FINANCIAL TIMES

شركتا مايكروسوفت وأمازون تخوضان حرب خدمة السحابة

شركتا مايكروسوفت وأمازون تخوضان حرب خدمة السحابة

عند مواجهة الواقع الذي يقول إن صناعتهم تهيمن عليها مجموعة صغيرة من الشركات العملاقة على نحو متزايد، يصبح من الصعب فهم اللامبالاة العامة لأصحاب رأس المال المغامر في سيليكون فالي.
كيف يمكن أن يكونوا متفائلين إلى هذه الدرجة بشأن آفاق الجيل التالي من الشركات الناشئة، في الوقت الذي تبدو فيه الشركات الرائدة في الصناعة اليوم، عازمة على استعمار جميع أجزاء مشهد التكنولوجيا؟
هناك إجابة واحدة غالباً ما تُسمع من مستثمري الشركات الناشئة، وهي بروز شكل جديد من الحوسبة، أبعد من متناول المنصات السحابية المهيمنة. الشركات التي تسير في هذا الاتجاه تبرز مثل الأعشاب الضارة عبر الشقوق على الرصيف، لتملأ أجزاء جديدة من مشهد الحوسبة الذي ليس من السهل على الشركات الكبيرة معالجته.
مثل جميع اتجاهات التكنولوجيا، لديها الكلمة الطنانة الخاصة بها: صعود "الحافة". وهي علامة على انخفاض التكاليف وزيادة القدرات التي تضع الذكاء في المزيد من الأجهزة. هذا، بدوره، يجعل من الأسهل جمع ومعالجة المزيد من البيانات محلياً، بعيداً عن مراكز بيانات خدمة السحابة المركزية.
هذا لا يحدث بشكل متناقض لخدمة السحابة، لكن بالتوازي معها: الأجهزة التي تعمل على الحافة لا تزال تعمل بتناغم مع مراكز البيانات المركزية، التي تنسق وتعالج احتياجات تخزين ومعالجة البيانات الأكثر كثافة.
معالم النموذج المتغير للحوسبة السحابية اكتسبت وضوحا حادا هذا الأسبوع، عندما كشفت شركة مايكروسوفت عن زيادة في الأعمال في مراكز بيانات خدمة السحابة المركزية التابعة لها.
وسجّلت الإيرادات تسارعا غير متوقع، حيث تضاعف تقريبا عن العام السابق.
ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، قدّم سببا غير حدسي لهذا: أن الاهتمام المتزايد في حوسبة الحافة كان وراء الزيادة، حيث كان المزيد من الزبائن يلجأون إلى الشركة للمساعدة على التعامل مع احتياجات الحافة الخاصة بهم، ما عمل بالتالي على تغذية أعمال خدمة السحابة المركزية التابعة للشركة أيضا.
وأشار رئيس شركة مايكروسوفت بشكل خاص إلى ألمانيا، حيث تتعلم شركات التصنيع كيفية جمع ومعالجة المزيد من البيانات فيها لتعزيز عملياتها. شرح ناديلا الأمر على النحو التالي: "هناك أعباء عمل جديدة تولد وتتطلب كلا من الحوسبة السحابية والحافة".
بالتأكيد، القوى المركزية التي كانت تدفع المزيد من أعباء العمل الحاسوبية إلى السحابة لا تُظهر أي علامات على التراجع، فانخفاض التكاليف والوصول إلى موارد الحوسبة الأكثر مرونة بكثير، دفع كثيرا من الشركات إلى اللجوء إلى الحوسبة، من أجل أعباء العمل الحاسوبية الجديدة.
حتما، كثير من التطبيقات القديمة التي تعمل في مراكز البيانات الخاصة بها سوف تهاجر إلى خدمة السحابة أيضا، على الرغم من أن العملية سوف تستغرق أعواما، بالنظر إلى التكاليف الكبيرة المعنية.
هناك قوة تعويضية تُغذّي أيضا عودة ظهور الحوسبة المحلية. ليس هناك أي من العوامل الجديدة وراء هذا، على الرغم من أنها كانت تكتسب القوة بفضل بعض الاتجاهات السياسية والتكنولوجية المألوفة، فهي تشتمل على المخاوف بشأن الخصوصية والسيطرة على البيانات الشخصية.
شركة أبل اتّخذت الراية لهذه الفكرة، من خلال وضع طرق لمستخدميها للحفاظ على السيطرة على المزيد من بياناتهم الشخصية على أجهزتهم. إذا كانت الشركات التي تعتمد خدمة السحابة أولا مثل جوجل وفيسبوك ستواجه أسئلة صعبة حول مركزية البيانات، فإن شركة أبل مشغولة بوضع نفسها في المكان المعاكس.
تعلّم الآلة - الأداة التي تحمل أكبر وعد في تحقيق قيمة للبيانات - مناسبة تماما أيضا لنموذج السحابة والحافة الجديد.
الخوارزميات المُدربة على مجموعات البيانات الكبيرة في مصانع السحابة الكبيرة يمكن نشرها على أجهزة الحافة، حيث بإمكانها استخلاص الاستنتاجات من البيانات المجمعة محليا.
وعلى الرغم من أن شبكات اتصالات الجيل الخامس تعد بتحقيق زيادة في الاتصالات بين الآلات، إلا أن تكلفة تحويل كميات كبيرة من البيانات من وإلى الخوادم المركزية، دائما ما ستفضل التعامل مع البيانات المحلية حيثما أمكن.
في هذا العالم الحاسوبي الناشئ، يتمثل الخطر في أن الأجهزة الذكية سوف تعامل على أنها تابعة للإمبراطوريات الحاسوبية التي تديرها شركات التكنولوجيا العملاقة.
وربما تُظهِر عقلا خاصا بها، لكنها ستظل تعتمد على السحابات من أجل وضع القواعد، وتخصيص الأعمال، وتحديد مواقع الحدود. وهذا يُبقي سؤالا بلا جواب حول المكان الذي يمكن فيه اقتناص أكبر قدر من القيمة – ومقدار السيطرة التي سوف تمارسها شركات مثل "خدمات السحابة" من "أمازون" أو من "مايكروسوفت".
التفاؤل الثابت في عالم رأس المال المغامر علامة على الإيمان المألوف في وادي السيليكون: هناك دائما نموذج رئيس جديد في الحوسبة ينتظر أن يولد، وإمبراطوريات التكنولوجيا الحالية سوف تتداعى حتما.
على أنه من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت عودة ظهور الحافة الحاسوبية ستشكل قوة متينة بما فيه الكفاية لتبرير هذه الآمال.
عموما، هكذا وضع، من شأنه أن يشير بالتأكيد إلى أن صعود السحابات الحاسوبية العملاقة لن يكون نهاية تاريخ التكنولوجيا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES