Author

السعودية تقود الشرق الأوسط بشهادة أجنبية

|

صرح ميجيل أزيفيدو رئيس الاستثمار المصرفي في الشرق الأوسط وإفريقيا في بنك الاستثمار الأمريكي "سيتي جروب"، بأن عام 2018 سيكون أفضل عام للاستثمار المصرفي في الشرق الأوسط وإفريقيا في عقدين على الأقل، وذلك بقيادة السعودية. وبداية يجب التأكيد أن هذا التصريح لم يكن للاستهلاك الإعلامي بل لقد سعى "سيتي جروب" من خلال ذراعه الاستثمارية إلى الحصول على الموافقة الرسمية من هيئة السوق المالية السعودية لبدء أنشطة الاستثمار المصرفي، وقد فاز بذلك أخيرا وسط مساع من بضعة مصارف دولية إلى بناء وجود في السعودية. لهذا نرى أن هذا التصريح المهم لرئيس الاستثمار المصرفي في الشرق الأوسط في واحدة من أكبر المؤسسات الاستثمارية في العالم يفرض علينا التوقف لفهم خلفياته وأبعاده، فما الذي تغير في السوق السعودية على نحو جعل هذه المؤسسات تعتبر المملكة قائدة حراك إقليمي واسع. فالمملكة التي كانت تعد سوقا رائجة للإقراض الاستهلاكي المحلي أصبحت اليوم محط أنظار العالم المصرفي الاستثماري، وتتسابق كبريات المؤسسات العالمية لحجز مقعدها في السوق المالية، وهذه المؤسسات العالمية تهتم أساسا بالعوائد الاستثمارية المستدامة مثل عوائد السندات والصكوك والتغيرات في حركة أسعار الفائدة، وتركز اهتمامها على الشركات الكبرى ذات العوائد والأسواق المالية الأقل تقلبا ولديها توقعات باكتتابات جديدة واستحوذات كبرى.
من المؤكد أن التغيرات الاستراتيجية التي شهدها الاقتصاد السعودي خلال السنوات القليلة الماضية، أحدثت كثيرا من الحراك الاستثماري في الداخل، الذي يراقبه العالم من كثب وأثر في الخطط الاستراتيجية الاستثمارية لعديد من المؤسسات العالمية، خاصة في مجال الاستثمار المصرفي، فالمملكة بما أحدثته من خطط صادقة وشفافة في إصلاح الميزانية العامة وترشيد الإنفاق، والسعي الجاد نحو الخصخصة وخفض الاعتماد على النفط، وأيضا من خلال الاتجاه نحو تنويع التمويل في الميزانية العامة وإشراك القطاع الخاص بإصدار السندات، كل هذا جعل النظرة إلى السوق السعودية تتحول من مجرد سوق للتمويل الاستهلاكي الشخصي وبعض الاكتتابات المحدودة الحجم إلى سوق رئيسة للسندات الدولية، وأيضا ستكون محل اكتتابات ضخمة لعل أقربها اكتتاب شركة أرامكو الذي ينتظره العالم بلهفة، إضافة إلى إنشاء عدد غير محدد من الشركات الحكومية الضخمة، وقد تهدد السوق استحواذات مهمة. ومع تجاوز المملكة لمشكلة تأثير تقلب أسعار النفط على هيكل المالية العامة من خلال استحداث منظومة مستقرة من الضرائب، فإن المؤسسات العالمية للاستثمار ومن بينها بنك الاستثمار الأمريكي "سيتي جروب"، ترى أن الاستقرار الاقتصادي للمملكة وقدرتها على تمويل تكلفة رأس المال سيجعلها محركا رئيسا لمبيعات السندات والطروحات العامة للأسهم.
هذه الرياح الاقتصادية المشجعة في المملكة والتوجهات الاقتصادية المتناسقة بينها وبين الإمارات ومصر على وجه الخصوص، جعل منطقة الشرق الأوسط بقيادة هذه الدول الكبرى أفضل منطقة استثمارية عالمية متوقعة للأسواق الناشئة، فالإصلاحات الاقتصادية الجارية ستضمن عوائد مستقرة مع وجود بيئة استثمارية آمنة، وهو ما يجعل هذه الدول وجهة لتدفقات رأس المال العالمية التي تبحث عن ملاذات استثمارية آمنة، فهذه الدول بقيادة المملكة تعمل على بناء ممرات اقتصادية بين القارات القديمة، ولهذا فإن العمل يجري على قدم وساق لتطوير قواعد صناعية وبنى تحتية قادرة على الاستجابة لمتطلبات الاقتصاد العالمي الحديث.

إنشرها