الطاقة- النفط

واشنطن تعتزم بيع نصف احتياطيها الاستراتيجي من النفط

 واشنطن تعتزم بيع نصف احتياطيها الاستراتيجي من النفط

توقع محللون نفطيون سيطرة التقلبات السعرية على أسواق الخام خلال الأسبوع الجاري، وذلك بعد أن اختتمت تعاملات الأسبوع الماضي على خسائر حادة بلغت 3 في المائة، بسبب نمو تدفقات الإنتاج الأمريكي، وارتفاع الحفارات النفطية إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات.
وأشار المحللون إلى أن الطفرات السريعة في إمدادات الإنتاج الأمريكي، الذي من المتوقع أن يتجاوز 11 مليون برميل يوميا هذا العام تضغط بقوة على الأسعار على الرغم من التزام "أوبك"، وشركائهم المستقلين بخفض الإنتاج لدعم استعادة التوازن في السوق.
ويرى المحللون أن هناك أربعة عوامل إضافية تزيد الضغوط على الأسعار، التي تستمر تأثيراتها لبعض الوقت وهي: ضعف الطلب الموسمي، وصعود الدولار، وتكرار الاضطرابات في أسواق المال العالمية، وبيع نصف الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي.
وقالت وكالة بلومبرج إن الولايات المتحدة تستعد لبيع نصف احتياطيات النفط الاستراتيجية للمساعدة لسداد التزاماتها، الأمر الذي يعكس سبب بناء هذه المخزونات الضخمة منذ عقود، الذي يهدف في الأساس للتحوط ضد اضطرابات العرض والإنتاج.
وأوضحت الوكالة الأمريكية أن مقترح الإنفاق الذي مرره الكونجرس يتضمن بيع 100 مليون برميل من الاحتياطيات النفطية الاستراتيجية بحلول عام 2027، وبجانب المبيعات التي تم اعتمادها العام الماضي، فإن إجمالي الاحتياطيات سيتراجع بنسبة 45 في المائة أو بمقدار 303 ملايين برميل.
وأشار كيفن بوك المدير العام لشركة "كليرفيو إنرجي بارتنرز" إلى أن "هذه أكبر صفقة بيع غير طارئة في تاريخ الولايات المتحدة.. الأمر أشبه بتصفية لأحد جدران الأمان".
ولفتت "بلومبرج" إلى أن المخزونات النفطية يتم الاحتفاظ بها داخل شبكة من الكهوف وخزانات التخزين تحت الأرض على طول ساحل الخليج الأمريكي، ويبلغ طاقته 700 مليون برميل، ما يجعله أكبر إمدادات للخام في العالم.
ويدفع مشروع الميزانية الجديد إلى خفض الحد الأدنى القانوني من المخزونات إلى 350 مليون برميل من 450 مليون برميل، ومنذ أن بدأ الكونجرس في بيع الاحتياطيات لسد عجز الموازنة في عام 2017، فإنه لم يأذن لوزارة الطاقة استبدال النفط الخام المبيع.
كما يسمح بالحصول على مبلغ 350 مليون دولار من المبيعات للمساعدة في دفع تكاليف تحديث المخزونات نفسها، في إشارة إلى أن الكونجرس لا يريد التخلص تماما من مخزونات النفط الطارئة.
إلى ذلك، أكد تقرير "فوربس" الأمريكي أن السعودية تدعم تخفيضات الإنتاج على نحو قوي، وترى فيها الوسيلة الأكثر فاعلية لسرعة تعافي وتوازن السوق، مشيرا إلى تأكيد المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية على أن جهود "أوبك" بالتعاون مع المستقلين قادت السوق إلى التعافي من الانخفاضات الحادة التي حدثت على مدار العامين الماضيين.
وأوضح التقرير أن الفالح أكد في أحد المؤتمرات الدولية أخيرا أن الأسعار يجب أن تبقى مرتفعة بالشكل الكاف الذي يمكن من تحفيز الاستثمارات في مجال الاستكشاف والتنقيب مرة أخرى، مشددا على ضرورة تجنب حدوث تراجع في المعروض النفطي على المدى الطويل بسبب ضعف الاستثمار ونضوب الحقول القائمة.
وأشار التقرير إلى أن رؤية الفالح لمدى استجابة المنتجين الأمريكيين لارتفاع أسعار النفط الخام هي أقل بالفعل مما تتوقعه مؤسسات مالية دولية، وأن نمو الطلب قادر على تعويض زيادات الإنتاج الأمريكي.
ونقل التقرير عن ريان لانس العضو المنتدب لشركة "كونوكو فيليبس" النفطية الأمريكية أن الولايات المتحدة ستصبح على الأرجح منتجا متأرجح المستوى في سوق النفط العالمية، ولن تستطيع وحدها تحقيق الاكتفاء الذاتي والتحول إلى منتج مستقل.
وذكر التقرير أن التخفيضات التي تقودها "أوبك" لا تستهدف مستوى سعريا معينا، وليس من المعروف موعد انتهائها رغم إغراءات نمو الأسعار المستمرة في الفترة الماضية، لافتا إلى أن تعافي الأسعار ربما يدفع الإنتاج الأمريكي مرة أخرى إلى إعادة حالة تخمة المعروض إلى السوق.
وبالنسبة للعقوبات الأمريكية على روسيا وتأثيرها في قطاع الطاقة، فقد اعتبر التقرير الأمريكي أن هذه العقوبات لم تمنع صادرات النفط والغاز الطبيعي المسال الروسي من الوصول إلى السوق العالمية، إلا أنها جعلت من الصعب العثور على تمويل لمشروعات جديدة في هذا المجال.
وأشار التقرير إلى بعض الصعوبات في أداء الاقتصاد الروسي في عام 2017 لافتا إلى أن البيانات الرسمية تؤكد أن الناتج المحلي الإجمالي الروسي نما بنسبة 1.5 في المائة فقط، وهو أقل من التوقعات المنخفضة بالفعل التي تراوحت بين 1.7 و2.2 في المائة.
في سياق متصل، أوضح لـ "الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن أسعار النفط الخام على الأرجح ستخوض أسبوعا من التقلبات السعرية، وذلك عقب تراجعات الأسبوع الماضي التي تعتبر الأسوأ على مدار عام، مشيرا إلى أن المخاوف من تدفقات واسعة تفوق التوقعات من الإنتاج الأمريكي هي التي قادت إلى هذه الموجة من الخسائر الحادة، ولكن من المؤكد أن السوق لن تستمر على وتيرة واحدة.
وأضاف شتيهرير أن منظمة "أوبك" بالتعاون مع المنتجين المستقلين تبذل جهدا حثيثا لموازنة التأثير السلبي لوفرة الإمدادات من الجانب الأمريكي، لافتا إلى أن العوامل النفسية لها تأثيرات واسعة على السوق، حيث ترتفع أحيانا المخاوف من صعوبة مقاومة ما سمي بفيضان الإنتاج الأمريكي، إلا أن هذه المخاوف تخمد في فترات أخرى، عندما يؤكد المنتجون وحدتهم والتزامهم وتصميمهم على إعادة السوق إلى حالة التوازن الكامل بين العرض والطلب وعلاج حالة فائض المخزونات المرتفع.
ومن جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، أندرو موريس مدير شركة "بويري" للاستشارات الإدارية، إن جهود "أوبك" أثبتت فاعليتها على مدار العام الماضي، وحققت تعافيا واسعا في مستوى الأسعار، ولكن بعض الصعوبات جاءت مجتمعة في الأيام القليلة الماضية، عندما حدث ارتفاع الدولار الأمريكي مقابل بقية العملات علاوة على ضعف الطلب الموسمي بسبب صيانة المصافي، وهو ما عزز المنافسة نسبيا لمصلحة الإنتاج الأمريكي.
وتوقع موريس أن تتجاوز السوق فترة قصيرة من التقلبات السعرية، على أن تعاود الأداء القوي ونمو الأسعار قريبا، وهو ما ترجحه مؤسسات مالية موثوقة مثل بنك جولدمان ساكس، الذي توقع عودة أسعار النفط الخام إلى مستوى 80 دولارا للبرميل خلال الأشهر الستة المقبلة.
الدكتورة ناجند كومنداتوفا كبيرة الباحثين في المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة تعتقد أن عودة الاضطرابات إلى أسواق المال زادت الضغوط على أسعار الخام خلال الأسبوع الماضي وقادت إلى خسائر حادة تجاوزت 3 في المائة، وقد تمتد تداعياتها على السوق للأسبوع الحالي، مشيرة إلى أن الارتفاعات القياسية عادت ما يتبعها انخفاضات، وهو ما يجىء في الإطار الطبيعي لتحركات الأسواق.
وأشارت إلى عزم الولايات المتحدة بيع نصف احتياطاتها الاستراتيجية الطارئة من النفط الخام للوفاء ببعض التزاماتها المالية سيزيد الضغوط على الأسعار، خاصة أن المخاوف من تخمة المعروض بعد الزيادات القياسية في مستوى الإنتاج عادت لتهيمن من جديد على السوق، وأدت إلى تراجع الأسعار على النحو الذي شهدناه نهاية الأسبوع الماضي.
وكانت أسعار النفط قد هبطت لأكثر من 3 في المائة في ختام الأسبوع الماضي، ونزلت العقود الأمريكية الآجلة عن 60 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ كانون الأول (ديسمبر) بفعل تجدد المخاوف بشأن ارتفاع إمدادات الخام.
ووفقا لـ "رويترز"، فقد انخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي وخام برنت أكثر من 11 في المائة من مستوى ذروة العام الجاري الذي بلغته في أواخر كانون الثاني (يناير)، ونزل برنت نحو 9 في المائة خلال الأسبوع بينما هبط الخام الأمريكي 10 في المائة، في أكبر خسائر أسبوعية منذ كانون الثاني (يناير) 2016.
وسجلت العقود الآجلة سادس خسائرها اليومية على التوالي لتبدد المكاسب التي حققتها منذ بداية العام في سلسلة من الجلسات التي شهدت أحجام تداول مرتفعة، تحت ضغط من بيانات أقوى من المتوقع عن الإمدادات وارتفاع غير متوقع في كميات الخام المنقولة عبر خط أنابيب فورتيس في بحر الشمال الذي أغلق في وقت سابق هذا الأسبوع.
وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 1.95 دولار أو 3.2 في المائة ليبلغ عند التسوية 59.20 دولار للبرميل، مسجلا أدنى مستوى إغلاق منذ 22 كانون الأول (ديسمبر)، وبلغ أقل مستوى للخام الأمريكي في الجلسة 58.07 دولار للبرميل.
ونزل خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 2.02 دولار أو 3.1 في المائة ليبلغ عند التسوية 62.79 دولار للبرميل مسجلا أدنى مستوى إغلاق له منذ 13 كانون الأول (ديسمبر).
وقال مصدر تجاري "إن كميات الخام في خط أنابيب فورتيس في بحر الشمال واصلت ارتفاعها بوتيرة أسرع من المتوقع عقب استئناف تشغيل خط الأنابيب".
وأضافت شركات الطاقة الأمريكية 26 حفارا نفطيا هذا الأسبوع ليرتفع إجمالي عدد منصات الحفر إلى 791 منصة، وهو أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2015، حتى مع تراجع الخام من أعلى مستوياته في ثلاث سنوات، حيث تتوقع شركات الحفر ارتفاع أسعار إنتاجها في 2018 عن العام الماضي‭‬‬.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة: "إن الزيادة في عدد الحفارات خلال الأسبوع المنتهي في التاسع من شباط (فبراير) هي أكبر زيادة أسبوعية منذ كانون الثاني (يناير) 2017".
وعدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، أعلى بكثير من مستواه قبل عام البالغ 591 مع استمرار شركات الطاقة في زيادة الإنفاق منذ منتصف 2016 حين بدأت أسعار الخام في التعافي من هبوط حاد استمر عامين.
وبلغ إجمالي عدد حفارات النفط والغاز الطبيعي النشطة حتى التاسع من شباط (فبراير) 975 حفارا، وهو أيضا أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2015، مقارنة بمتوسط بلغ 876 حفارا في 2017 و509 حفارات في 2016 و978 حفارا في 2015، وتنتج معظم هذه الحفارات كلا من النفط والغاز.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط