Author

مراكز الخدمات المشتركة

|

تقوم بعض الشركات باستخدام مركز الخدمات المشتركة Shared Services Center لرفع الكفاءة وتحسين الأداء، حيث يتم تحويل جزء كبير من الخدمات التشغيلية الروتينية إلى مركز مستقل نسبيا يقدم خدماته لأكثر من إدارة أو شركة تابعة. كانت تستغل هذه الفكرة في الأساس من الشركات الكبرى التي تقدم خدماتها في عدة دول أو من الشركات الشقيقة التي تستفيد من دمج أقسام الدعم في وحدة تنظيمية متخصصة؛ اليوم أصبحت متاحة بأشكال متنوعة وقد تقدم عليها شركات أصغر في الحجم والانتشار. تشمل مراكز الخدمات المشتركة التي بدأت منذ أكثر من 20 سنة كظاهرة عالمية خدماتها في مجالات مثل المحاسبة والأرشفة وإدخال البيانات وإدارة خدمات الاتصال وخدمات ما بعد البيع وغيرها من العمليات التي يمكن عمليا الابتعاد عن إدارتها دون تأثير في هدف المنشأة. باستخدام مراكز الخدمات المشتركة يتم إعادة ترتيب نموذج العمل والتركيز على الأعمال الأساسية للشركة واستخدام التقييس وكذلك التوريد الداخلي والخارجي المتخصص.
السؤال الذي يطرأ على البال، هل نجح السعوديون في الاستفادة من مراكز الخدمات المشتركة، كنموذج إيجابي يصنع مزيدا من القيمة عن طريق توفير التكلفة وتحسين الأداء؟ أم أن الفائدة مُررت في نهاية الأمر لطرف أو طرفين استفادا منها وتضرر عدد كبير من الأطراف على رأسهم الباحثون عن عمل. هناك خسائر استراتيجية أخرى تتكبدها الشركات بسبب أسلوب تطبيق مراكز الخدمات المشتركة، من بينها الخسائر المعرفية وبناء القدرات وربما بعض التهديدات لأمن المعلومات. ولكن بالطبع الفوائد عديدة وعلى رأسها تفرغ فرق العمل لتنفيذ الخدمات الأساسية، وزيادة الكفاءة التشغيلية، واستقلال الهوية الذي "يفترض" أن ينعكس على جودة الخدمات المقدمة من هذه المراكز والاستفادة من مميزات الدمج والتآزر.
محليا، تمرس عديد من الشركات الوطنية الكبرى في إدارة مراكز الخدمات المشتركة ومن ضمنها "سابك" و"الاتصالات السعودية"، إذ تحدثوا عن تجربتهم على العلن وبادروا بذلك. وهناك كذلك عدد لا بأس به من الشركات الأجنبية التي تعتمد على مراكز خارج المملكة للخدمات المشتركة تستفيد منها أعمالهم في المملكة. ولكن على الرغم من وجود عديد من الإشارات والتصريحات الخاطفة حول نية شركة أو أخرى الاستثمار في هذه المراكز ــــ حتى الجهات الحكومية أصبحت تصرح عن نيتها الاستفادة من مراكز الخدمات المشتركة ـــ فإن التجربة الموثقة بشكل جيد غير موجودة. الملاحظ أن مزيدا من الجهات تبدي نيتها كل يوم للتوجه نحو مثل هذه الحلول. وهذا أمر طبيعي وسيزداد زخم هذا التوجه بعد التغييرات الاقتصادية الأخيرة، سعيا خلف تحسين الكفاءة وتقليل التكلفة.
أعتقد أن رواج هذه التطبيقات محليا أمر إيجابي فهو يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد: يحسن فاعلية نموذج العمل داخل المنظمة، ويقلل من التكاليف ويرفع الكفاءة، ويصنع فرصا توظيفية جيدة ـــ إذا لم يكن النموذج يعتمد على مركز خدمات مشتركة يقع خارج المملكة. وبالمناسبة، هناك شركات نجحت في صنع وظائف نسائية مثالية في أماكن مختلفة وخصصتها بشكل ممتاز بالاعتماد على مراكز الخدمات المشتركة، مثل هذه نصفق لها، ونتمنى أن تتحدث عن تجربتها حتى تتكرر وتتطور.
تساعد التقنية على تطوير مراكز الخدمة المشتركة، بل إن التطورات التقنية، والخدمات السحابية على سبيل المثال، تحدد لنا أسلوب تطبيق مراكز الخدمة المشتركة. وهذا عامل مؤثر وفارق. لذا أدعو رواد الأعمال لإيجاد مزيد من الحلول المبتكرة لتطوير تطبيقات الخدمات المشتركة ولإيجاد خيار محلي يقابل ما يعرضه المستشارون والشركات الدولية في هذا المجال. الحديث عن الإمكانات التقنية يقودنا إلى جودة تطبيق أنظمة تخطيط الموارد ERP إذ تقوم عديد من الشركات بتطبيق حلولها بطريقة شكلية أو غير مكتملة ولا متكاملة ما يخفض من عوائدها المتوقعة، بل قد تصبح عائقا لممارسات أخرى مثل ما رأينا في متطلبات الالتزام بضريبة القيمة المضافة. الفهم الجيد للاحتياجات التنظيمية ومعالجة الإجراءات بشكل شفاف ومتكامل مدخل لتطبيق أنظمة تخطيط الموارد بشكل جيد، ومتطلب مبدئي للاستفادة من مراكز الخدمات المشتركة. لهذا نتوقع ممن يقيم أو يود البدء بمثل هذه التجربة أن يدرس بعناية كل العوامل التنظيمية والاجتماعية التي تجعل هذه الممارسات مفيدة فعلا وتصنع القيمة المطلوبة. وإذا نجح، لا ينسى أن مشاركة تجربته مسؤولية اجتماعية ينشر بها عمله وقد يستفيد منها كذلك.

إنشرها