Author

أوضاع «مالية الدولة» في عهد الملك عبدالعزيز

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا

البداية .. إبان فترة توحيد البلاد، وقبل ضم الحجاز، انحصر المورد الذاتي للدولة على ما يجبى من زكاة المواشي والزراعة، من الأقاليم المضمومة نجد والأحساء وعسير. هذا المورد كان يتأثر زيادة ونقصا بظروف استتباب الأمن، وهطول الأمطار. يضاف إلى هذا المورد ما كان يقترضه الملك عبد العزيز من بعض رعيته، وما يصله من مساعدات نقدية من الخارج. ولا تتوافر أرقام عن تلك الفترة بسبب أنه لا يوجد بين أيدينا الآن سجلات لواردات ونفقات تلك السنوات.

أول ميزانية
المحاولة الأولى لوضع ميزانية كانت في مطلع عام 1348، ولكن الميزانية الثابتة تقررت عام 1353، وقد فصلت فيها أبواب الإيرادات والنفقات الحكومية. وأول ميزانية منشورة في "أم القرى" تلك التي نشرت في العدد 370 بتاريخ 7 رمضان 1350 الموافق 5 كانون الثاني (يناير) 1932، التي تتناول المدة من غرة شعبان 1350 إلى نهاية رجب 1351. بلغت النفقات المقدرة في هذه الميزانية 106.5 مليون قرش أميري، أو ما يعادل 9.7 مليون ريال عربي فضي أو عشرة ملايين دولار. وقتها لم تكن العملة الورقية موجودة. هذا وقد مضت سنوات كثيرة قبل نشر أي ميزانية أخرى. وبلغ متوسط الإنفاق الحكومي نحو 14 مليون ريال عربي فضي، وتقدر الإيرادات بمثل ذلك تقريبا، وذلك في السنوات الأخيرة من عهد الملك عبد العزيز، والأولى من عهد الملك سعود.

تطورات لاحقة
أسلوب وضع تقديرات الميزانية في عهد الملك عبد العزيز بعد ثبوت أو انتظام العمل بها شبيه بالأسلوب المتبع إلى ما قبل ثلاث سنوات: ابتداء تقوم الدوائر الحكومية بوضع تقديرات بموازنتها، مفصلة حسب أوجه الإنفاق، وتحال طلبات هذه الميزانيات التقديرية إلى المالية فتدرس فيها.
تحال الميزانية إلى مجلس الشورى لأجل تدقيقها. وبعد انتهائها من مجلس الشورى تحال إلى مجلس الوكلاء تمهيدا لاستحصال الموافقة الملكية عليها.

مصادر الإيرادات
أهمها قبل عصر النفط الجمارك والزكاة والبريد والبرق والهاتف والضرائب المقررة على شركات الملاحة ووسائط الانتقال والرسوم على بعض الخدمات الحكومية. أما بعد ظهور النفط وتصديره بكميات كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية فقد زادت الإيرادات وكذلك النفقات زيادة حادة.

الجمارك
قبل عصر النفط كانت إدارة الجمارك من الإدارات الأولى من حيث الأهمية نظرا إلى أن رسوم الجمارك كانت أهم مورد لإيرادات الحكومة. في ذلك الوقت، كانت الجمارك تتألف من مركز رئيس يسمى نظارة عموم الرسوم ومقره جدة، ومن مكاتب فرعية في الموانئ الواقعة على البحر الأحمر. ويسير العمل في مكاتب الجمارك على نظام متقدم نسبيا، مقتبس من أنظمة دول أكثر رقيا. وقد صدر أول نظام للجمارك بموجب الأمر السامي في 3/2/1349. الرسوم الجمركية تجبى آنذاك على أساس قيمة البضائع الواردة دون نظر إلى تصنيفها. وتعيين القيمة في أول سنوات الحكم السعودي في الحجاز كان يرجع فيه إلى التثمين "تقدير القيمة" في السوق المحلية، مخصوما منها ما دفع عليها من مصاريف غير الشراء. ثم حدث تعديل بعد ذلك بسنوات قليلة، وذلك بأن حددت الحكومة رسوم كثير أو أكثر الأصناف اعتمادا على طولها أو وزنها. استمر العمل بالنظام السابق إلى أن صدر نظام جمركي جديد بموجب الأمر السامي في 5/3/1372.

الزكاة والدخل
صدر نظام ضريبة الدخل لأول مرة بمرسوم ملكي تاريخه 21/1/1370، وربما كانت أهم سمة لهذا النظام هي قصر فرض هذه الضريبة على غير السعوديين وغير الشركات السعودية المحضة. وقد عدل هذا النظام أكثر من مرة لاحقا. ووفقا لنظام ضريبة الدخل أنشئت دائرة خاصة للضرائب تابعة لوزارة المالية باسم مصلحة الزكاة والدخل.
الأفراد السعوديون والشركات التي يمتلكها السعوديون تستوفي منهم الزكاة الشرعية وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية السمحة.

الدوائر الأخرى التابعة للوزارة
مما يلاحظ أن هناك دوائر مدنية حكومية غير مختصة بالمسائل المالية أنشئت خلال عهد الملك عبد العزيز تابعة إما لوزارة المالية وإما لوزارة الداخلية، إذ لا وجود لوزارات أخرى حاشا الخارجية. ارتبط من هذه الدوائر بوزارة المالية ما رُئي أن الجانب المالي في طبيعة عملها يغلب، وقد انتهى ارتباط هذه الدوائر بوزارة المالية لاحقا. ومن الأمثلة مكتب التعدين والأشغال العمومية، وشؤون الحج، والزراعة والطرق.

إنشرها