FINANCIAL TIMES

اضطراب الأسواق العالمية مقدمة نحو سلسلة صدمات مقبلة

اضطراب الأسواق العالمية مقدمة نحو سلسلة صدمات مقبلة

عندما جرت مناقشة ما بين بورصة الخيارات الواسعة في شيكاغو مع متداولين من بنك جولدمان ساكس في عام 2003، كان هذا من شأنه أن يتبين أنه واحد من أكثر الاجتماعات المفيدة في تاريخ البورصة.
لقد أطلق موجة من المنتجات المالية التي بنيت حول مفهوم تقلبات التداول في الأسواق الرغبة في المراهنة على ما إذا كانت أسواق الأسهم ستبقى هادئة، ازدادت حدة في الأعوام الأخيرة، في الوقت الذي أدت فيه برامج شراء السندات التاريخية من قبل البنوك المركزية، إلى "حبس" التقلب في الأسهم والسندات.
الآن، في الوقت الذي يقنع فيه النمو الاقتصادي القوي البنوك المركزية بالحد من دعمها لأسعار الأصول، فإن الحجم الهائل للنظام البيئي لتداول التقلب الذي تضخم، بات هو ما يثير قلق بعض المستثمرين والمحللين، الذين يعتقدون أن اضطراب هذا الأسبوع مجرد دفعة أولى ضمن سلسلة صدمات مقبلة نحو الأسواق العالمية.
قدم المتداولون في بنك جولدمان ساكس إلى المسؤولين التنفيذين في بورصة الخيارات الواسعة القائمة في شيكاغو، عقودا آجلة على أساس مؤشر التقلب فيكس في البورصة، وهو مقياس لتقلب السوق المتوقع استنادا على خيارات مكتوبة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 المستحدث أول مرة في عام 1993.
بالنظر إلى ميله إلى الارتفاع عندما تنخفض أسواق الأسهم بسرعة، منح المؤشر بسرعة اسم "مؤشر الخوف" في وول ستريت، الاسم الذي ألهم فيلم الإثارة لروبرت هاريس، وحقق ثورة في بورصة الخيارات الواسعة في شيكاغو.
ساندي راتري، يعمل الآن كبيرا لإداريي الاستثمار في وكالة مان جروب القائمة في لندن، يومها كان أحد متداولي بنك جولدمان، ومع زميله في ذلك الحين ديفيش شاه، ساعدا في وضع صيغة معقدة تعمل على توليف آلاف تداولات الخيارات المختلفة، في عدد واحد قابل للتداول للعقود الآجلة.
تطوير العقود الآجلة لمؤشر فيكس فتح المجال أمام مجموعة من الصناديق التي يتم تداولها في البورصة والأوراق المالية، التي تسمح للمستثمرين المؤسسين والأفراد بشراء وبيع تقلبات الأسهم.
مثل هذه النتيجة تثير قلق راتري. يقول: "لقد وضعنا نموذجا لما ستبدو عليه الصناديق التي يتم تداولها في البورصة، تحدثنا إلى مزود كبير للصناديق التي يتم تداولها في البورصة، ونظرنا إلى ما سيبدو عليه الأداء.
لقد كان الأداء ضعيفا جدا بحيث استنتجنا أنه ينبغي ألا نعرض منتجا كهذا للمستثمرين".
بالنسبة لبعض مثل هذه المنتجات، جاء زوالها يوم الإثنين قبل الماضي بسرعة. في غضون ساعات من يوم الإثنين ذاك، وصل مستوى مؤشر فيكس - بعد أن انخفض إلى ما دون متوسطه على المدى الطويل البالغ 20 لعدة أشهر - إلى 50 نقطة لفترة وجيزة، فيما واجه مؤشر ستاندرد آند بورز أكبر انخفاض له ليوم واحد منذ عام 2011.
مع هبوط مؤشر ستاندرد آند بورز، تراجعت تجارة "تقلب البيع على المكشوف" المزدحمة، حيث باعت المنتجات المتداولة في البورصة العقود الآجلة لمؤشر فيكس، ما دفع مصرفي كريدي سويس ونومورا إلى إغلاق صندوقين، بينما أصبحت صناديق أخرى أضعف من السابق.
حجم العوائد التي توفرها التداولات خففت المخاطر. شراء أكبر المنتجات المتداولة في البورصة ذات التقلب القصير - بإدارة بنك كريدي سويس والمعروفة باسم مؤشر إكس آي في - في بداية عام 2015 والاحتفاظ بها حتى نهاية عام 2017 حقق عائدا بنسبة 320 في المائة.
الاحتفاظ بها من بداية عام 2015 إلى ما بعد ثورة يوم الإثنين قبل الماضي، أدى إلى خسارة إجمالية بلغت 85 في المائة.
يقول بيتر تشير، كبير خبراء الاستراتيجية الكلية في أكاديمية الأوراق المالية، "لقد أصبحت هذه تجارة متهاونة للغاية".
مؤشر إكس آي في كان مجرد جزء واحد من الزاوية الحيوية، وإن كانت مثيرة للجدل، من السوق بالنسبة لتقلبات التداول.
هناك نحو 40 منتجا من المنتجات المتداولة في البورصة مرتبطة بمؤشر فيكس، وذلك وفقا لبنك جولدمان ساكس، ومعظمها يسمح للمستثمرين بالرهان على ارتفاع التقلبات. تكاليف هذه الصناديق تميل إلى الانتشار عبر أموال المستثمرين، ما يدفع أصول صناعة المنتجات المتداولة في البورصة لمؤشر فيكس، دون مستويات أسقفها العليا.
مع ذلك، كثير منها أصبحت شعبية، لتحتل مرتبة بين المنتجات المتداولة في البورصة الأكثر تداولا، وتنافس أسهم شركات مثل جنرال إلكتريك.
يقول كريستوفر كول من شركة آرتيميس لإدارة رأس المال: "لقد أصبح التقلب بمنزلة مدخل لاتخاذ المخاطر، وشيء يمكن تداوله على حد سواء. أصبح التقلب لاعبا في المجال".
في المقابل، سلوك المنتجات المتداولة في البورصة ساعد على تغذية عقود مؤشر فيكس التي تشكل أساسها، لدرجة أن ذلك أدى إلى القلق من أن المنتجات المالية التي بنيت لجني المال من تعقب مؤشر فيكس، بات يغذي الآن المكونات التي يحسب منها مؤشر فيكس.
يقول المتداولون إنه في نهاية يوم الإثنين قبل الماضي، واجهت المنتجات المتداولة في البورصة مشاكل من ارتفاع أولي في مؤشر فيكس، إذ تراجعت لتغطية المواقع من خلال شراء كميات كبيرة من العقود الآجلة لمؤشر فيكس، ما أدى إلى رفع أسعار العقود.
مؤشر فيكس، بدوره، ارتفع أكثر، فيما انخفض بالطبع مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
الفوضى لم تنج منها بورصة الخيارات الواسعة في شيكاغو، مع انخفاض سعر أسهم البورصة بما يصل إلى 28 في المائة هذا الأسبوع.
العقود الآجلة لمؤشر فيكس كانت المسؤولة عن نحو 40 في المائة من نمو مكاسب البورصة بين عام 2015 وعام 2017، وذلك وفقا لبنك جولدمان ساكس، حيث إن المنتجات المتداولة في البورصة تشكل نحو 20 - 30 في المائة من "الفائدة المفتوحة" في العقود الآجلة لمؤشر فيكس في الأعوام الأخيرة.
إدوارد تيلي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في البورصة، سعى إلى تهدئة المخاوف يوم الأربعاء قبل الماضي، من خلال القول في مكالمة جماعية إن "مؤشر فيكس لا يمكن أن يخلق التقلبات".
تقول بورصة الخيارات الواسعة في شيكاغو إنها لا تتوقع أي تداعيات كبيرة من أحداث هذا الأسبوع. من الممكن أن يكونوا على حق.
الاضطراب هذا الأسبوع شحذ بريقا للمنتجات المتداولة في البورصة الطويلة لمؤشر فيكس، أو تلك التي تستفيد من التقلبات الأعلى، وحتى بالنسبة للمنتجات المتداولة في البورصة القصيرة لمؤشر فيكس التي تركت، فقد استؤنفت التدفقات الداخلة - وإن كان ذلك بحذر شديد.
مؤشر فيكس لا يزال مرتفعا، ويقول محللو المشتقات إن هذا في الواقع قد يكون وقتا جذابا للمراهنة على بعض مظاهر الهدوء التي تعود إلى الأسواق.
مع ذلك، هناك مصدر قلق أكبر هو أن المنتجات المتداولة في البورصة لمؤشر فيكس هي مجرد ما نعرفه عن عالم تداول التقلبات الأكبر، الذي نما على مدى العقد الماضي. الاضطرابات التي وقعت هذا الأسبوع تسلط الضوء على كيف أن حتى التحركات الصغيرة، يمكن أن تسبب اضطرابات في الأسواق المالية، حتى عندما تكون الخلفية الاقتصادية مواتية.
يقول جيف شين، الرئيس المشارك لأعمال الأسهم النشطة النظامية في وكالة بلاك روك: "هذه الصناديق مجرد غيض من فيض. هذا منحنا مثالا قويا على ما ستبدو عليه نقطة التحول المحتملة لـ(الأسواق)".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES