FINANCIAL TIMES

شركات الحفر تنقل الرهان إلى مكامن النفط الرخيص «1 من 2»

شركات الحفر تنقل الرهان إلى مكامن النفط الرخيص «1 من 2»

على بعد بضعة أميال فحسب، من الشارع الذي يقع فيه مقر شركة فيسبوك، يبدو مركز الابتكار التكنولوجي للبرمجيات التابع لشركة شلومبيرجر في مينلو بارك المحاط بالأشجار وكأنه مجرد شركة أخرى في وادي السيليكون تحلم بتغيير العالم.
الجدران مغطاة ببطاقات الملاحظات التي تحمل أفكارا لميزات المنتجات ومبادئ التصاميم، وفي المقصف هنالك أوعية مليئة بالفاكهة وقسم مشترك لتقديم البيتزا وقت الغذاء من كل يوم جمعة.
يستخدم بعض المهندسين هناك مقاعد طولية ولوحات موازنة لأداء بعض التمارين أثناء العمل، فهم آتون من مجموعة متنوعة من البلدان والخلفيات الصناعية: أحدهم كان يعمل لدى وكالة ناسا قبل المجيء إلى هنا، وآخر كان يعمل لدى شركة إتش بي أو.
مثل كثير من المهندسين الناجحين في شمالي ولاية كاليفورنيا، يصل نائب الرئيس التنفيذي لشركة شلومبيرجر للتكنولوجيا، والقوة المحركة للعمل في المركز إلى العمل وهو يقود سيارة تسلا.
مهام شركة شلومبيرجر ليست بالمهام الطبيعية التي تتم في وادي السيليكون: هي تعمل على زيادة الإنتاج وخفض التكاليف لنشاط يعتبر الأكثر أهمية في الاقتصاد القديم، ألا وهو إنتاج النفط والغاز.
مركز التكنولوجيا الذي أنشاته مجموعة خدمات حقول النفط ما هو إلا دليل على التغييرات الضخمة الجارية في حقل النفط والغاز، في الوقت الذي تبدأ فيه الصناعة في اعتماد أحدث الابتكارات في مجال تكنولوجيا المعلومات.
الآليات، مثل تحليلات البيانات المتقدمة المستخدمة من قبل شركات جوجل وفيسبوك وآمازون وغيرها من الشركات، تعمل بشكل رئيسي على تعطيل أعمال يواجهها المستهلكون، ويجري تطبيقها الآن بشكل متزايد في قطاع الطاقة.
يعتقد كثير من المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط أن النتائج يمكن أن تكون عجيبة على نحو مماثل.
الفرص الجديدة التي يجري الحصول عليها تشمل تحليلا للصخور من أجل استهداف الآبار بشكل أكثر دقة في المناطق الحاملة للنفط، ونماذج للمكامن للتمكن من زيادة الإنتاج إلى أقصى حد خلال فترة عمر الحقل النفطي، وأتمتة العمليات التي يمكن أن تجعل العمليات التشغيلية أكثر أمانا وأكثر كفاءة وأقل تكلفة.
زيادة الإنتاج المترتبة على تلك الأمور ستفرض ضغوطا متزايدة على أسعار النفط، ما يؤدي إلى التسبب في نتائج سلبية لدى التكنولوجيات المنافسة مثل السيارات الكهربائية، وصعوبات محتملة أمام شركات الإنتاج في بلدان أخرى ليست قادرة على خفض التكاليف لديها بنفس الطريقة. كما ستعني أيضا تعطل كثيرين في مجال صناعة النفط، مع خسائر لفرص عمل وتغييرات في أنماط وثقافة العمل.
مات روجرز من هيئة الاستشارات ماكينزي يقول "إن المتنبئين أخفقوا في إدراك حجم التغييرات الآتية تماما".
حيث يقول "لا أعتقد أننا تمكنا من إعداد نماذج عرض بإمكانها استيعاب كمية النفط الكبيرة التي سنحصل عليها. العالم بعد عشر سنوات سيبدو مختلفا جدا. سيبدو الأمر كأننا نعيش في حرب نجوم مقارنة بالوضع الذي نعيشه الآن".
كانت صناعة النفط على مدى عقود في طليعة أوجه التقدم الجارية في مجال تكنولوجيا المعلومات. بدأ جون براون، الرئيس التنفيذي الأسبق لشركة بريتيش بتروليوم، حياته المهنية في نهاية الستينيات وهو يرسم الخرائط الخاصة بخزانات النفط في ألاسكا، مستخدما جهاز حاسوب كان يمثل قمة الإبداع في ذلك الوقت.
في صدارة القائمة التي تحوي 500 نوع من أجهزة الحاسوب الفائقة الأكثر تطورا في العالم الآن، توجد كل من شركتي النفط، توتال وإيني والفرنسية والإيطالية، على التوالي، وشركة جيو للخدمات البترولية وهي شركة لتصوير الخزانات، من ضمن الشركات الرائدة في القطاع الخاص. الاختلاف الآن هو ظهور الخدمات الحاسوبية السحابية، التي تجعل من الممكن تخزين وتحليل البيانات بتكلفة منخفضة نسبيا، ما يفتح آفاقا لوجود تطبيقات جديدة لنطاق أوسع بكثير من الشركات.
يولد حقل النفط كميات هائلة من البيانات، سواء أكانت منظمة، مثل قراءات الضغط ودرجات الحرارة، أو غير منظمة، مثل لقطات الفيديو- والكمية آخذة في التزايد باستمرار. تكلفة أجهزة الاستشعار المستخدمة لجمع مزيد من البيانات آخذة في الانخفاض ودرجة تطورها آخذة في الارتفاع، ما يجعل من الممكن رصد مزيد من جوانب العمليات التشغيلية مثل حفر بئر.
بيل براون، كبير الإداريين المعلوماتيين في شركة شيفرون النفطية الأمريكية، يقول "إن حجم البيانات التي تتعامل معها الشركة آخذ في التضاعف كل 12-18 شهرا. والتوسع في حقل النفط تينجيز في كازاخستان، المقرر أن يبدأ في الإنتاج في عام 2022، سيشتمل على نحو مليون جهاز استشعار".
مع ذلك، لا يتم استخدام كثير من بيانات هذه الصناعة أبدا. يقول بينو ماثيو، رئيس إدارة الإنتاج الرقمي في شركة بيكر هيوز لخدمات حقول النفط، التي تعود ملكية الأغلبية فيها إلى شركة جنرال إلكتريك "يجري جمع كثير من البيانات، لكن كثيرا منها منعزل جدا. حيث يجري فعليا تحليل نسبة مئوية ضئيلة منها فقط".
لاحظ آل ووكر، الرئيس التنفيذي لشركة أناداركو للنفط، وهي شركة أمريكية مستقلة لإنتاج النفط، خلال مؤتمر سيراويك المنعقد في هيوستن العام الماضي، أنه على الرغم من أن الشركة سجلت كثيرا من البيانات التي قامت بجمعها: "لكننا لم نستخدمها بشكل كبير". كما أضاف قائلا "لدينا كميات هائلة جدا من بيانات الزلازل، وربما أستخدم 5 في المائة منها، فحسب".
الأمر في سبيله إلى التغيير الآن، فالبيانات التي تم جمعها من خلال أجهزة المهندسين المحمولة، أو ورقيا، في الحقول النفطية، وأحيانا يجري تدوينها يدويا، يمكن أن يتم تحويلها ونقلها آليا إلى المكاتب.
والسجلات القديمة التي امتدت على مدى عقود من الزمن يجري تحويلها إلى مجموعات متسقة من البيانات. توصلت دراسة استقصائية أجريت العام الماضي من قبل هيئة الاستشارات أكسينتشر، وشملت المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط، إلى أن 70 في المائة منهم توقعوا الاستثمار بشكل أكبر في التكنولوجيات الرقمية، مع إعطاء الأولوية لكل من تخزين البيانات والخدمات.
وقد أصبح من المبتذل القول "إن البيانات هي النفط الجديد"- فكثير من الشركات تبحث الآن عن طرق لتحويل البيانات إلى نفط.
كانت هنالك سلسلة من التحالفات بين شركات تكنولوجيا المعلومات وشركات النفط.
وقعت شركة مايكروسوفت العام الماضي اتفاقيات شراكة مهمة مع شركة هاليبيرتون، وهي شركة كبيرة أخرى تقدم الخدمات لحقول النفط، ومع شركة شيفرون.
وشركة نفيديا لصنع رقاقات ذات أداء مرتفع استخدمت لأول مرة في صناعة ألعاب الفيديو، تعمل مع شركات شلومبيرجر، وهاليبيرتون وغيرها من الشركات لتعديل تكنولوجيا تصوير وتفسير المعلومات الزلزالية لديها.
قبل عام، أعلنت عن إبرام اتفاقية شراكة مع شركة بيكر هيوز حول استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة على استخلاص النفط والغاز وتصنيعهما.
تعمل التكنولوجيات الجديدة على إيجاد فرص تجارية. تم تأسيس شركة شلومبيرجر، أكبر شركة مدرجة في العالم الآن لخدمات حقول النفط، من قبل أخوين فرنسيين أطلقا في عام 1926 شركة لاستخدام القياسات الكهربائية في تحديد الصخور الموجودة تحت السطح. تفهم ما يحصل في مكامن النفط والغاز الموجودة تحت سطح الأرض، لا يزال محور الكفاءة الذي تتمتع به الشركة، لكنها تعمل على زيادة نطاق الخدمات التي يمكنها تقديمها. في العام الماضي، أطلقت نظام برمجيات جديد يدعى ديلفي، الذي يجعل من الممكن جمع وتنسيق الطرق التي يتم من خلالها تصميم الآبار وحفرها وتهيئتها للإنتاج، من أجل زيادة الناتج لأقصى حد من الحقل بأكمله.
يأمل بيلاني في أنه مع نهاية هذا العام، ستقوم الشركات باستخدام التكنولوجيا "على أساس منتظم" في الولايات المتحدة وفي كل أنحاء العالم.
في حقول الزيت الصخري النفطية في الولايات المتحدة، يستطيع النظام الجديد خفض تكاليف الإنتاج بنسبة 40 في المائة خلال العقد المقبل، بحسب ما يقول.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES