجيت يربط بين كوالالمبور وبوتراجايا، مقر حكومة ماليزيا منذ عام 1999، مع قطارات من المتوقع أن تبدأ العمل بحلول عام 2021.
كما تسارع الشركة أيضا لطرح عطاءات لتشييد خط دائري في العاصمة، يمكن أن تبلغ تكلفته القيمة نفسها. في الوقت نفسه، بدأ العمل أيضا على إنشاء خط إل آر تي بتكلفة تسعة مليارات رينجيت، ما بين كوالالمبور وكلانج.
في مدينة جوهور باهرو الجنوبية، اتفقت حكومتا سنغافورة وماليزيا أخيراً على توسيع نطاق نظام النقل الجماعي السنغافوري الواصل إلى ماليزيا، لتخفيف الازدحام في نقطة العبور الحدودية، مع تحديد تاريخ بدء تقديم الخدمات في عام 2024.
في مدينة جورج تاون في الشمال، تعتزم حكومة بينانج بناء خط سكة حديد جديد، على الرغم من العلاقات السياسية المتوترة ما بين الولاية التي تسيطر عليها المعارضة والحكومة المركزية، وقد تعمل الحكومة الفيدرالية على تعريض هذه الخطة للخطر.
استخدام وسائل النقل العام في جورج تاون وجوهور باهرو هو أقل مما هو في كوالالمبور، وأقل من المتوسط الوطني.
في الوقت الذي سيكون فيه توسيع نطاق السكك الحديدية من سنغافورة إلى جوهور باهرو مرغوبا لدى المستخدمين - حيث إن كثيراً من أفراد الشعب الماليزي ممن يعيشون في جوهور باهرو يذهبون إلى المدارس أو العمل في سنغافورة - إلا أن الخدمات في جورج تاون، إن تم تنفيذ المشروع، ربما تلاقي حماسا أقل من الحماس الذي لقيه الخط الجديد في العاصمة، نظرا لعدد السكان الأقل والأكثر تناثرا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES