الطاقة- النفط

شركات النفط الصخري تواجه خيارات صعبة بين زيادة الإنتاج وهبوط الأسعار

شركات النفط الصخري تواجه خيارات صعبة بين زيادة الإنتاج وهبوط الأسعار

اعتبرت وكالة "بلاتس" الدولية للمعلومات النفطية أن التحدي الأكبر الذي يواجه شركات النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة - في ظل انتعاش أسعار النفط في المرحلة الراهنة - يتركز في المفاضلة بين إنتاج مزيد من النفط، ما يضعف الأسعار، وبين ترشيد الإنتاج للحفاظ على الأسعار وبالتالي تحقيق مزيد من المكاسب النقدية.
وأوضح تقرير حديث للوكالة الدولية أنه مع انتعاش أسعار الخام من أدنى مستوياتها التي سجلت في عام 2014 يواجه المنتجون الصخريون خيارا صعبا بين الاستمرار في الاستثمار في الإنتاج الجديد بمستوى قياسي أو البدء في إعادة الأموال إلى المستثمرين الذين ساعدوهم على مواجهة فترة التراجع.
وأشار التقرير إلى أن منتجي الصخري فاجأوا السوق بتأقلمهم مع مستويات الأسعار المنخفضة والتحوط من تكرار سيناريو تهاوي الأسعار وذلك عن طريق إيجاد سبل فعالة وناجحة لتحقيق خفض كبير في مستوى التكاليف إلى جانب التمكن من حفر آبار أكثر كفاءة والنجاح في ضخ أموال وتمويلات واسعة مرة أخرى في أنشطة الحفر والإنتاج.
وذكر التقرير أن المنتجين الأمريكيين أضافوا من الحقول الصخرية ما يقرب أربعة ملايين برميل يوميا من الإنتاج الجديد منذ عام 2011 كما أدت ابتكاراتهم إلى جعل الخام الأمريكي يتجاوز مستوى عشرة ملايين برميل يوميا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وذلك للمرة الأولى منذ عام 1970.
ونقل التقرير عن محللين دوليين مطالبتهم المنتجين الأمريكيين خلال العام الحالي بالعمل جديا على ضبط النفس وعدم الانجراف وراء زيادات غير مدروسة في الإنتاج، لافتا إلى أن إعداد الميزانيات الرأسمالية على أساس أسعار النفط المرتفعة سيكون أفضل لوضع الشركات ومستقبل الاستثمار.
وأشار التقرير إلى أن شركات النفط الأمريكية استوعبت دروس السوق السابقة ويكمن التحدي الأكبر الذي يواجهها في ضرورة مقاومة إغراء ما يسمى "الخروج من القضبان" والتمسك بضبط نمو الإنتاج ومقاومة إغراء قفزات أسعار النفط حتى تتمتع بمزايا مستويات الأسعار الحالية التي طال انتظارها.
في سياق متصل، أكد تقرير بلاتس أن أسواق النفط بدأت تحركا قويا نحو الانخفاض في نهاية شهر يناير الماضي ما جعل أسعار خام برنت تسجل أدنى مستوى لها في عامين، متوقعة أن تكون هناك درجة عالية من الاضطراب في السوق في الفترة المقبلة خاصة بعد أن اختتمت أسعار النفط الخام الأسبوع الماضي على خسائر 3 في المائة كما زادت الحفارات النفطية الأمريكية على نحو قياسي هو الأعلى في ثلاث سنوات.
وأشار تقرير الوكالة الدولية إلى أن خام برنت يواجه حالة من ضغوط البيع المرتفعة نتيجة عدم وجود فرص نمو جيدة في دول الشرق الأقصى إلى جانب تباطؤ الطلب المحلي الأوروبي وزيادة حدة المنافسة مع الخام الأمريكي الخفيف إضافة إلى تقلب الأسواق المستمر بعد تعطل إمدادات بحر الشمال، لافتة إلى أن شهر فبراير الحالي على الأرجح سيكون من الشهور التي تتسم بتقلبات سعرية واسعة.
ولفت التقرير إلى أن خام برنت كان في أعلى مستوياته في الأيام العشرة الأولى من الشهر الماضي حيث كسر حاجز 71 دولارا للبرميل، إلا أنه لم يتمكن من التماسك عند هذا المستوى المرتفع وارتد إلى الانخفاض السريع إلى مستوى 68 دولارا للبرميل بنهاية الشهر الماضي.
ويرى التقرير أن اشتعال المنافسة بين برنت والخام الأمريكي الخفيف خاصة في أسواق أوروبا التي تشهد تدفقات واسعة من الإنتاج الأمريكي من المرجح أن يسجل مستويات قياسية في شباط (فبراير) الحالي عند 350 ألف برميل يوميا كصادرات أمريكية للسوق الأوروبية.
وأشار التقرير إلى أن المصافي في الصين وكوريا الجنوبية أصبحت مهيأة للتعامل مع النفط الأمريكي الخفيف ونفط الشرق الأوسط دونا عن بقية أنواع ودرجات النفط الخام الأخرى، وهو ما يعزز مستويات الطلب على هذين الإنتاجين.
وأضاف التقرير أن المخزونات الأمريكية هبطت في نهاية الشهر الماضي بنسبة 1.44 في المائة مقارنة بشهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي بينما في المقابل نجحت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في ضخ إنتاج بحجم 32.46 مليون برميل يوميا بزيادة قدرها 60 ألف برميل يوميا مقارنة بشهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بحسب مسح خاص لوكالة بلاتس.
وذكر التقرير الدولي أن عقود خام برنت طويلة الأجل وصلت في بداية الشهر الماضي إلى مستوى قياسي بنحو أكثر من 567 ألف عقد، منوها بوجود كثير من أنشطة المضاربة في أسواق النفط في الفترة الراهنة وهو ما زاد من ميل الأسعار إلى الانخفاض نتيجة تضخم الأرباح.
وأفاد التقرير أن نسبة التقلب في أسعار النفط بلغت نحو 36.5 في المائة في 31 كانون الثاني (يناير)، وهو مستوى قياسي لم يحدث سوى خمس مرات فقط منذ عام 2015، مشيرا إلى أن هذا يعني أن من المرجح حدوث تعديل كبير للأسعار على مدى شهر فبراير الحالي.
ويرى تقرير بلاتس أن تذبذب الأسعار انخفض بنسبة 39.18 في المائة خلال الشهر الماضي، لكنه على الأرجح سيزيد خلال الشهر الحالي ما يشير إلى ارتفاع درجة الاضطراب في السوق، معتبرا تعديلات أسعار برنت ستستمر بشكل كبير وملحوظ في الأسابيع المقبلة.
ولفت التقرير الدولي إلى أنه من الناحية الإحصائية تحقق بالفعل ما كان متوقعا من حدوث عمليات بيع كثيفة خلال الأسبوع الأول من الشهر الحالي، مضيفا أنه "بشكل عام من المرجح أن يظل التذبذب مرتفعا في الأيام المقبلة"، ومرجحا أن تواجه أسعار برنت تصحيحات قصيرة الأمد لكن سريعة.
وتوقع التقرير أن ضغط أنشطة البيع سينخفض في نهاية المطاف ما يخفف حدة حالة التقلبات، مرجحا أن تميل أسعار خام برنت خلال الأسابيع المقبلة إلى الاستقرار النسبي، ثم يحدث التعافى ربما بوتيرة بطيئة نسبيا.
إلى ذلك، هبطت أسعار النفط أكثر من 3 في المائة في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، ونزلت العقود الأمريكية الآجلة عن 60 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ كانون الأول (ديسمبر) بفعل تجدد المخاوف بشأن ارتفاع إمدادات الخام.
ووفقا لـ "رويترز"، فقد انخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي وخام برنت أكثر من 11 في المائة من مستوى ذروة العام الجاري الذي بلغته في أواخر كانون الثاني (يناير)، ونزل برنت نحو 9 في المائة خلال الأسبوع بينما هبط الخام الأمريكي 10 في المائة، في أكبر خسائر أسبوعية منذ كانون الثاني (يناير) 2016.
وسجلت العقود الآجلة سادس خسائرها اليومية على التوالي لتبدد المكاسب التي حققتها منذ بداية العام في سلسلة من الجلسات التي شهدت أحجام تداول مرتفعة، تحت ضغط من بيانات أقوى من المتوقع عن الإمدادات وارتفاع غير متوقع في كميات الخام المنقولة عبر خط أنابيب فورتيس في بحر الشمال الذي أغلق في وقت سابق هذا الأسبوع.
وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 1.95 دولار أو 3.2 في المائة ليبلغ عند التسوية 59.20 دولار للبرميل، مسجلا أدنى مستوى إغلاق منذ 22 كانون الأول (ديسمبر)، وبلغ أقل مستوى للخام الأمريكي في الجلسة 58.07 دولار للبرميل.
ونزل خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 2.02 دولار أو 3.1 في المائة ليبلغ عند التسوية 62.79 دولار للبرميل مسجلا أدنى مستوى إغلاق له منذ 13 كانون الأول (ديسمبر).
وقال مصدر تجاري "إن كميات الخام في خط أنابيب فورتيس في بحر الشمال واصلت ارتفاعها بوتيرة أسرع من المتوقع عقب استئناف تشغيل خط الأنابيب".
وأضافت شركات الطاقة الأمريكية 26 حفارا نفطيا هذا الأسبوع ليرتفع إجمالي عدد منصات الحفر إلى 791 منصة، وهو أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2015، حتى مع تراجع الخام من أعلى مستوياته في ثلاث سنوات حيث تتوقع شركات الحفر ارتفاع أسعار إنتاجها في 2018 عن العام الماضي‭‬‬.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة "إن الزيادة في عدد الحفارات خلال الأسبوع المنتهي في التاسع من شباط (فبراير) هي أكبر زيادة أسبوعية منذ كانون الثاني (يناير) 2017".
وعدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، أعلى بكثير من مستواه قبل عام البالغ 591 مع استمرار شركات الطاقة في زيادة الإنفاق منذ منتصف 2016 حين بدأت أسعار الخام في التعافي من هبوط حاد استمر عامين.
وبلغ إجمالي عدد حفارات النفط والغاز الطبيعي النشطة حتى التاسع من شباط (فبراير) 975 حفارا، وهو أيضا أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2015، مقارنة بمتوسط بلغ 876 حفارا في 2017 و509 حفارات في 2016 و978 حفارا في 2015، وتنتج معظم هذه الحفارات كلا من النفط والغاز.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط