FINANCIAL TIMES

ارتفاع عملة منافسة لـ «بيتكوين» يثير قلق المصارف

ارتفاع عملة منافسة لـ «بيتكوين» يثير قلق المصارف

في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تفاخرت شركة موجودة منذ خمسة أعوام تُدعى ريبل، بأنها واحدة من "الشركات الناشئة الأكثر قيمة في أمريكا ... بعد شركات أوبر، وإيربنب، وبالانتير، وويويرك".
على الرغم من أن أعمالها الأساسية في تكنولوجيا التمويل لم تفعل الكثير من التعطيل حتى الآن، إلا أن جنون العملات المشفرة كان يزيد من قيمة إكس آر بي، العملة الرقمية التي أنشأها مؤسسو ريبل التي لا تزال الشركة تُسيطر على إمداداتها.
ارتفع سعر عملة إكس آر بي بنسبة 36 ألف في المائة خلال عام 2017، على نحو يتحدى القيمة السوقية لعملة البتكوين، ما منح شركة ريبل مخزونا من عملة إكس آر بي بقيمة 200 مليار دولار بحلول عيد الميلاد.
"إكس آر بي" عملة مشفرة تختلف عن المجموع. على عكس عملة بيتكوين اللامركزية الثورية، التي نشأت بعد الأزمة المالية وسط عدم الثقة من المصارف، ومن المفترض أن تقوم إكس آر بي بتليين مفاصل البنية التحية المصرفية المتصدعة، جزء من تكنولوجيا تمويل داعمة تُقدمها شركة ريبل القائمة في سان فرانسسكو.
براد جارلينجهاوس، رئيسها التنفيذي، وصف عملة إكس آر بي بأنها "حل السيولة العالمي لمقدمي خدمات الدفع والمصارف".
إلا أن عملة ريبل المشفرة ذات البطة الذهبية، التي ارتفع سعرها الآن، تُثير أسئلة غريبة. في حين أن حلولها التكنولوجية المنفصلة لتسوية الدفع السريع تُثير إعجاب بعض الممولين، إلا أن تقلب إكس آر بي، ومُلكية ريبل لأكثر من نصف عملة إكس آر بي التي أُنشئت على الإطلاق، والبالغة 100 مليار، أثار قلق المصارف التي كان يرجو المبشرون أنها ستعتمد أصول العملة المعنية، كعملة انتقالية.
تريد شركة ريبل أن تحل محل شبكة سويفت الدولية، التي تربط نحو 11 ألف مصرف في أنحاء العالم. وتعد بتسريع الدفعات عبر الحدود باستخدام دفتر حسابات موزّع، أو بلوكتشين، أي التقنية التي تُدير الرسائل بين المصارف، وفي الوقت نفسه توفير عملة إكس آر بي كعملة انتقالية رخيصة وعالمية، لتقليص حسابات نوسترو وفوسترو المُكلفة للمراسلات التقليدية للخدمات المصرفية.
لنُفكر بعملة إكس آر بي بأنها "مثل الزيت الذي نضعه في محرك السيارة"، كما يقول جريج كيد، كبير الإداريين للمخاطر السابق في شركة ريبل الذي يُدير شركة سينثيتيك ليكويديتي (السيولة الاصطناعية)، شركة تقديم السيولة التي تُجرّب عملة إكس آر بي عن طريق نقل مبالغ صغيرة. وهو يُضيف أن "المصارف لا ينبغي أن تحتاج إلى الكثير".
بعض المضاربين يراهنون على أن المصارف ستحتاج إلى كثير من زيت عملة إكس آر بي كعملة احتياطية، الأمر، الذي إذا كان صحيحاً، سيرى عملة إكس آر بي تلوح بشكل كبير في أفق النظام المالي العالمي.
ما إذا كانت المصارف غير مقتنعة أنها بحاجة إلى امتلاك كميات كبيرة من عملة إكس آر بي - التي لا تتطلبها أنظمة ريبل لإرسال وتسيير معاملات الدفعات - فإن إجمالي قيمة السوق البالغة الآن 60 مليار دولار من تداول عملة عملة إكس آر بي تبدو مضارِبة للغاية.
تقول الشركة الناشئة لبرنامج الشركات إن أكثر من 100 مؤسسة مالية اعتمدت على الأقل مُنتجا واحدا من شركة ريبل.
أعلنت شركة ريبل أخيراً عن مشروع تجريبي آخر مع مجموعة تحويل الأموال مانيجرام، الذي سينطوي على عملة إكس آر بي، لكن في حين أنها طنطنت عن مشاريع حية مع بنك سانتاندر، الذي هو مستثمر في شركتي ريبل، وأمريكان إكسبرس، إلا أن هناك آخرين ترددوا في الانتقال إلى ما وراء الاختبارات.
تحدثت صحيفة فاينانشيال تايمز مع 16 مصرفا وشركة خدمات مالية مرتبطة علناً بشركة ريبل (هناك شركتان غيرهما رفضتا التعليق). معظم هذه المؤسسات لم يتجاوز مرحلة الاختبارات بعد، لكن بعضها كان يستخدم أنظمة شركة ريبل لنقل أموال حقيقية.
على سبيل المثال، مصرف إس إي بي السويدي يقول إنه استخدم برنامج ريبل من أجل الدفعات السريعة عبر الحدود، بين الحسابات التي يملكها بعض من عملائه من الشركات. قريباً، من المتوقع أن يطلق مصرف سانتاندر تطبيق دفعات عبر الحدود يستخدم تكنولوجيا شركة ريبل إلى عملاء في أوروبا وأمريكا.
على أنه لم يكن هناك مصرف تحدثت معه صحيفة فاينانشيال تايمز استخدم عملة إكس آر بي.
بنك سي بي دبليو القائم في كنساس كان أحد المصارف الشريكة الأولى التي أعلنت عنها شركة ريبل في عام 2014. إلا أن سوريش رامامورثي، رئيس مجلس إدارة بنك سي بي دبليو، يقول إن المصرف وضع خطط استخدام أنظمة ريبل جانباً إلى أن تُصبح التوجيهات التنظيمية أوضح.
يُضيف رامامورثي أن بعض المصارف تبتعد عن العملات الرقمية مثل إكس آر بي خوفاً من أن تكون "الضحية الأولى".
هانك أوبيروي، الرئيس التنفيذي لشركة إيرثبورت المتخصصة بالدفعات عبر الحدود، يعمل مع شركة ريبل لتُقدما معاً خدماتهما للمؤسسات المالية. ويقول: "المصارف مترددة باستخدام عملة إكس آر بي لأنها غير متأكدة من جوانبها التنظيمية. إذا كان المال خلال مرحلة التحويل من جهة إلى أخرى وانهار سعر عملة إكس آر بي في ذلك الوقت، ماذا يحدث عندها؟"
يُضيف أوبيروي أن مشكلة شركة ريبل الأخرى كانت تأمين اشتراك عدد كاف من المصارف للحصول على الحجم المناسب لمنافسة سويفت. ويقول: "هي ذات قيمة فحسب إذا كان الجميع متصلاً بالشبكة - مثل جهاز الفاكس، إذا لم يملك الآخرون جهازا، فإنه من دون فائدة".
تقول شركة ريبل: "تمكين إنترنت القيمة ليس شيئاً يُمكننا القيام به بمفردنا وهو ليس شيئاً يحدث بين عشية وضحاها".
موظف سابق، غادر في العام الماضي، يقول إن ريبل كانت في بعض الأحيان متسرعة في الإعلان أن المصارف تستخدم التقنية نفسها، حتى وإن كانت تختبر عددا من حلول البلوكتشين. الموظف السابق يصف هذا بأنه "تكتيك للنجاة".
تقول شركة ريبل إن "هناك نظاما بيئيا حيويا ومتناميا من الناس والشركات ... مهتم بعملة إكس آر بي". وتقول إن بنك كواليكس المكسيكي يستخدم عملة إكس آر بي.
قلق المصرفيين من أن شركة ريبل يمكن أن تحوِّل مخزونها من عملة إكس آر بي إلى نقدية دفعها أخيراً إلى حجز 55 مليار من عملة إكس آر بي، وتعد بتنظيم الإمدادات من خلال عدم إصدار أكثر من مليار وحدة من إكس آر بي كل شهر.
بغض النظر عما إذا كانت المصارف تستخدمها، استفادت شركة ريبل بشكل رائع من ارتفاع عملة إكس آر بي. حيث تبيع شركة ريبل عملة إكس آر بي إلى المؤسسات ومن خلال البورصات - ما قيمته 52.2 مليون دولار في الربع الثالث من العام الماضي، بارتفاع بنسبة 67 في المائة من 31.3 مليون في الربع السابق. وتُعلن عن خصومات لصنّاع السوق الذين يعتمدونها في وقت مبكر، لزيادة مجموعة المشترين والبائعين من المؤسسات.
يأخذ بعض الموظفين عملة إكس آر بي كجزء من رواتبهم، ومؤسسو شركة ريبل يتمتعون بالانتعاش الكبير. أعلنت مجلة فوربس أن كريس لارسن، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي السابق، يملك شخصياً 5.19 مليار من عملة إكس آر بي. وفقاً لشركة تعقب العملات الرقمية كوين ماركيت كاب، فإن مقتنيات لارسن من العملة في الوقت الحاضر تساوي أكثر من ثمانية مليارات دولار.
منذ قيام شركة ريبل بمقارنة نفسها بشركتي أوبر وإيربنب، وصل سعر عملة إكس آر بي إلى مستويات مرتفعة بلغت 3.80 دولار، لكنه انخفض أيضاً إلى أعلى قليلاً من دولار قبل الارتفاع مرة أخرى هذا الأسبوع، حيث التقلب هو علامة على المضاربة في أسواق العملات المشفرة.
عندما أزالت شركة كوين ماركيت كاب البورصات الكورية من حساباتها للرسملة السوقية يوم الإثنين الماضي الماضي، انخفضت الرسملة السوقية لشركة ريبل من 124 مليار دولار إلى 101 مليار دولار، ما يعكس تأثير كوريا الجنوبية الصاعد على عملة إكس آر بي، وتسبب بعملية بيع ناتجة عن الذعر.
استجاب سعر عملة إكس آر بي المتقلب بحماس للأخبار ذات المصدر المشكوك به، ليرتفع في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وسط شائعات تَبيَّن زيفها في وقت لاحق أن عملة إكس آر بي ستُدرج في منصة تداول رئيسة للعملات المشفرة، وقد ارتفعت أخيراً بنسبة 20 في المائة، بعد تقرير مجهول غير مؤكد يُشير إلى أن شركة ويسترن يونيون قد تعتمد تقنية شركة ريبل.
كتب إريك تيرنر، وهو محلل لدى وحدة "تحليلات السوق العالمية" لدى وكالة ستاندرد آند بورز، إن تقلبات الأسعار الجامحة التي تمر بها عملة إكس آر بي "يبدو أنها تمثل المزيج التام، بين المبالغات بشأن العملات الرقمية وبين التفاؤل".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES