FINANCIAL TIMES

هل تتدخل الهند عسكريا في المالديف .. ضد الصين؟

هل تتدخل الهند عسكريا في المالديف .. ضد الصين؟

بعد ساعات من إعلان رئيس المالديف عبد الله يمين حالة الطوارئ في الجزيرة، والبدء في اعتقال خصومه السياسيين، ناشد الزعيم السابق محمد ناشد دولة الهند، طلبا للمساعدة.
في تغريدة عبر تويتر، حث ناشد، الذي يعيش في المنفى في سريلانكا، الهند بالمسارعة في إرسال "مبعوث"، مدعومة بقواتها العسكرية إلى جزر المالديف - أرخبيل في المحيط الهندي أفضل ما يعرف به أنه وجهة سياحية فاخرة لقضاء عطلة على الشاطئ - لإطلاق سراح السجناء السياسيين، بمن فيهم اثنان من قضاة المحكمة العليا.
كتب ناشد: "بالنيابة عن الشعب المالديفي، نطالب بوجود مادي في البلاد" من قبل الهند، للإسهام في حل الأزمة المستفحلة.
هذا الطلب العلني غير المعهود من أجل التدخل العسكري يبرز المأزق الذي يواجه الهند، في الوقت الذي تراقب فيها الأزمة السياسية، وهي تتكشف في ساحتها الخلفية.
تردد صدى نداء ناشد في دوائر صقور السياسة الخارجية الهندية، الذين يضغطون على نيودلهي لترسل قوات إلى جزر المالديف للإطاحة بالرئيس يمين، وهو حاكم تنظر إليه تلك الدوائر باعتباره متسلطا، يعمل باستمرار على رفع مخاوف الهند من خلال السماح للصين، بالحصول على موطئ قدم استراتيجي في مياه المحيط الهندي.
يقول نيتين باي، المؤسس المشارك في مؤسسة تاكشاشيلا، مركز فكري للسياسة العامة: "هذه حجة واضحة تماما لمصلحة التدخل الهندي. النظام المسيطر على السلطة ليس غير ديمقراطي أو معاد للديمقراطية، إلا أنه يلعب بشكل ظاهر بطاقة الصين ضد الهند. والنظام يكتسب الجرأة من حقيقة أنه يمكنه التطلع إلى باكستان والصين لطلب الدعم المالي - والتصرف على نحو لا يعبأ فيه بالهند ومخاوف الهند".
وهناك آخرون يشعرون أن التدخل العسكري أمر خطير فوق الحد.
قال براهما تشيلاني، أستاذ الشؤون الاستراتيجية في مركز بحوث السياسات في نيودلهي: "سيستغرق الأمر من أربع إلى خمس ساعات فقط للاستيلاء على ماليه العاصمة من قبل قوات هندية، إلا أن السؤال هو: من هو الشخص الذي ستعتمد عليه الهند هنالك؟ أو ما هي نهاية الهند في هذه اللعبة".
حتى الآن، لم تقدم حكومة ناريندرا مودي أي إشارة تدل على أنها قد تلجأ لاستخدام القوة، على الرغم من استيائها من إعلان حالة الطوارئ والاعتقالات السياسية.
ناقش كل من رئيس الوزراء الهندي والرئيس الأمريكي دونالد ترمب أزمة جزر المالديف في مكالمة هاتفية جرت يوم الخميس الماضي، حتى بعد أن أرسلت حكومة يمين مبعوثين إلى كل من الصين وباكستان ودول الخليج، لحشد الدعم لإدارته.
قال مسؤول هندي، طلب عدم الكشف عن هويته، لصحيفة "فاينانشيال تايمز": "ما حصل هو اعتداء مباشر على السلطة القضائية، وتجاهل واضح للديمقراطية وسيادة القانون. نحن نعمل مع شركائنا المقربين. وكل ما نعمله يجب أن يتم معا".
يتفق المحللون على أن الطريقة التي ردت فيه الهند على أزمة جزر المالديف ستختبر مطالبتها بأن تكون قوة آسيوية صاعدة، يمكنها المساعدة في ضمان الأمن والاستقرار الإقليمي.
كما سيتفحص أيضا مدى استطاعة نيودلهي التأثير بشكل حاذق في الأحداث الجارية في النطاق الحيوي لها، في الوقت الذي تسعى فيه الصين لتوسيع نطاق وجودها.
يقول كوستانتينو كزافييه، زميل في مركز كارنيجي الهندي: "هنالك توقعات من بلدان كثيرة أخرى - الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا - تتطلع للهند. الكرة في ملعب دلهي كي تفعل شيئا ما".
دائما كانت نيودلهي تعتبر جزر المالديف جزءا من نطاق نفوذها الطبيعي، نظرا لقربها من الأرخبيل وروابطها التاريخية والاقتصادية القوية به.
في عام 1988، أرسلت نيودلهي حملة عسكرية سريعة لمساعدة الرئيس المالديفي آنذاك مأمون عبد القيوم - الأخ غير الشقيق للرئيس يمين الذي يرزح الآن في السجن - لصد محاولة انقلاب من قبل مرتزقة من سريلانكا.
بيد أنه على مدى السنوات الخمس الماضية وتحت قيادة الرئيس يمين، عززت جزر المالديف روابطها مع الصين - مرددة بذلك صدى التأثير المتزايد لبكين على الدول الأخرى المجاورة للهند، بما فيها سريلانكا ونيبال وباكستان وبوتان وبنجلادش.
في عام 2015، عمدت المالديف إلى تعديل دستورها لتسمح للأجانب بشراء الأراضي، بما يمهد الطريق أمام الشركات الصينية للاستحواذ على جزر يمكن أن توظف لاستخدامات عسكرية، حسب مزاعم الهند.
تدهورت علاقات نيودلهي بماليه منذ عام 2012، عندما صادرت الحكومة المطار الدولي الرئيسي في الجزر، الذي كان مدارا من قبل شركة جي إم آر للبنية التحتية الهندية، التي حازت على عقد بقيمة 511 مليون دولار لتحديث المطار وتشغيله.
كان اتساع الصدع واضحا في آب (أغسطس) الماضي، عندما رست ثلاث سفن عسكرية صينية في ميناء مالديفي - ما أفزع نيودلهي، التي كثفت مباشرة اتصالاتها مع المعارضة.
قال الرئيس يمين إنه يعتزم المضي قدما في الترشح للانتخابات المقبلة في جزر المالديف، التي كان من المقرر عقدها في وقت لاحق من هذا العام.
يقول المسؤولون الهنود إن الانتخابات سوف تكون مهزلة من دون مشاركة زعماء المعارضة، الذين إما يعيشون الآن في المنفى أو يقبعون في السجون.
يقول محللون إن مودي يفكر بلا شك في العواقب السياسية المحلية المترتبة على التدخل في المالديف، بينما يتطلع لمحاولته إعادة ترشيح نفسه لانتخابات العام المقبل.
يقول كزافييه عن ذلك التدخل: "إنه خيار مغر من الناحية السياسية. وتلك حلول مغرية ظاهريا - في إظهار للقوة والشجاعة، إلى جانب تعزيز فكرة تقول: ’أنا زعيم قوي في الهند وخارج الهند‘".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES