Author

السعودية .. فائض تجاري متزايد

|

من الواضح أن الحراك التجاري في المملكة يسير وفق التحولات الاقتصادية الراهنة بشكل عام. كيف لا؟ وهو يمثل محورا رئيسا على صعيد الاقتصاد الوطني، كما أنه يشكل قطاعا متطورا على مختلف الأصعدة، سواء تلك المتعلقة بالتصنيع والإنتاج الوطني المحلي، أو التي تختص بما يعرف بإعادة التصدير. وتستهدف "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها، أن يكون محركا آخر للاستراتيجية الاقتصادية كلها، خصوصا مع الإمكانات التي تتمتع بها السعودية في هذا المجال، بما في ذلك بالطبع حرص جهات استثمارية دولية مختلفة على أن تكون مركزا لها في التصنيع، ومقرا للتصدير منها إلى البلدان المجاورة ولمنطقة الشرق الأوسط كلها. دون أن ننسى بالطبع، أن التشريعات والقوانين التي اتخذتها المملكة بهذا الصدد ساعدت في الفترة الماضية على تحقيق كثير من الخطوات في هذا الاتجاه.
ومن هنا يمكن فهم كيف يتطور الحراك التجاري السعودي بحيث يسجل الميزان التجاري فائضا متواصلا، ولا سيما في الأشهر الـ11 الماضية، بحيث بلغ هذا الفائض أكثر من 1.2 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016. ووفق الأرقام الرسمية فإنها تشير إلى إمكانية ارتفاع هذا الفائض في الأشهر المقبلة، وذلك استناداَ إلى الارتفاع المطرد له في المرحلة السابقة كلها. صحيح أن الصادرات النفطية تمثل النسبة الأكبر من هذه الصادرات، إلا أن الصادرات غير النفطية سجلت هي الأخرى ارتفاعا ملحوظا، في الوقت الذي يتم فيه التحول الاقتصادي الراهن، على صعيد الابتعاد شيئا فشيئا عن الطاقة كمصدر رئيس للدخل الوطني في البلاد، من خلال تنويع مصادر الدخل.
المثير أن الميزان التجاري السعودي سجل على المستوى الشهري فائضا للشهر الـ21 على التوالي، ما يعزز الاعتقاد بأن هذا الفائض سيمضي قدما، خصوصا مع وصول مجموعة من المشاريع التي تتضمنها "رؤية المملكة" إلى مراحل متقدمة من التنفيذ، بما في ذلك بالطبع استكمال إنشاء مصانع ومؤسسات وطنية وأجنبية على الأرض السعودية، إلى جانب طبعا المشاريع الاقتصادية التي تستند إلى الخدمات التجارية كالتصدير وإعادة التصدير، وغير ذلك. كل خطوة تتحقق ضمن "الرؤية" المشار إليها هي في الواقع، عامود من أعمدة الاقتصاد الوطني السعودي الجديد، في حين أن القيادة نجحت بالفعل خلال فترة قصيرة، من زيادة الموارد غير النفطية، كما ظهر هذا جليا خلال الموازنة العامة للعام الجاري.
وبالإجمال حققت المملكة فائضا تجاريا بلغ 174.1 مليار ريال في عام 2016، في حين وصل حجم التبادل التجاري إلى 1.19 تريليون ريال. ليست هناك حدود لهذا التقدم في المرحلة المقبلة، لأن الحراك الاستراتيجي الراهن يضمن مزيدا من الدعم في هذا الاتجاه، كما يضمن الدعم لكل القطاعات الاقتصادية الأخرى. ومع ارتفاع حجم الإنتاج غير النفطي في المملكة في المرحلة المقبلة، فمن الطبيعي أن يتحول جزء من هذا الإنتاج إلى التصدير، وبالتالي تحقيق المملكة مزيدا من الفوائض التجارية لمصلحتها. إنه أيضا في صلب التنوع الاقتصادي المنشود، وهو من القطاعات التي لا تتوقف عن التطور وفق معطيات متلاحقة على ساحتها.
إنه زمن التحول الاقتصادي الكبير الذي لا يشبه أي زمن سابق في المملكة، وهو تحول نحو البناء الاستراتيجي الذي تحتاج إليه البلاد لعقود طويلة.

إنشرها