FINANCIAL TIMES

«بيتكوين» .. عملة مستقبل عريض أم موجة مضاربة قصيرة العمر؟

«بيتكوين» .. عملة مستقبل عريض أم موجة مضاربة قصيرة العمر؟

فقاعات المضاربة تؤدي إلى حالات الانهيار نتيجة المضاربة، وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان هذا هو الانهيار.
بطريقة ما، تمكنت الـ"بيتكوين" التي باتت رمزاً لسلسلة من العملات المشفرة، من أن تنهار بمقدار الثلث، ثم تسترجع من قيمتها الثلث، خلال أقل من 24 ساعة. هذا أمر لا يقبله العقل.
أي شخص اشتراها في بداية العام الماضي، لا يزال يُمسك بمكاسب تبلغ أكثر من عشرة أضعافها، إلا أن التقلبات من هذا القبيل مثيرة للفزع، وينبغي أن تكثف الشكوك حول ما إذا كان يمكن استخدامها كعملة.
كانت هناك محاولة من قبل كثير من الباحثين والوسطاء في التيار الرئيسي لإخضاع عالم هذه العملة المشفرة إلى نفس تقنيات التنبؤ التي يستخدمونها للسندات والأسهم.

العملات المشفّرة موضوع الألفية

تخيل دار أبحاث مرموقة تعلن أن استهدافها مؤشر أسهم كبيرا بعد ستة أشهر من الآن، سيرتفع من 11500 إلى 20 ألفا، ثم تتحوط بالقول إنه قد يكون هناك تصحيح بنسبة 40 في المائة؛ (أي ما يعادل واحدا من أسوأ ست أسواق صاعدة ضمن صناعة الأسهم الأمريكية).
هذه الأشياء لا يمكن أن تحدث إلا في سوق غير ناضجة وتفتقر إلى الكفاءة، تكون واقعة في قبضة فقاعة مضاربة.

حول القيمة الحقيقية للعملة المشفّرة؟
حتى أكون واضحا، وقبل أن تصلني كومة رسائل الإيميل الغاضبة التي تقول لي إني عاجز عن فهم طبيعة البلوكتشين، أقول إن من الممكن تماما بالنسبة لتكنولوجيا لديها مستقبل رائع أن تكون واقعة في قبضة فقاعة مضاربات. الواقع أن هذا الأمر يحدث في أحيان كثيرة.
باختصار، سوق الـ"بيتكوين" هي دراسة حالة رائعة في الغموض والمشاعر الحدسية، وهي توفر معلومات لا تقدر بثمن حول كيفية قيام ملايين العقول البشرية بمعالجة المحفزات المقبلة، في هذه الحالة، من قبول الجمهور، والخيال، والابتكار، المحيط بالعملات المشفرة.
هذا أمر رائع من منظور نفسي وعصبي، لكنه لا يقوم على أساس متين في علم الاقتصاد. لا عجب أن سوق الـ"بيتكوين" تتسم بهذا القدر الكبير من الفوضى والاضطراب.
السيولة الأكبر - القدرة على شراء وبيع كميات كبيرة من إحدى العملات المشفرة دون التأثير بشكل جوهري في سعرها – التي يتمتع بها الـ"بيتكوين" والعملات النقدية الأخرى بكميات كبيرة في التداول لا تشكل قيمة حقيقية؛ لأن العملات نفسها ليست لها قيمة مادية.
أي أن القدرة على الشراء أو البيع بسهولة لكميات كبيرة من لا شيء لا تمثل قيمة اقتصادية تذكر.
مخططات التحايل بونزي تنهار حتما عندما لا تعود النقدية الواردة من المستثمرين كافية لتحويل الأصول غير النقدية إلى نقدية للمستثمرين السابقين ودفع "الربح" لهم، أيضا.
عادة يحدث الانهيار عندما يحاول عدد كاف من المستثمرين المتوترين فجأة أن يقبضوا قيمة استثماراتهم، الأمر الذي يؤدي إلى امتصاص كل النقدية الموجودة لدى المشغل. وبمجرد إعسار المشغل عن تقديم المدفوعات عند الطلب أو عند حلول التاريخ الموعود، تنتهي اللعبة ولا يعود هناك وجود لمخطط بونزي.
هناك مشكلة أساسية في محاولة اختيار قاع لـ"البيتكوين". عندما يتراجع أحد الأسهم بشكل حاد، يمكنك أن تسأل ما هو الثمن الذي يبرره مورد الأرباح المستقبلية المتوقعة، الذي سيحدد في نهاية المطاف نوعا ما من سعر القاع.
وبالمثل، لا يمكن أن تنخفض أسعار السندات بشكل دائم إذا كان هناك تدفق مستمر للمدفوعات التي تقوم عليها.
القيمة الأساسية لـ"البيتكوين" تعتمد فقط على ما ينوي المشتري المقبل لعبه. يمكن للمرء أن يقيم جميع أنواع القياس بين الـ"بيتكوين" والذهب، ولكن إذا كنت تقول إن المقارنة ذات الصلة هي بين إجمالي العرض المحتمل للعملات المشفرة (الذي هو عمليا عرض لا نهائي، على الرغم من أنه ربما يكون محدودا في مرحلة ما بسبب الأضرار البيئية التي تسببها) وللذهب، فإن توازن السعر النسبي منخفض جدا.
السيولة في اتجاهين تبدو سيئة للغاية. تشير سرعة كل من الارتفاع والهبوط إلى أن وجود اختلال صغير في توازن الشراء والبيع على أساس الاتجاه المستقبلي يمكن أن يكون له تأثير غير متناسب في السعر.
وبالتالي، فمن المهم جدا للمالكين الحاليين أن تواصل التجزئة عملية الشراء. يبدو أن هناك كمية لا بأس بها من المبادلة من محفظة إلى أخرى، ولكن هذا يعزز فقط أرقام النشاط.
بمجرد أن يكون لديك "بيتكوين" خاصة بك ليس هناك كثير مما يمكنك القيام به باستخدامها. الوقت الذي تستغرقه للتحقق من معاملة ما طويل جدا بحيث تصبح البيتزا التي ستتناولها باردة بحلول الوقت الذي يتم فيه التحقق من ملكيتك للعملة وتدفع للمطعم الذي صنع البيتزا.
لذلك ربما يمكنك شراء منزل، ولكن ليس من المرجح أنك ستشتري صحيفة. وبالنظر إلى التقلب، كان من الأفضل على بائع المنزل أن يحرص على قبض قيمة الـ"بيتكوين" نقدا. هذا العيب ربما يعمل على إلغاء ميزة المحرك الأولي لـ"البيتكوين".
المنافسة تزداد قوة. مصدر قلقي الرئيس هو أن عرض العملات المشفرة يتمتع بمرونة لانهائية عند تكلفة هامشية منخفضة جدا. الشيء الجميل حول البدء بعملة مشفرة جديدة هو أنك تحصل على حصة هائلة من التكلفة الاقتصادية لإنتاج العملة. هذا الأمر مهم تماما بحيث إن المصدرين ليسوا على استعداد للاعتراف به. معظم العملات المشفرة لديها مجاميع ملكية مركزة جدا، وهناك تقديرات بأن 50 في المائة من الـ"بيتكوين" يحتفظ بها 1 في المائة من الملاك.
لذلك فمن المغري كثيرا إدخال العملة في وقت مبكر أو إصدار عملة جديدة بدلا من الدخول في وقت متأخر في عملة أخرى. هذا يعمل على استنزاف طبيعي للسوق.
من المحتمل أن يشتري أصحاب الـ"بيتكوين" الكبار الحاليون بمجرد استقرار الأسعار. لا أعتقد أن هذا هو نهاية البيتكوين.
من غير المحتمل أن يشاهد الأفراد الذين لديهم حصة ملكية كبيرة ثرواتهم الورقية تختفي. وكثير منهم متداولون لديهم خبرة واسعة. بمجرد قيام الأنفس الضعيفة بالبيع، فإن الأمر لن يستغرق كثيرا من الوقت للشراء لرفع السعر مرة أخرى.
الأمر المهم بالنسبة للمالكين الحاليين هو صناعة عقلية "شراء عند انخفاض السعر" لتعويض عقلية المخاطر الهبوطية العالية التي ستظهر إذا ما استمرت الأسعار في الانخفاض أو حتى الاستقرار عند 30 في المائة فوق أعلى ارتفاع، حيث تكون هناك مجموعة من المستثمرين المتضررين على الهامش. قد يكون الدرس للمالكين الحاليين الأمل أن يكون الارتفاع القادم قويا بما فيه الكفاية للسماح لهم حينها بقبض المال النقدي بهدوء.
أظل متشككا. نحن نحتاج إلى أزمة مالية عالمية أخرى لإقناع الأسر والمستثمرين بأن هناك حاجة حقيقية إلى دفاتر الأستاذ التوزيعية والعملات المشفرة الخاصة.
وفي الوقت نفسه، هناك كثير من العرض فوق الحد، واستخدامات قليلة دون الحد، وإغراء كبير فوق الحد للحكومات للدخول في هذه اللعبة. ارتفعت الرسملة السوقية لجميع العملات المشفرة من نحو 18 مليار دولار في بداية العام إلى 420 مليار دولار اليوم، حتى مع انخفاض الأسعار - فهذه تكلفة اقتصادية لإنتاج العملة كان من الممكن للحكومات أن تقوم بتحصيلها. هذا من شأنه أن يعوض عن نحو 30 في المائة من خسائر الإيرادات الناتجة عن قانون الضرائب الأخير. لذلك هناك إغراء فوق الحد على نحو لا تستطيع الحكومات أن تقاومه.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES