FINANCIAL TIMES

زوما حليف عائلة جوبتا ينهار أخيرا بالاستقالة

زوما حليف عائلة جوبتا ينهار أخيرا بالاستقالة

كان رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما السابق، قد رفض بكل تحد أمرا أصدره المؤتمر الوطني الإفريقي للاستقالة، مصرا على أنه لم يرتكب أي خطأ، واصفا مطالب الحزب الحاكم بأنها "جائرة جدا".
قال زوما عبر إذاعة البلاد في جنوب إفريقيا "أريدهم إعلامي بالخطأ الذي قمت بارتكابه ولسوء الحظ لم يحصل ذلك. وجدت المسألة جائرة، غير عادلة جدا بالنسبة إلي، ما هذا الاستعجال، لمَ كل هذه العجلة"؟
ردا على سؤال حول ما إذا كان يريد تقديم الاستقالة، قال زوما "لا، فالطريقة التي تمت بها الأمور، هنالك اندفاع كبير".
في مقابلة مطولة يشوبها التشويش، أضاف أنه "مستعد لخوض مزيد من المناقشات". وقال "إنه أخبر مسؤولي المؤتمر الوطني الإفريقي بما يلي: لقد تعرضنا لأزمة أشعر أن بعض رفاقي ربما يأسفون للوقوع فيها".
وقد جاء أول تعليق علني أدلى به زوما منذ أكثر من أسبوع في الوقت الذي تكاثفت فيه الجهود المبذولة والرامية إلى عزله من منصبه.
وتحدث بعد فترة قصيرة من إعلان المؤتمر الوطني الإفريقي نيته دعم التصويت بحجب الثقة عن البرلمان يوم الخميس الماضي، وتحرك لإرغام الرئيس الذي طالته الفضائح على التخلي عن منصبه.
القرار غير المسبوق الذي اتخذه المؤتمر الوطني الإفريقي المتمثل في دعم اقتراح قدمته المعارضة يأتي بعد تحدي زوما نظام حزبه. قال بول ماشاتيلي، أمين خزانة المؤتمر الوطني الإفريقي "لقد خيم الجمود على كل شيء، لذلك يجب علينا التحرك، فقد كانت الكرة في ملعبه".
في مؤشر آخر على مدى الحصار الذي يعانيه زوما وحلفاؤه، دهم ضباط من "الهوكس"، وحدة مكافحة الفساد في قسم الشرطة، منزل عائلة جوبتا يوم الأربعاء الماضي، وأفراد هذه العائلة الذين هم أصدقاء منذ زمن طويل للرئيس قاموا بتطوير علاقات تجارية وثيقة بأحد أبنائه، هم محور الادعاءات المقدمة في قضايا الفساد.
وقد كان الغضب من وجود فساد والنفوذ المزعوم لعائلة جوبتا واحدا من العوامل الرئيسية التي تقف خلف جهود المؤتمر الوطني الإفريقي لإقصاء زوما عن منصبه وإتاحة المجال أمام سيريل رامافوسا، نائب الرئيس.
التفتيش الذي جرى عند الفجر لمكان إقامة عائلة جوبتا في جوهانسبرج أكد انهيار نفوذ زوما منذ أن هزم رامافوسا المرشح المفضل لدى الرئيس، أي زوجته السابقة، ليصبح زعيما للمؤتمر الوطني الإفريقي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. اتهم زوما باستخدام فرقة الهوكس والمدعين العامين لترهيب خصومه السياسيين، في الوقت الذي يسمح فيه لحلفائه في الواقع بالتصرف بحصانة.
قال متحدث رسمي باسم فريق الهوكس "إنه تم اعتقال ثلاثة أشخاص في الغارة واثنين آخرين من المقرر أن يسلما نفسيهما".
اتهم كل من آجاي وآتول وتوني جوبتا باستغلال صداقتهم مع زوما للحصول على عقود من الدولة والتأثير في التعيينات السياسية. كما ادعى نائب سابق لوزير المالية أن أفراد العائلة قدموا له منصبا رفيعا في وزارة الخزانة ومبلغ 600 ألف راند.
نفى زوما وأفراد عائلة جوبتا مرارا وتكرارا ارتكابهم أي مخالفة. وأفادت وسائل الإعلام المحلية أنه قد تم اعتقال شخص واحد على الأقل من أشقاء جوبتا وشريك للأسرة.
طلب المؤتمر الوطني الإفريقي بشكل رسمي من زوما تقديم الاستقالة يوم الثلاثاء الماضي، لكن الرئيس لم يستجب لذلك الطلب إلا في وقت متأخر من الأربعاء الماضي. على الرغم من أنه لم يحدث قط أن رفض أي عضو في الحزب أي طلب يقدمه المؤتمر الوطني الإفريقي بالتخلي عن منصب في الدولة، إلا أن التعليمات لا تحظى بصفة قانونية، لأن انتخاب زوما قد تم من قبل البرلمان.
قال زوما "إنه قدم لمسؤولي الحزب إطارا زمنيا للتخلي عن منصبه في حزيران (يونيو) الماضي، وكان رامافوسا قد قَبِل ذلك، لكنه قال إن زعماء المؤتمر في مناقشات لاحقة، بما في ذلك نائب الرئيس، غيروا بنود الاتفاقية".
كما قال أيضا، مستخدما مصطلحات المؤتمر الخاصة بطرد أعضاء الحزب من مناصب الدولة "إنها المرة الأولى التي أشعر فيها بأن القرار غير صحيح، وأنني لا أتفق معه. إن أردتم استذكار ذلك، يمكنكم ذلك. لقد تم إرغامي على ذلك الآن، أعتقد أن للمؤتمر دورا في ذلك، حيث بدأت أشعر بأن هنالك خطأ ما في الموضوع".
الحزب، الذي سيطر على السياسة في جنوب إفريقيا منذ الانتخابات الديمقراطية الأولى التي أجريت في عام 1994، أرغم ثابو مبيكي على الاستقالة من منصبه كرئيس في عام 2008، لكنه لم يضطر أبدا إلى استخدام التصويت بحجب الثقة لإرغام أحد أعضائه على التخلي عن منصبه.
بعد محادثات أجريت مع المعارضة يوم الأربعاء الماضي، وافق المؤتمر الوطني الإفريقي وأحزاب أخرى على المضي قدما بالتصويت بحجب الثقة المقترح من قبل جماعة مقاتلي الحرية الاقتصادية، الذي كان من المقرر أن ينعقد الأسبوع المقبل.
تصويت حزب المؤتمر الوطني الإفريقي مع المعارضة يعتبر "خطوة نوعية جدا ستعمل على تغيير السياسة لدينا بشكل جذري، خاصة بالنسبة إلى أشخاص مثلي نشأوا مع حركة التحرير"، بحسب ما قال ويليام جوميدي، رئيس مؤسسة أعمال الديمقراطية. "الخطر بالنسبة إلى رامافوسا هو أن هذا سيعمل على تقسيم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي تماما"، على أن استقالة زوما قد أحالت تحليلا هكذا إلى التقاعد.
نجح تصويت حجب الثقة قبل إجرائه في استقالة الرئيس، فأصبح رامافوسا، زعيم نقابي سابق وأحد أغنى رجال الأعمال السود في البلاد، رئيسا شرعياً بالنيابة لفترة تصل إلى 30 يوما. والتصويت البرلماني قد يؤكد على اختيار رامافوسا، البالغ من العمر 65 عاما، الذي تعهد بالقضاء على الفساد وإنعاش الاقتصاد المتهالك، كرئيس للدولة، وهو ما حدث.
قال جويدي مانتاش، رئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، "إنه لو لم يكن زوما قد استقال لواجه (الكواسر) في المجلس وخسر المنصب والكرامة معاً".
من المعلوم أن زوما، البالغ من العمر 75 عاما، يخشى الملاحقة القضائية الخاصة باتهامات الفساد بعد مغادرته المنصب، ما يؤدي إلى قيامه بتجنب ومقاومة مطالب المؤتمر.
قامت أسرة جوبتا بتأسيس إمبراطورية تجارية واسعة تشمل التعدين وتكنولوجيا المعلومات بعد الانتقال إلى جنوب إفريقيا من الهند في التسعينيات. وقد قابلت الأسرة زوما لأول مرة في أوائل القرن الحالي، وما لا يقل عن اثنين من أبناء الرئيس وواحدة من زوجاته، عملوا في شركات جوبتا في أوقات متعددة.
كما امتلك دودوزين زوما، ابن الرئيس، مقتنيات مباشرة وغير مباشرة في عدد من الكيانات التي تسيطر عليها عائلة جوبتا.
جاءت الغارة التي شنت على مكان إقامة عائلة جوبتا في جوهانسبرج عقب إطلاق تحقيق بدأه المدعون العامون، في ادعاءات لما يسمى بوقوع الدولة في قبضة العائلة، بما في ذلك الاستخدام المزعوم لمشروع مزرعة ألبان ممول من الحكومة لغسل الأموال.
خضعت إمبراطورية أسرة جوبتا المالية لتحقيقات هذا العام، ما أدى إلى الاستيلاء على الأصول المرتبطة بالألبان.
إلا أن المسؤولين المطلعين على الأمور المالية للعائلة يحذرون من أن هذه العائلة من المرجح أن تكون قد نقلت معظم أصولها إلى خارج البلاد.
في الأسبوع الماضي، أخطر بنك بارودا، البنك الكبير الأخير الذي يجري تعاملات مع عائلة جوبتا في جنوب إفريقيا، البنك المركزي في جنوب إفريقيا، أنه آخذ في إنهاء تعاملاته في البلاد.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES