FINANCIAL TIMES

"التكنولوجيا الرقمية" .. تطور نوعي في القطاع النفطي "2-2"

"التكنولوجيا الرقمية" .. تطور نوعي في القطاع النفطي "2-2"

وفي هذه الحلقة نتطرق إلى التكنولوجيا الرقمية التي تمثل تطورا نوعيا في القطاع النفطي. 

يأمل بيلاني أنه مع نهاية هذا العام، ستستخدم الشركات التكنولوجيا "على أساس منتظم" في الولايات المتحدة وفي كل أنحاء العالم.
في حقول الزيت الصخري النفطية في الولايات المتحدة، يستطيع النظام الجديد خفض تكاليف الإنتاج بنسبة 40 في المائة خلال العقد المقبل، بحسب ما يقول.
كما أن التقديرات الأخرى لتأثير التكنولوجيات الرقمية معتدلة بشكل أكبر.
أما وكالة الطاقة الدولية، هيئة الرقابة الحذرة في العادة والمدعومة من الحكومات العام الماضي، فكان تقديرها أنه يمكنها خفض تكاليف إنتاج النفط والغاز بنسبة تتراوح ما بين 10- 20 في المائة.
يقول بيلاني إن الرقمنة تمثل "تغيرا حادا" في اقتصادات الصناعة، تماما كما التقدم في الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي، اللذين جعلا منذ البداية إنتاج الغاز الصخري ممكنا من الناحية التجارية، قبل نحو 15 عاما.
كما يقول: "قد تساعد الرقمنة في إبقاء أسعار النفط عند مستوياتها المعقولة، ما يعني في نطاق 60 دولارا للبرميل الواحد، والسماح للجميع بإنتاج النفط اقتصاديا".
مثل شركة شلومبيرجر، اختارت شركة جنرال إلكتريك وضع بعض عملياتها التشغيلية الرقمية في منطقة خليج سان فرانسيسكو، لتطوير ارتباطات بشركات تكنولوجيا المعلومات المحلية، بالتعاون مع جامعة ستانفورد، من أجل استقطاب المواهب الكامنة في المنطقة.
عبر الخليج من وادي السيليكون، في سان رامون، تمتلك شركة بيكر هيوز مركزا للتكنولوجيا الرقمية، في مبنى مشترك مع العمليات التشغيلية لبرمجيات الشركة الأم جنرال إلكتريك.
كما تتشارك أيضا مع "بريديكس" أي منصة شركة جنرال إلكتريك للبرمجيات التي تستخدمها لتطبيقات الغاز والنفط.
وقد كان أحد أجزاء الصناعة الذي يتحرك بشكل أسرع من أجل استيعاب وتفهم إمكانات التكنولوجيات الجديدة هو أعمال الزيت الصخري في أمريكا الشمالية، حيث يجري حفر عدة آلاف من الآبار في كل عام، ما يجعل من الممكن الاستفادة من الجهود المبذولة مسبقا وتطبيق تلك الدروس بسرعة.
كانت هنالك زيادات مذهلة في الإنتاجية، سببها في السنوات الأخيرة هو التحسينات التي أحيانا ما يشار إليها باسم "الزيت الصخري، 2.0"، بما في ذلك حفر آبار أفقية أطول، لكن التقدم المحرز حتى الآن كان إلى حد كبير مسألة تجربة وخطأ: إجراء تجارب على الآليات الجديدة، وتطبيقها فيما لو ظهر أنها ناجعة.
توفر تحليلات البيانات فرصة لجعل تلك التجارب علمية أكثر وإضفاء حياة جديدة على الإنتاج. وقد كانت بعض النتائج المبكرة واعدة: حيث قال بوب دادلي الرئيس التنفيذي لشركة بريتيش بتروليوم الأسبوع الماضي، إن الشركة تعمل مع شركة ناشئة في وادي السيليكون على تطوير نموذج للتحسين، وتمكنت من رفع الإنتاج في 180 بئرا الموجودة في مشروعها التجريبي بنسبة 20 في المائة.
المكاسب المحتملة كبيرة جدا، فالشركات تعمل على استعادة ما نسبته 8 إلى 10 في المائة فقط من النفط ليحل مكان الزيت الصخري الأمريكي، لذلك إذا استطاعت الأنظمة الجديدة رفع ذلك المعدل بقدر من النقاط المئوية فحسب، فقد تكون النتائج مذهلة.
كما أن هنالك أيضا إمكانية كبيرة لاستخدام الأتمتة (التشغيل الآلي) في مجال الزيت الصخري.
اليوم، قد يكون هنالك 26 شخصا ضمن طاقم آلة الحفر، بحسب ما يقول بيلاني. إلا أنه بعد خمس سنوات، قد يتكون الطاقم من خمسة أشخاص لا غير.
يقول براون إنه "يعمل مثل البشر إلى حد كبير على تشغيل آلات الحفر، لكننا نعتقد أن هذا القطاع سيخضع بشكل متزايد للتشغيل الآلي، وسيتحول الأمر إلى جهاز الحاسوب تماماً، مثل الطيار الآلي في الطائرة".
التشغيل الآلي آخذ في الصعود منذ فترة، فقد بدأت شركة شلومبيرجر بتحويل خبراء الحفر الأفقي لديها ونقلهم من ميدان الحقول النفطية إلى مكاتبها في هيوستن، من المكان الذي يمكنهم أن يراقبوا فيه العمليات التشغيلية في ست آبار بالتزامن، بدلا من مراقبة بئر واحدة.
مثل القطاعات الأخرى التي تم تعطيلها بأحدث موجة من الابتكار، تواجه صناعة النفط تغيرات جذرية من حيث فقدان الوظائف وأنماط التوظيف المتغيرة.
يقول روجرز: "سوف يكون الأمر غير مريح لفترة من الزمن".
تحقيق الإمكانات الكاملة للتكنولوجيات الجديدة سوف يعني إحضار مزيد من الناس من الذين يتمتعون بمهارات في البرمجة وعلوم البيانات. وسوف يعني أيضا إحداث تغييرات واسعة في هياكل الشركات.
يقول كاوزر كازيلباش من شركة أكسنتشر: "هناك كثير من المشاكل التي ستكون بحاجة إلى حل. الأمر ليس سهلا. إنه تحول هائل في الإدارة، ويقتضي تغيرا تكنولوجيا وتغييرا تشغيليا".
إذا كان من الممكن إنجاز ذلك بنجاح، فإن تبني التقنيات الرقمية الجديدة سوف يساعد في الدفاع عن النفط والغاز ضد التهديد المتزايد من الطاقة المتجددة، وتخزين البطاريات، والسيارات الكهربائية.
تكنولوجيات الطاقة الجديدة المذكورة تعمل بسرعة على تحسين الكفاءة وتقليص التكاليف، لكن الموارد المنافسة القديمة من الوقود الأحفوري، ليست واقفة مكتوفة الأيدي.
يقول ماثيو من شركة بيكر هيوز: نحن لا نزال على السطح من حيث ما يمكن عمله باستخدام الذكاء الاصطناعي. إنه واحد من تلك الاستخدامات التي سوف تغير العالم".

