Author

«الجنادرية» كعلامة اقتصادية ذات قيمة

|

انطلق صوت صرير السواني وتحرك الساني وإبله يجلبون الماء بموسيقى طبيعية تأتي من الماضي ليطرب لسماعها زوار فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية 32"، الذي تشرف برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لانطلاق فعالياته، وهذه الرعاية الكريمة والموسيقى الرائعة الجذابة والرقم "32" تشير جميعا إلى حجم النجاح الذي حققه هذا المهرجان، وأنه أصبح حدثا سنويا ينتظره العالم أجمع والشعب السعودي بشكل خاص، وقد وجه خادم الحرمين الشريفين أن تمتد هذه الفعاليات ثلاثة أسابيع متواصلة ليصل صوت صرير السواني إلى آفاق الأرض ويدعو المثقفين والمبدعين والحالمين ليجتمعوا، يدعو الماضي من سباته والحاضر من انشغاله والمستقبل من أحلامه ويدعو الأجيال لتلتقي في عرضاته.
ولقد بدأ المهرجان الوطني ولم يزل تحت إشراف وتنظيم وزارة الحرس الوطني، وهذا لأن المملكة ترى في "الجنادرية" سجلا لكنوز الوطن التراثية والثقافية، ومناسبة تاريخية وطنية في مجال الثقافة والتراث والفنون الإبداعية، ولهذا تحملت الدولة من خلال وزارة الحرس الوطني والجهات الحكومية الأخرى المشاركة تكاليف المهرجان، لكن بعد 32 عاما من انطلاقة هذا المهرجان فإن إضافته إلى الناتج المحلي تحتاج إلى رصد، خاصة أن آثاره الاقتصادية الإيجابية لا حصر لها.
لقد تجاوز زوار "الجنادرية" أكثر من 1.3 مليون زائر في كل عام من الأعوام الماضية، أتوا من مناطق المملكة المختلفة ومن دول الخليج وحتى من أقطار العالم، وهذا العدد يقفز من عام إلى عام، وهذا يقدم كثيرا من الحراك الاقتصادي في المملكة ومدينة الرياض بشكل خاص، فحجم الإشغال في خدمات الفنادق يصل إلى الذروة في أيام المهرجان، وكذلك حركة النقل، إضافة إلى تقديمه كثيرا من الوظائف الدائمة والمؤقتة، وخلال المهرجان نفسه هناك حركة تجارية واضحة بكل ما تحمله من صبغة ثقافية تراثية، وقرية التراث العربي السعودي في أرض "الجنادرية" بمبانيها التي تمثل مناطق المملكة تشتمل على سوق تجارية ومعدات وصناعات ومقتنيات وبضائع قديمة، وما تشتهر به كل منطقة من المناطق من موروثها الثقافي والحضاري والعروض الشعبية. فالمهرجان لم يعد مجرد سباق للهجن ومعرض للتراث، بل مؤسسة اقتصادية فعالة يمكن أن تخدم "رؤية المملكة 2030" وتستقطب الملايين من أنحاء العالم. لقد حان الأوان لتغير ثوري في فكرة المهرجان والاهتمام بدوره الاقتصادي في المملكة.
لقد أصبحت "الجنادرية" اسما ثقافيا وعلامة عالمية الطابع، وفي اقتصاد عالمي جديد تتجاوز فيه الأصول غير الملموسة قيم الأصول الملموسة فإن قيمة علامة "الجنادرية" قد تصل إلى مبالغ ضخمة جدا فيما لو تم استثمارها وفقا لهذا التصور، خاصة أن المهرجان اليوم وهو يحظى بالرعاية والتوجيه من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ينضح بالأفكار المنتجة من مختلف صنوف الثقافة والتراث العربي الأصيل والفنون الإبداعية في قرية متكاملة على أرض "الجنادرية" "قرية التراث العربي السعودي"، قرية الموروث الثقافي والمادي للإنسان السعودي ويتوجها سباق الهجن الرئيس.

إنشرها