FINANCIAL TIMES

شركات فرنسا تستعين بالأجانب بفعل نقص المهارات

شركات فرنسا تستعين بالأجانب بفعل نقص المهارات

في فالنسيان، معقل السيارات شمال فرنسا، حيث ولد أورليان مارتيل، حيث البطالة هي صراع يومي لكثيرين، لكن ليس لعامل الصيانة البالغ من العمر 37 عاماً، الذي تعد مهاراته مطلوبة بشكل كبير.
في مصنع تصنيع علب التروس في شركة بيجو حيث يعمل، هناك طلب كبير على الناس الذين يستطيعون إصلاح الأعطال في أنظمة الدوائر الكهربائية والماء والغاز المعقدة في خط الإنتاج.
في مواجهة ارتفاع الطلب، أرسلت شركة السيارات ثمانية عمال صيانة بولنديين وعشرة نمساويين من مصانع في الخارج – جنباً إلى جنب مع مترجميهم – إلى الموقع الفرنسي.
المنافسة بدأت تؤثر أيضاً. أحد زملاء مارتيل استقال قبل ثلاثة أشهر بعد أن حصل على عرض وظيفة بأجر أفضل في مجموعة لمعالجة المواد الغذائية عبر الحدود البلجيكية، على بُعد نحو عشرة كيلو مترات.
مصنع تويوتا القريب أعلن أيضاً عن خطط لتعيين 300 عامل. شركات توريد قطع غيار السيارات وشركات معدات السكك الحديدية المحلية تحذو حذوها.
يقول مارتيل، وهو زعيم نقابي "من الجيد أن أعرف أنني لن أعاني مشكلة في العثور على عمل، هذا يمنح شعورا معينا بالسكينة. بعض الناس (في شركة بيجو) ستُغريهم (الوظائف في شركة تويوتا)، هذا أمر مؤكد".
يُجسد مارتل واحدة من المفارقات الأكثر إثارة للدهشة في سوق العمل الفرنسية - بل وأجزاء كبيرة من منطقة اليورو.
في الوقت الذي تزيد فيه وتيرة النمو - حيث توسع الاقتصاد الفرنسي بنسبة 1.9 في المائة العام الماضي، أسرع وتيرة منذ عام 2011 - هناك عدد متزايد من الشركات تشكو من نقص العمال المهرة، وذلك وفقاً لمعهد الإحصاءات الوطني في فرنسا، إنسي. ومع ذلك، البطالة عالقة فوق نسبة 9 في المائة من القوة العاملة.
يقول باتريك أرتوس، كبير مختصي الاقتصاد في وكالة ناتيكسيس "البطالة في فرنسا هي في الغالب بطالة ذوي المؤهلات المنخفضة. عدم التطابق بين احتياجات الشركات والمهارات المتوافرة يُصبح واضحاً جداً ويُسبب مشكلة كبيرة بالنسبة إلى الانتعاش.
هذا يُفسّر البطالة الهيكلية المرتفعة في فرنسا من النوع الذي لا يُمكن استيعابه على الرغم من النمو الاقتصادي".
تضييق فجوة المهارات سيكون أمراً أساسياً لوعد الرئيس إيمانويل ماكرون بخفض معدل البطالة إلى 7 في المائة، بحلول نهاية فترة ولايته في عام 2022.
أعلن الرئيس الفرنسي عن خطط لإعادة توجيه نحو 15 مليار يورو من الإنفاق على برامج التدريب للعاطلين عن العمل في فرنسا، ومن الأرجح أن يكون من ذوي المؤهلات الضعيفة أو قضوا وقتاً طويلا بلا عمل - في المتوسط نحو عام، المستفيدون من ذلك. أشار ماكرون هذا الأسبوع إلى فجوة المهارات باعتبارها أكبر قضية في معالجة البطالة المرتفعة هيكلياً.
حيث قال "هناك مليونا عاطل عن العمل في فرنسا ليس لديهم مؤهلات. نحن نقوم بإصلاح برامج التدريب. هذه هي الطريقة التي سنفوز بها في المعركة". تعتزم الحكومة زيادة عدد المتدربين كما تتحدث أيضاً مع النقابات ومنظمات أصحاب العمل، حول كيفية ربط المنافع بشكل أوثق مع التدريب.
يقول مختصو الاقتصاد "إن الانتعاش كشف عن عدم تطابق مهارات كبير في فرنسا. في العام الماضي، ما يراوح بين 200 ألف و330 ألف وظيفة - غالبيتها كانت لعقود تزيد على ستة أشهر - كانت شاغرة لأن الشركات لم تتمكن من العثور على المرشحين المناسبين لملئها، وذلك وفقاً لوزارة العمل". في الوقت نفسه، وظفت الشركات الفرنسية نحو نصف مليون عامل أجنبي، بزيادة قدرها 46 في المائة عن عام 2016.
كما يُشير توسّع عجز التجارة الفرنسي إلى حد كبير بسبب ازدهار الواردات في عام 2017 أيضاً إلى أن الإنتاج المحلي يعاني في سبيل مواكبة الطلب الداخلي على السلع والخدمات. الأجور في القطاع الخاص ارتفعت بنسبة 1.3 في المائة العام الماضي، وذلك وفقاً لوزارة العمل.
يقول أرتوس "إن فجوة المهارات من المرجح أن تستمر بالتأثير في النمو لأن إصلاحات الحكومة من غير المرجح أن تدخل حيز التنفيذ قبل عامين أو ثلاثة أعوام: إذا لم تتمكن الشركات من العثور على المهارات المناسبة، فستُبطئ نموها. عدم التطابق هو المشكلة الوحيدة الأكبر في الوقت الحالي. وهذا يُفسر الجزء الأكبر من البطالة الفرنسية، وربما حتى كلها".
في فالنسيان، الانتعاش لا يُعتبر بمنزلة طفرة بعد، كما تقول ميريام ديكامب في وكالة للتوظيف المحلية. وتضيف "إن هناك طلباً أيضاً على الموظفين ذوي المؤهلات المنخفضة. عادةً ما يكون هناك نقص في العمالة في نيسان (أبريل) الماضي وأيار (مايو) الماضي. هذا يحدث الآن". ارتفاع غير متوقع في الطلبات دفع شركة بيجو إلى التعيين في جميع المجالات، بما في ذلك المناصب الإدارية، وإن كان معظمها بعقود مؤقتة.
هناك شعور بالنقص في بعض الصناعات منذ أعوام. تقول ديكامب "إنه من المستحيل استبدال عمال المعادن أو عمال قطع مهرة عندما يتقاعدون".
على المدى الطويل، هناك أساليب تصنيع جديدة ومعدات تؤدي إلى تحوّل نحو العمال ذوي المهارات الأعلى. يقول لوك سامسوين، رئيس الموارد البشرية، "إن شركة بيجو تسعى إلى تدريب العاملين لديها على التعامل مع التكنولوجيا الجديدة. هذا ليس بالأمر السهل: في العام الماضي، كان هناك نحو 70 عاملا من أصل 100 عامل مستهدف اعتبروا أنهم اكتسبوا المهارات. يعتقد مارتل أن تدريب الناس العاطلين عن العمل سيكون حتى أكثر صعوبة بكثير".
ويُشير "كثير من الناس يُعانون مراحل طويلة من البطالة. وضعهم في الوظائف المطلوبة سيكون أمراً معقداً جداً".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES