Author

سكني 2018

|
تبشر وزارة الإسكان بعام فريد يتمكن خلاله 300 ألف مواطن من الحصول على مساكن. هذا الرقم الرائع يجعلني من المتفائلين بأن حل الأزمة قادم "لا محالة". إن تمكين ما يقارب 20 في المائة من مستحقي الإسكان في عام واحد إنجاز مهم، لكنه لا بد أن يحقق مجموعة أخرى من المتطلبات. أغلب من عرضت عليهم الفرص المتاحة لم يجدوا فيها ما يحقق لهم الراحة النفسية، ويضمن انضمامهم لمواكب الساكنين الجدد. الشكاوى مختلفة وأغلبها يتعلق بالتصميم والتمويل وهما العنصران الأهم اللذان يجب أن يشغلا الوزارة ومخططيها. صحيح أن هناك تفكيرا في تغيير النمط السكني القائم اليوم، وقد يكون هذا متزامنا مع نمط معيشي مختلف يناسب مفاهيم الأسرة في العصر القادم. أهم مميزات النمط المعيشي الجديد، حجم العائلة الذي يستمر في التراجع مع الوقت مؤشرا لمجموعة من التوجهات الجديدة التي تتبناها الأسر. توجهات تحكمها الاحتياجات والتحديات في الوقت نفسه. الأسرة التي تدفع بأطفالها اليوم إلى التعليم في المدارس العالمية، حيث تزيد تكلفة الطفل الواحد على 50 ألف ريال في العام، تحتاج إلى توفير كثير مما كانت تصرفه في السابق، وسيكون أول ما يتأثر هو فواتير السكن. يأتي في الإطار نفسه التعلق الجديد بأساليب مختلفة من المتعة التي كانت في السابق من البراءة، حيث لا تكلف شيئا لدى أغلب الأسر، هنا يتعلق الصغار بأجهزة ذات تكلفة عالية وتنتظر الأسرة الفرصة للخروج من البلاد في الصيف والأعياد والإجازات، ما يضع مزيدا من الضغط على ميزانيتها. عندما تترسخ هذه الأنماط المعيشية وتتحول الأسر إلى تلك المفاهيم بشكل جارف، سيكون حجم الأسرة مختلفا ومعه حجم الموقع الذي تعيش فيه، بل إنها ستبحث عن السكن في مواقع أكثر اكتظاظا بما يضمن لها الإحساس بالأمان أكثر من تلك التي كان السابقون يحاولون أن يعيشوا فيها بعيدا عن الآخرين لممارسة ما يحلو لهم من الهوايات والممارسات ذات الطابع الذي يميل إلى "الإسراف". عندها فقط سيتنفس من يحاولون أن يفرضوا الفكر الجديد والأنماط الحديثة في المساكن الصعداء، لكنهم لن يجدوا من الناس من يتنازل عن الجودة في المساكن، والدقة في التصميم وهي أمور يجب أن تأخذ حقها من العناية خصوصا مع تطور العلم ووفرة المعلومات والتواصل العالمي المسيطر حاليا.
إنشرها