Author

السوق السوداء للإطارات ومخاطرها

|

مما لا شك فيه أن للإطارات أهمية كبيرة، حيث يوجد نحو 15 مليون سيارة تحتاج إلى 60 مليون إطار على الأقل، وهذا يجعل المملكة سوقا رائجة للإطارات، ومن المهم في هذا المقام أن نؤكد خطورة ضعف جودة الإطارات أو إهمالها كأحد أهم الأسباب التي تقف خلف الحوادث المرورية على الطرقات السعودية. ورغم الجهود الهائلة التي تبذلها الجهات الرقابية إلا أن المشكلة لا تزال قائمة، فقد استوردت المملكة العام الماضي (2017)، أكثر من 21 مليون إطار بقيمة إجمالية بلغت نحو 4.5 مليار ريال، وجاء حجم ما تم ضبطه من الإطارات المغشوشة في العام نفسه على المنافذ الجمركية للبلاد 23 ألف إطار، وهي نسبة ضئيلة، ما يشير إلى نجاح المساعي مع دول المنشأ لمنع إرسال إطارات مغشوشة. لكن مشكلة الإطارات تتجاوز استيراد المغشوش إلى بيع الإطار المستعمل في السوق المحلية، وهي قضية لا تقل خطورة. ولقد رصدت "الاقتصادية" حالات بيع الإطارات المستعملة سواء تلك التي تباع على أنها جديدة وهي غير ذلك، أو تلك التي تباع على أنها مستعملة، حيث يقبل عليها المستهلكون لزهد سعرها مقارنة بالجديدة، رغم أن هناك أمرا من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية بالتأكيد على منع بيع الإطارات المستعملة، وتشديد الرقابة الميدانية على محال بيع واستبدال الإطارات المستعملة، لكن "الاقتصادية" كشفت خلال جولة استكشافية سيطرة كبيرة على السوق من جنسيات مختلفة ومن مخالفين لنظام الإقامة والعمل، وتقوم هذه العمالة بشراء الإطارات المستعملة ثم إعادة بيعها بنسبة أرباح تبلغ 900 في المائة أو تسعة أضعاف على إطار واحد. وللحقيقة فإنه رغم الجهود الكبيرة المبذولة من أجل منع دخول الإطارات المغشوشة إلى المملكة التي أثمرت بوضوح منعها، إلا أن مشكلة الإطارات المغشوشة وغير الصالحة للاستخدام لا تزال ظاهرة موجودة، وهناك سوق رائجة لذلك، لأن هؤلاء مخالفون لقرارات منع بيع الإطارات المستعملة، إلا أن الإقبال عليها يأتي نتيجة رخص أسعارها في مقابل أسعار الجديدة منها، والسبب غياب الرقابة الرسمية. هذا الوضع يهدد بشكل صريح حياة كثير من الناس في بلد يعج بالسيارات، فإن المخاطر تتجاوز حياة أولئك الذين توجهوا طوعا لشراء هذه الإطارات المغشوشة لانخفاض سعرها، إلى تهديد حياة أولئك الحريصين على شراء الإطار الجيد. وفي بيئة مثل هذه فإن الجهود الكبيرة التي تبذل من الجمارك وهيئة المواصفات والمقاييس تذهب سدى وتظل التهديدات على حياة الناس ماثلة. ولهذا فإن موضوع الإطارات المغشوشة والمستعملة يحتاج إلى جهود كبيرة وصريحة، فالحوادث المرورية لا تزال مرتفعة رغم الجهود للتخفيف من حدتها وآثارها، حيث تم توظيف أجهزة رصد المخالفات المرورية، كما تمت زيادة الغرامات على المخالفات، ولكن تظل الإطارات المستعملة مشكلة حقيقية تعرض جهودنا للهدر في تقليل الحوادث وحجم الخسائر في الأرواح والأموال. وفي هذا المسار نحتاج إلى جهود أكبر من أجل محاربة هذه الظاهرة الخطرة، ولا بد لوزارة التجارة والاستثمار ووزارة الشؤون البلدية والقروية أن تقوم بزيادة الجولات الرقابية والرقابة الميدانية.

إنشرها