إطار
صناعة النفط تعتمد الحاسوب لخفض التكاليف

بدأت صناعة الغاز والنفط اعتماد آليات جديدة ما كان في الإمكان استخدامها لولا أجهزة الحاسوب الحديثة، التي تستطيع تخزين كميات كبيرة ومعقدة من البيانات والتعامل معها.
غالبا ما ستعمل تلك الآليات على توظيف "تعلم الآلة"، وهو أحد أشكال الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم الخوارزميات، للتوصل إلى النتائج من حلال دراسة كميات كبيرة من البيانات. وتشمل تلك التطبيقات:

• التحليلات الزلزالية
إن تكوين صورة لتشكيلات الصخور وموقع وجود الغاز والنفط على بعد أميال تحت سطح الأرض، باستخدام الدراسات الزلزالية وغيرها من الدراسات الأخرى، هو عملية معقدة جدا.
أجهزة الحاسوب الفائقة تمكن الشركات من تفهم المزيد حول جيولوجيا هذه المناطق التي من الصعب رصدها، والتنبؤ بشكل أكثر دقة بالمكان الذي يمكن العثور فيه على النفط.

• الإنتاج الأمثل
تدفق النفط من المكمن يعتمد على مجموعة معقدة من العوامل التي تشمل طول وتباعد الآبار وأنواع عمليات التكسير المستخدمة.
الآليات الجديدة تسمح للشركات بالحصول على أكبر فائدة من الحقل، بحيث يعمل ذلك أحيانا على الضغط على الإنتاج الأولي، من أجل الحصول على عائد أعلى في النهاية.

• الصيانة التنبؤية
دراسة كل البيانات المرتبطة بأجزاء المعدات مثل المضخات والصمامات، يمكن أن تقدم مؤشرات كالوقت الذي من المحتمل أن تتعطل فيه، ما يسمح لنا القيام بإصلاحها أو استبدالها قبل تعطلها بالكامل. والنتيجة هي سلامة أفضل وقدرة على تبسيط جداول الصيانة.

• التشغيل الآلي
انتشار الأجهزة الذكية والأجهزة المتصلة يعني أن العمليات التي كانت تحتاج في العادة إلى وجود موظفين مهرة في مكان البئر أو في مصنع التشغيل، ويمكن إلى حد كبير تشغيلها من على بعد.
النتيجة ستكون انخفاضا في تكاليف اليد العاملة، وأمانا أكثر مع عدد أقل من العمال في بيئات خطيرة علاوة على رفع الكفاءة.

• الأمن
صناعة الطاقة هي في الأصل هدف رئيس للهجمات الإلكترونية، مثل فيروسات شامون وشامون 2 التي ضربت شركة نفط عملاقة في الخليج، في عامي 2012 و2016.
زيادة الاتصال المحمول، والاستخدام الأكبر للبيانات التشغيلية والتشغيل الآلي يعمل على إيجاد نقاط ضعف جديدة، وشركات النفط بحاجة إلى نشر التكنولوجيا الأكثر تقدما من أجل حماية مصالحها.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES